الساسانيون الجدد واعادة أحلام الامبراطورية الفارسية د. سعيد البرواري
نڤێسەر:
الساسانيون الجدد
واعادة أحلام الامبراطورية الساسانية / الفارسية
د. سعيد سليمان البرواري
ان تصريحات مستشار رئيس الجمهورية الايرانية للشؤون الدينية والاقليات، المدعو (علي يونسي) في (منتدى الهوية الايرانية)، وفقا لوكالة (إسنا) للطلبة الايرانيين، في 8/3/2015م، حول عائدية (العراق) لبلاد فارس، وان شعوب المنطقة تُعدُّ جزءاً من الامبراطورية الايرانية، واعتبار (بغداد) عاصمةً لها، كما كانت في السابق، وقوله صراحة: "أنّ ايران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"، وقوله أيضاً: "أن كل منطقة الشرق الاوسط إيرانية، وإن جغرافية ايران والعراق غير قابلة للتجزئة... واننا سندافع عن كل شعوب هذه المنطقة لأننا نعتبرهم جزءا من ايران". فيها من الحقيقة الكثير، والواقع الذي تمر بها المنطقة أكبر دليل على ذلك.
عليه، ينبغي على جميع شعوب المنطقة، من (الكرد)، و(العرب)، و(البلوج)، و(التركمان)، و(الآذريين)، و(الترك)، و(الأرمن)، وحتى (الجورجيين)، أخذ هذه التصريحات بنظر الاعتبار، وانتظار ما هو الأسوأ والأخطر على وجودها من قبل (الساسانيين الجدد)، الذي يحكمون ايران حالياً، وتحت عباءة (ولاية الفقيه)، وفق البدعة التي دعا اليها (آية الله الخميني/ ت 1989)، وطبقها أثناء سيطرته على (ايران) عام 1979م!!. (ولاية الفقيه: وهي فكرة وبدعة تقول: (بأن ولاية الأمر وإمامة الأمة في زمن غيبة الامام المهدي – الامام الثاني عشر عند الشيعة الامامية- تكون بيد الولي الفقيه). وقد فنّد الشيخ (محمد جواد مغنية) –عالم شيعي لبناني- آراء وأفكار الخميني، وخاصة فكرة (ولاية الفقيه)، وفقاً للقرآن الكريم والأحاديث النبوية، في كتابه (ولاية القضية أو الحكومة الاسلامية).
فــ(العراق) اليوم، وبعد حرب الخليج الثالثة عام 2003م، أصبح فريسةً بين أنياب الوحش الايراني، وبعد الانسحاب الامريكي، كادَت ايران أن تعلن بأن (العراق) محافظة ايرانية مثل (خوزستان).
ولا عجب في ذلك، فايران تتحكم في مفاصل الدولة في العراق، من خلال أتباعها (= الاحزاب الشيعية الاصولية)، الذين يسيطرون اليوم على سدة الحكم، وتدير المعارك في محافظات الوسط والشمال العراقي – ديالى وكركوك وصلاح الدين وحزام بغداد – وبشكل علني، ضد ما يسمى بتنظيم الدولة (داعش) الارهابي. الذي ظهر بسبب التهميش والاذلال الذي تعرض له أهل السنة في العراق خلال أكثر من عقد.
وتواجد القيادات العسكرية، أمثال (قاسم سليماني) رئيس فيلق القدس، والعديد من المستشارين والقادة العسكريين، مع مجاميع من (الحرس الثوري الايراني)، في ساحات المعارك، لا لبس فيه، ولا غبار عليه.
أما كون (بغداد) العاصمة القديمة الجديدة للامبراطورية الفارسية كما يصرح بذلك المدعو (علي يونسي) وعلى الملأ وبدون خوف ولا خجل، يعيد الى الاذهان مدينة (طيسفون) التي كانت عاصمة للامبراطورية الساسانية، والتي تقع أطلالها حاليا جنوب شرق مدينة (بغداد) بمسافة (30كم) تقريبا، وتسمى بـ(طاق - ايوان كسرى)، أو (المدائن) - وهي صيغة الجمع بالعربية للفظة (المدينة)؛ لأنها كانت تتألف من عدة مدن أو ضواحٍ كبرى -. أو (سلمان باك) نسبة الى الصحابي (سلمان الفارسي).
