الساسانيون الجدد والحقوق القومية المهضومة
نڤێسەر:
الساسانيون الجدد، والحقوق القومية والمذهبية المهضومة
(الجزء الاول)
د. سعيد سعيد البرواري
ايران الحالية:
إيران الحالية ( )، كانت قديماً تتكون من عدة مناطق وأقاليم متفرقة، منها: خراسان، وفارس، وطبرستان (مازندران)، وكيلان، والديلم، ولارستان، وخوزستان (عربستان)، وبلاد الجبال (كردستان ولورستان)، وآذربيجان، وكرمان، ومكران، وسجستان، وجرجان (كُركان)، وتسكن هذه الاقاليم قوميات متعددة ومختلفة، منها:
الفرس وقاشقائي 51% ، والآذريون – أتراك-24% ، والكرد (الكرد واللور والبختياريون) 9% ( ) ، وكيلكي – جيلاكى- مازندراني 8% ، والعرب 3% ، والتركمان 2% والبلوش 2% ، والطالش والأرمن والسريان والآشوريون وغيرهم حوالي 1%.
وتحاول السلطات الايرانية عدم نشر إحصائية رسمية بالتوزُّع العرقي، بسبب سياستها القائمة على تفضيل العرق (الفارسي). عليه، فالاحصائيات حول التوزيع العرقي تقريبية.
وكما هو معلوم تاريخياً أن العنصر الفارسي (قبائل هندو - ايرانية) هو المسيطر على الاراضي المسماة حاليا بـ (إيران)، بعد أن هاجرت الى الهضبة الايرانية، من موطنها الأصلي بين بحر قزوين والبحر الاسود حوالي عام (1800 ق. م)، ويقال: (1500 ق. م) ( ).
وقد فرض هذا العنصر ثقافته ولغته وعاداته وتقاليده على الشعوب الأخرى المجاورة له، خلال فترات حكمه، الذي دام أكثر من اثنا عشر قرنا (558 ق. م – 651م) ( )، ما عدا فترات سيطرت فيها أعراق أخرى، منها: الامبراطورية السلوقية (الأغريق) من عام (330 ق. م) والى عام (150 ق. م).
وقد توالت عشرات الدول والحكومات على الأراضي الواقعة جنوب بحر قزوين -الخزر-، وشمال الخليج الفارسي - العربي -، منذ دخول الاسلام اليها، في منتصف القرن السابع الميلادي، وسقوط الامبراطورية الساسانية (642م أو 651م) ( )، وحيناً كانت تسيطر هذه الدول والحكومات، على جميع هذه الأراضي مع أراضي المناطق المجاورة، وحيناً آخر على قسم منها، وسيطرت أقوام وعرقيات من غير العنصر الفارسي، على هذه المنطقة في فترات عديدة.
الحكومات والسلالات التي حكمت المنطقة:
1) قبل الاسلام:
- الامبراطورية الميدية: (708-728/550 ق. م)، المؤسس: (ديوكو/ديوكس).
- الامبراطورية الأخمينـية/الفارسية: (558-330 ق. م)، المؤسس: (كورش الأخمينــــي).
- الامبراطورية السلوقية (الأغريق): (330 ق. م – 162 ق. م)، سيطرة الاغريق بعد مقتل دارا الثالث، واستيلاء الاسكندر الاكبر على اكبتانا – همدان-، في (330 ق. م)، والسيطرة على بلاد فارس، وفي (320 ق. م ظهر سلوقس الاول، والذي سميت الامبراطورية باسمه).
- الامبراطورية الأشكانية/البارثية (الفرثيون): (250 ق. م – 226م)، المؤسس: (أرشك الاول).
- الامبراطورية الساسانية: (226-651م)، المؤسس: (أردشير الاول).
2) بعد الاسلام: الحكومات والسلالات التي حكمت المنطقة المسماة حالياً بايران (غالبيتها غير فارسية)، من العهد الاسلامي والى الوقت الحاضر:
أولاً: العرب المسلمون:
- الخلافة الراشدة: (632 – 661م)، هزيمة الساسانيين في معركة القادسية (636م)، وسقوط عاصمتهم (طيسفون - المدائن) في (637م)، وضمت بلاد فارس لدولة الخلافة الراشدة بعد معركة نهاوند في (642م) وانهيار الامبراطورية.