وكما نرى فان (لبنان)، يسيطر عليه (حزب الله) الذي يؤمن بـ(ولاية الفقيه)، والذي قد بايع المرشد الاعلى للثورة الاسلامية الايرانية (علي الخامنئي)، وهو يتبع الأوامر والتوجيهات الصادرة من المرجعية الدينية التي يؤمن بها، والتي تتخطى الحدود الدولية. فلا سلطة للدولة اللبنانية عليه، ولا هو يبالي بحكومتها، ولا يعطيها أي اعتبار، حتى وصل الأمر ببعض القادة المسيحيين الى الارتماء في حضن أتباع ولاية الفقيه (=حزب الله)، وتنكروا لهويتهم اللبنانية، فالآمر والناهي في لبنان اليوم، هي سلطة (ولاية الفقيه) في (ايران)!!.
وكذلك (سوريا)، التي أصبحت اليوم محمية ايرانية تجوبها الميليشيات الشيعية القادمة من العراق، ولبنان، واليمن، وحتى من افغانستان وباكستان، وتحت اشراف وادارة الحرس الثوري الايراني.
أما (البحرين)، فالسلطات الايرانية تتعامل معها على أنها محافظة ايرانية، وتردَّد ذلك في أروقة الحكم في طهران تكراراً ومراراً؛ ولولا دخول قوات (درع الجزيرة) اليها في الوقت المناسب، لكانت الأمور تسير وفق ما نراه اليوم في سوريا واليمن.
وبخصوص (الجزر الاماراتية الثلاث)، - والتي تحتلها ايران، منذ أكثر من أربعين سنة، عائديتها اليوم تتبع محافظة (هرمزكان) الايرانية المطلة على الخليج الفارسي (العربي) - قد أصبحت في طي النسيان، وأنى لدولة مثل الامارات العربية المتحدة المطالبة بها، أمامَ التغوُّل الايراني اليوم، والمدعوم من بعض القوى العالمية، وتواطؤ قوى أخرى، بحجة الحفاظ على التوازنات الاقليمية (= الصراع بين أهل السنة والشيعة)، والدولية (=الصراع بين القوى الكبرى على المنطقة، وتقسيم مناطق النفوذ فيما بينهم)، والحفاظ على مصالحها في المنطقة.
أما (اليمن)، فبعد الانقلاب الحوثي فيها، المدعوم ايرانياً، قد أصبحت محمية ساسانية من جديد، كما كانت في السابق، قبل مجيء الاسلام في القرن السابع الميلادي، وقد أكد أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني، المدعو (علي شمخاني) هذا الأمر بقوله: "أن ايران باتت الآن على ضفاف المتوسط" [اشارة الى سيطرتهم على الشواطئ السورية واللبنانية، وتابعيتها لايران]، "وباب المندب" [اشارة الى سيطرتهم على شواطئ اليمن الغربية والجنوبية المطلة على باب المندب بين البحر الاحمر والمحيط الهندي، وتابعيتها لإيران]، طبعا بعد الانقلاب الحوثي، وبتواطؤ من قبل بعض الانظمة العربية، وأتباع الرئيس المخلوع (علي عبد الله صالح) -، وهذا لا يحتاج الى الكثير من التحليل أو المناقشة، فالأمر واضح وضوح الشمس، والكلمات تعبِّر وبشكل لا لبس فيها ولا غموض .. فهذا التصريح جاء في (10/3/2015م) أي بعد يومين من تصريح المدعو (علي يونسي) مستشار رئيس الجمهورية الايرانية، الآنف الذكر.
وفيما يتعلق الأمر بــ(المملكة العربية السعودية)، فقد أصبحت بين فكي كماشة ايران، فمن الشمال الشرقي حيث العراق الشيعي!!، ومن الجنوب اليمن الحوثي!!، ومن الشرق فايران هي التي تتحكم بمضيق هرمز، وباستطاعتها احداث مشاكل في هذا الممر المائي، بحيث تؤثر على تدفق أكثر من نصف انتاج العالم من النفط الخام. وتقوم بالتدخل في الشؤون الداخلية للمملكة، وذلك بتحريض الاقلية الشيعية في شرقها، للقيام بأعمال العنف واثارة المشاكل لزعزعة الأمن والاستقرار فيها.