- الدولة الاموية: (661 – 750م).
- الدولة العباسية: (750 – 1258م)، مع وجود دول وإمارات شبه مستقلة في فترات متعددة..
ثانياً: الغزّ السلاجقة: سلالة تركمانية من قبيلة الغُز أنشأها (سلجوق)، حكموا ايران من عام (1037-1194م).
ثالثاً: الغزنويون: سلالة من المماليك الاتراك، أصلهم من بلدة غزنة في افغانستان، حكموا مناطق من ايران وافغانستان والبنجاب، من عام (963م) والى (1187م).
رابعاً: الخوارزميون ( ): (1096-1231م)، ينسب سلاطين الدولة الخوارزمية الى عبد تركي اسمه (أنوشتكين)، من أشهر ملوكهم قطب الدين محمد الملقب بــ(خوارزم شاه)، سيطروا على أجزاء من خراسان بعد وفاة السلطان السلجوقي (سنجر) عام (1157م).
خامساً: الايلخانيون (سلالة الخانات)/ مغول ( ): (1220 – 1370م)، قوم من شمال الصين سيطروا على غرب آسيا، دخلوا خراسان ومازندران بعد سقوط بلاد ماوراء النهر عام 1220م، وسيطروا على جميع الاقاليم والمناطق المسماة حاليا بايران والى سنة 1370م. – سقطت بغداد في قبضة هولاكو (المغولي) عام (1258م) -.
سادساً: التيموريون (مغول): (1370-1506م)، المؤسس: تيمورلنك، -كانت ايران الحالية جزءاً من امبراطوريتهم الواسعة والممتدة من حدود الهند الحالية والى بلاد الشام- وكانت عاصمتهم (سمرقند). وكانت في هذه الفترة تحكم سلالات عدة مناطق ايران، منها: دولة الخروف الابيض (آق قوينلو) في وسط وغرب ايران، وامارة لاهيجان في كيلان، وكانت منطقة طالش مستقلة عن الآخرين..
سابعاً: الصفويون( ) (الآذريون الترك): (1501م -1722م/1736م)، المؤسس: الشاه اسماعيل بن حيدر الصفوي، احتل (تبريز) عاصمة دولة (الآق قوينلو)، عام (1501م) واطلق على نفسه لقب (شاهنشاه)( )، وكانت اللغة الآذرية لغة رسمية للبلاط الصفوي، والى عهد الشاه عباس الاول، الذي نقل العاصمة الى اصفهان، وحلت الفارسية مكان الآذرية. (مع العلم أن الملوك الصفويين فقدوا السلطة فعليا منذ عام (1722م)، وكانت نهاية حكمهم في عام (1736م).
ثامناً: الافغان: والذين سيطروا على ايران حوالي ثمان سنوات. ومن أشهر حكامهم، محمود شاه الافغاني، واشرف شاه الافغاني (1722-1730م).
تاسعاً: الأفشار: وهي عشيرة الأفشار القزلباش التركمانية. ومن ملوكها: نادر شاه الافشاري، وعادل شاه (1730-1748م)، وبعد هذه السنة تقلصت المناطق التي كانوا يسيطرون ولم تبق بيدهم سوى خراسان التي كان يحكمها شاهروخ حفيد (نادر شاه) الذي دام حكمه خمسين عاما (1748-1796م).
عاشراً: الزنديون اللور – كرد -: (1750-1794م)، المؤسس: (كريم خان بن ايناق) ( )، حكموا ايران حوالي (44) عاما.
حادي عشر: القاجاريون (الترك): المؤسس: (آغا محمد خان)، القاجار وهي عشيرة تركية الاصل، شيعية المذهب، جاءوا مع عساكر جنكيزخان وخلفائه من منغوليا، استوطنوا ارمينيا، وشمال ايران (آذربيجان ومازندران). وبدأ العهد القاجاري رسميا وذلك بعد اعلان (آغا محمد خان) نفسه شاهاً على ايران في عام (1796م) وانتهى حكمهم عام (1925م).