وأما (تركيا) وريثة الدولة العثمانية، والتي كان بينها وجارتها ايران وخاصة على عهد السلالات الصفوية والافشارية والقاجارية صراعات ومعارك محتدمة على العراق وكوردستان وآذربيجان والقوقاس طيلة أربعة قرون؛ فانها لم تنس هذا الصراع التاريخي فقامت بالتدخل في شؤون الجمهورية التركية، من خلال دعم بعض التيارات والأحزاب الاسلامية والعلمانية على حد سواء، وتحريض ودعم بعض الاقليات العرقية والمذهبية. وذلك لزعزعة الأمن والاستقرار فيها، والثأر والانتقام لما قد حصل في السابق من انتصارات للسلاطين العثمانيين. فلها ايادٍ خفية، ودور في الكثير من الاضطرابات واثارة القلاقل فيها.
وأما بالنسبة لـــ(جمهورية آذربيجان)، فقد نالت الأمرّين من التدخل الايراني في شؤونها الداخلية، فدعمت غريمتها التقليدية (أرمينيا)، وذلك في الحرب الدائرة بينهما حول عائدية منطقة (ناكورني قرباغ)، الواقعة ضمن أراضي جمهورية آذربيجان، وحسب ترسيم الحدود القائمة أيام جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. فضلا عن ذلك فان ايران تتوجس من سكان آذربيجان ذوي الأصول التركية من ناحية العرق، رغم أن غالبية سكان آذربيجان هم من (الشيعة).
وأما بخصوص (أفغانستان)، فاللاجئون الافغانيون الذين التجأوا الى ايران هرباً من الجيش السوفيتي السابق ابان احتلالهم لافغانستان في نهاية عقد السبعينيات من القرن العشرين، وفيما بعد بسبب الحروب الاهلية بين الاحزاب والمكونات القومية الافغانية بعد التدخل الامريكي عام 2001م، فقد أصبحوا طعما ووقوداً للسياسات الايرانية، من خلال ارسالهم الى جبهات القتال أثناء الحرب العراقية الايرانية (1980 – 1988م)، وفيما بعد ارسالهم الى مناطق النزاع العربية في سوريا ولبنان والعراق، فضلاً عن التدخل السافر في شؤونها من خلال دعم طائفة الهزارة (الشيعية)، ورفع سقف مطاليبها الى حد جعلها موازية للمكونات الرئيسة، مثل: البشتون والاوزبك والطاجيك.
وفيما يتعلق بـ(جمهورية باكستان)، فقد ابتدأ التدخل الايراني في شؤونها بُعيد وصول (الخميني) الى سدة الحكم، عن طريق تشكيل احزاب شيعية أصولية بين أبناء الاقلية الشيعية في باكستان ودعمها بالمال والسلاح؛ لخلق بؤر توتر داخل النسيج الاجتماعي الباكستاني، فالتوترات الطائفية ازدادت ونمت أكثر بفعل سياسة تصدير الثورة الايرانية.
وأما الجمهوريات الاسلامية في آسيا الوسطى، ومنها: (تركمانستان واوزبكستان وطاجيكستان)، والتي تقع في الشمال الشرقي من ايران، فان السلطات في طهران حاولت ملء الفراغ الناشئ بانسحاب الاتحاد السوفيتي منها، وبسبب فشل النظرية الشيوعية وانحسارها، مع ضعف وانكماش اقتصاد هذه الدول المستقلة حديثا، فان ايران حاولت بسط نفوذها من خلال تقديم بعض المساعدات لها المغلفة بالتبشير الشيعي، ودعم الثقافة الفارسية في جمهورية طاجيكستان حصراً لكونها اللغة الرسمية للبلاد، فمع كون هذه الدول سنية المذهب ووفق (المذهب الحنفي) فان ايران وبسياساتها وخططتها الاقتصادية والثقافية استطاعت ايجاد موضع قدم لها في تلك البلدان، يكون بمثابة طابور خامس لها في قادم الايام.
وما ذُكِر آنفاً يدل على النوايا السيئة للسلطات الحاكمة في طهران، تجاه دول المنطقة وشعوبها.
وهو دليل على كيفية تفكير القادة والسياسيين الايرانيين الذين تحدوهم الرغبة في فكرة اعادة الأمجاد والأحلام الأمبراطورية للشعب الفارسي، وسيطرتها على عقولهم من خلال اسقاطها على الواقع المعاصر، وان سياساتهم ومؤامراتهم، تتم ببسط نفوذهم، من خلال الخلايا النائمة (= التنظيمات الشيعية الاصولية) في هذه الدول، وتحريكها عن طريق ما يسمى بـ(تصدير الثورة)، ونشر فكرة (ولاية الفقيه)؛ للاستحواذ على الامكانيات المادية والمعنوية للطوائف الشيعية في هذه البلدان، واستغلالها من أجل تحقيق أهدافهم الامبراطورية التوسعية المغلفة باللباس الديني (=المذهبي)، رغم معارضة العديد من المرجعيات الشيعية التقليدية لنفوذ (ولاية الفقيه)، على استحياء.
وكما هو معلوم فإن القادة الايرانيين يتراجعون في الكثير من الاوقات عن نزعتهم المذهبية عندما تتقاطع مع مصالحهم القومية، وكما هو حاصل مع (آذربيجان) كما ورد آنفا، فالمصالح العليا، والحفاظ على الأمن القومي الايراني، يأتي في الدرجة الأولى من الأهمية بالنسبة لهم.
ومن خلال دراسة الخلفيات التاريخية، وسيطرة التوجه القومي الفارسي، والتعلق بالأمجاد والأحلام الامبراطورية، وتشرُّب ذلك في نفوسهم، وتأثيره على نمط تفكيرهم، وخاصة من قبل القادة والسياسيين الايرانيين في السابق، وكم هو حاصل اليوم، يظهر بأن الحقد والعداء والكراهية، والشعور بالاستعلاء والأحقية في الحكم والسيطرة نابعة من النظرة العنصرية القومية لكل ما هو متعلق بسقوط واندحار امبراطوريتهم العتيدة (الامبراطورية الساسانية)، وتأثير ذلك حتى على النمط الديني المختار لديهم.
وقد وضّح ذلك وبصراحة فائقة المستشرق البريطاني (ارنولد براون: ت 1930م) المختص بتاريخ ايران وآدابها، في كتابه (تاريخ الأدب في ايران) عند حديثه عن سبب تسلية أهل (بلاد فارس)، بالسباب واللعن على الصحابة، وخاصة (عمر بن الخطاب) – في (ج1، ص217)، فقال: "من أهم أسباب عداوة (أهل ايران) للخليفة الراشد، الثاني، (عمر)، هو أنه فتح العجم، وكسر شوكته، غير أنهم [= أهل إيران] أعطوا لعدائهم صِبغة دينية، مذهبية، وليس هذا من الحقيقة شيء". وفي موضع آخر بيّن وبشكل واضح أكثر من هذا، في (ج4، ص49)، فقال: " ليس عداوة إيران وأهلها لــ(عمر بن الخطاب) بأنه – أي عمر – غصَبَ حقوقَ عليٍّ وفاطمة؛ بل لأنه فتح (إيران) وقضى على الأسرة الساسانية - ثم ذكر هذا المستشرق أبياتاً لشاعر فارسي ما نصها في (اللغة الفارسية) -:
بشكست عمــــر بشـت هزبـــــــــران اجـــم را
بـربـــاد فنـــا داد رك و ريشــــــــــــه جـــم را
اين عريده بـر غصب خلافت ز علي نيســــت
بــا آل عمــــــر كينــه قديــــم است عجـــم را
وترجمتها الى العربية يعني:
أن عمـــر كسَر ظهور أسود العرنين المفترسة
واستأصل جذور آل جمشيد (ملك من أعاظم ملوك فارس)
ليس الجدال على أن عمر غصَب الخلافة من علي
بل إن المسألة قديمة يوم فتح بلاد العجم (أي ايران) !!"