ثاني عشر: العهد المازندراني (البهلوي): - رغم الشكوك حول أصول هذه الأسرة الحاكمة إلا أنها تُعدّ أول أسرة فارسية حكمت ايران بعد سقوط الأسرة الساسانية عام 651م -، المؤسس: (رضا خان بن عباس علي خان) وحكمت من عام (1925م) والى عام (1979م).
ثالث عشر: ولاية الفقيه (ثورة الخميني ( ) الشيعية) (1979م - ؟ ): وقعت ايران بعد الثورة الشيعية تحت حكم (ولاية الفقيه)( )، وسيطرت المرجعية الشيعية في (قم) على جميع مفاصل الدولة، ووفق المفهوم الشيعي، ولكنها لم تستطع التخلص من الاطار القومي الفارسي في حكمها، فاستناداً على المادة الخامسة عشرة بعد المئة من دستور جمهورية ايران الاسلامية – الشيعية- يجب أن يكون رئيس الجمهورية من العنصر الفارسي، وهو ما يؤكد العقلية العنصرية التي يحملها (الساسانيون الجدد)، وتحت غطاء (ولاية الفقيه الدينية)! المقنعة بالاسلام، وذلك للاستحواذ على الشعوب المسلمة، وكسب تأييدها ( )!.
تغيير اسم الدولة والغايات غير المعلنة:
وفى التاريخ الحديث، وبعد سقوط الأسرة القاجارية (1796-1925م)، وسيطرة آل رضا شاه المازندراني، على مقاليد الحكم في بلاد فارس (1925-1979م)، تم تغيير اسم هذه الدولة من (بلاد فارس) الى (ايران) ( ) عام 1935م؛ وذلك لإعطائها طابعا عاماً يشمل الشعوب الاخرى غير الفارسية أيضا، وقد استغلت هذه النقطة لإذابة الشعوب غير الفارسية، وفرضت ثقافة وفكرة الوطنية الايرانية التي تمثل حقيقةً القومية الفارسية من دون القوميات الأخرى.
ونتيجة لمسايرة وتبعية (آل بهلوي) للاستعمار الغربي، استطاعت دولة ايران الحديثة التحكم أكثر بالشعوب غير الفارسية، والعمل على إذابتها في بوتقة الوطنية الإيرانية، ولم تأخذ هذه الشعوب حقها في تقرير مصيرها أو التمتع بحقوقها القومية الطبيعية. وبعد تثبيت الحدود الدولية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وبداية القرن العشرين ترسخت هذه الحدود وعملت الدولة على تثبيتها اكثر.
ثورات وانتفاضات وإعلان جمهوريات:
لقد قامت ثورات وانتفاضات في مناطق متعددة من ايران في بداية القرن العشرين الميلادي للمطالبة بالاستقلال والحقوق الطبيعية للشعوب، منها: ثورات وانتفاضات كيلان، والاحواز – عربستان ، وآذربيجان، وكردستان.
فاقليم كيلان كانت الاقسام الشرقية منه تؤلف دولة مستقلة في الفترة من عام 1370م وحتى القرن السادس عشر الميلادي - أي فترة مجيء وتحكّم الصفويين-، ففي عام 1592م تمكن الصفويون من فرض سيطرتهم الفعلية على الاقليم. وفي التاريخ المعاصر أعلن الكيلانيون عن تأسيس جمهورية كيلان، في مدينة رشت، في الخامس من حزيران عام 1920م، والتي قضت عليها القوات الايرانية في 29/ايلول/1921م ( ).
أما اقليم (عربستان – الأحواز) العربي فقد أُلحق بالدولة الايرانية وابدل اسمه ببلاغ عسكري الى (خوزستان)، بعد سيطرة قواتها على امارة المحمرة عام 1925م، واعتقال زعيمها خزعل الكعبي، ومات في معقله في طهران، وفي ظروف غامضة عام 1936م( ).