فالأمر واضح، ففي خلافة (عمر بن الخطاب) هَزَمَت جيوش الصحابة، بقيادة سعد بن أبي وقاص الامبراطورية الساسانية في معركة القادسية عام (636م)، وسقطت عاصمتهم (طيسفون) بأيديهم في عام (637م)، وانضمت (بلاد فارس) لدولته بعد معركة نهاوند الحاسمة في عام (642م)، وقتل ملكهم (يزدجرد الثالث) في عام (651م)، فاسدل الستار على امبراطوريتهم العتيدة، والى الوقت الحالي. ولهذا نرى اليوم ما يقرب من (ثلاثة آلاف) من أهل السنة في بغداد - التي أصبحت عاصمة للامبراطورية الساسانية من جديد !!! -، والذين يحملون اسم (عمر)، يطلبون استبدال أسمائهم بـأسماء جديدة، خوفاً من استهدافهم من قبل الميليشيات الشيعية المدعومة من قبل (الساسانيين الجدد)، وهؤلاء – أي أهل السنة المغلوبون على أمرهم - يعتقدون بأن هذا الاسم (أي عمر) قد يسبب لهم المضايقات أو يكون سبباً في قتلهم، وقد اغتيل الكثير منهم في العراق على الخلفية المذهبية، وتم استهدافهم على أساس (الاسم).
فــ(الساسانيون الجدد) يحملون عداءً وحقداً عنصرياً لــ(عمر بن الخطاب) على وجه الخصوص؛ حيث فُتِحَتْ بلاد فارس، وسَقَطَتْ امبراطوريتُهم الساسانية القديمة في خلافته.
وعند حديث المستشرق (ارنولد براون) عن سبب تسلية أهل (بلاد فارس)، بــ(الحسين بن علي بن أبي طالب) وبأولاد ابنه (علي بن الحسين)، قال وبكل وضوح في (ج1، ص 215): "إن أهل إيران وجدوا في أولاد (علي بن الحسين – زين العابدين) تسليةً وطمأنينةً بما كانوا يعرفون أن أم علي بن الحسين [شهربانو] هي ابنة ملكهم (يزدجرد)، فرأوا في أولادها (حقوق الملك) قد اجتمعت مع (حقوق الدين)، فمن هنا نشأ بينهم علاقةٌ سياسية، ولأجل أنهم (أهل إيران) كانوا يُقدِّسُونَ ملوكَهم لاعتقادهم أنهم ما وجدوا الملك إلا من السماء ومن الله، فازدادوا في التمسك بهم". – أي بعبارة أخرى التقى أشرف دم عربي (الحسين بن علي) مع أنقى دم فارسي (شهربانو بنت يزدجرد) - . وعليه فان الايرانيين في قرارة أنفسهم يرون في سلالة (الحسين بن علي بن أبي طالب) الطاهرة، ما كانوا يرونه في سلالة (يزدجرد الثالث) وغيره من ملوكهم أصحاب الدم النقي، وخاصة بعد امتزاج السلالتين بفعل الزواج.
ولا يخفى على ذي لبٍّ أنّ (الساسانيين الجدد)، الذين يتحكمون اليوم بالعراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، ولهم أيادٍ خفية في الكثير من دول المنطقة الأخرى، من خلال ميليشياتهم والتنظيمات الشيعية الاصولية التي يتحكمون بها، ويديرونها، سيقومون بالحاق هذه المنطقة بامبراطوريتهم المزعومة عندما تسنح الفرصة لهم، ويحين الوقت المناسب لذلك.
لذا أصبح مصير شعوب المنطقة، ودولها، والمنطقة بأكملها، في مهب الريح:
فالشعوب ستفقد وجودها، وهويتها، وخصوصياتها عن طريق سياسة (التشيُّع: الفارسي - الصفوي)، و (التفريس)، وباعتبارهم جزءاً من ايران (= أرينة الشعوب)، على حد قول (علي يونسي).
وأما الدول فستفقد كياناتها السياسية المستقلة، وأسماءها في عالَم الدول، من خلال وسيلة الضم، والالحاق القسري، أو حتى عن طريق الاستفتاءات الصورية، كما قال البعض من الكتاب والمفكرين، وستصبح محافظات تابعة للامبراطورية الساسانية الجديدة.
أما المنطقة فستعود الى سابق عهدها، تابعةً وخاضعةً لسياسات الأباطرة، وستفقد مدنيتها، وثقافتها، ودينها، أمام المفهوم الفارسي = الساساني، للدين، والثقافة، والمدنية.