وبعد الحرب العالمية الثانية، وبمساعدة الاتحاد السوفيتي السابق تم إقامة جمهوريتين في غرب وشمال غرب ايران، وهما:
1- جمهورية آذربيجان الديمقراطية .ذات الحكم الذاتي في 12/كانون الأول /1945 وعاصمتها تبريز.
2- جمهورية كردستان الديمقراطية .ذات الحكم الذاتي في 22 /كانون الثانى /1946 وعاصمتها مهاباد .
ولكنهما سرعان ما تلاشتا أمام ضربات الدولة الايرانية وبمساعدة الغرب الاستعماري، وبتأييد مطلق من واشنطن ولندن. وقد ارتكبت المجازر بحق الشعبين الآذري والكوردي بعد انهيار دولتيهما، وتؤكد بعض المصادر المطلعة أن عدد الثائرين الذين لقوا حتفهم في تلك الايام العصيبة جاوز (15) الف شخص، واعتقل عدد أكبر من ذلك ( ).
الساسانيون الجدد، والحقوق القومية والمذهبية المهضومة
(الجزء الثاني)
د. سعيد سليمان البرواري
بعد قيام جمهورية ايران الاسلامية (الشيعية)، وسيطرة تيار (ولاية الفقيه)، على مقاليد الحكم عام (1979م)، وبحجة أن الاسلام يجمع ويوحد جميع الشعوب تحت خيمته، منعت هذه الشعوب من حقوقها، وفرضت عليهم الثقافة الفارسية. وتم التضييق على الناشطين، ومن جميع القوميات غير الفارسية، وخاصة الكرد والبلوش والعرب، وتم تصفية الكثيرين منهم، وفي محاكمات صورية شكلية، يتم اصدار حكم الاعدام، بحق الناشطين وباستمرار، وتنفذ علناً وعلى أعمدة الشوارع في مدن وقصبات هذه القوميات، وبدون أي رادع أو تدخل من قبل المنظمات الدولية، وخاصة منظمات حقوق الانسان.
علماً بأن السياسة الفارسية تتسم بالغدر والخيانة عموماً، يقول اسماعيل آغا الشكاك (سمكو)( ): "صحيح أن ما يحركنا هو الشعور الوطني، ولكنني لا أنكر بأنني أريد أيضا الانتقام من الايرانيين قتلة آبائي وأجدادي وأقربائي واثنين من اخواني.. وأيضا أريد الانتقام للقادة الكورد الذين قتلوا غدراً من أمثال سليمان خان، علي خان وغيرهم" ( ). وقد أغتيل اسماعيل آغا الشكاكي (سمكو) غدرا، على يد قوات (رضا شاه بهلوي) في عام (1930م). وأعدمت السلطات الايرانية القاضي محمد (رئيس جمهورية كردستان الديموقراطية) في عاصمة الجمهورية (مهاباد)، في صبيحة (30/3/1947م)، مع شقيقه عضو البرلمان الايراني صدر قاضي، وابن عمه سيف قاضي( )، وكذلك أغتيل سليمان معيني في عام 1969م، مما يؤكد قول (سمكو) في اتصاف السياسة الفارسية بالغدر والخيانة.
وقد عانت القوميات غير الفارسية الأمرّين، من تعسُّف وظلم واضطهاد حكام ايران من الصفويين، والقاجاريين، وآل بهلوي، في السابق، وحالياً من سلطات (ولاية الفقيه) – الساسانيون الجدد -، فحملة (الارهاب الوحشي المنظم والممنهج)، التي تشنها هذه السلطات ضد القوميات غير الفارسية، ومعارضيها من الفرس أيضا، تتمثّل بإعدام واغتيال غالبية زعماء وقادة الحركات والاحزاب المعارضة للنظام، والمنادية بالحقوق القومية لشعوبها في ايران.
فقد اغتالت، وأعدمت السلطات الايرانية (ولاية الفقيه)، الآلاف من القادة والزعماء العرب والنشطاء (الأحوازيين)، منذ قيام الثورة الشيعية عام 1979م.
وتم القضاء عسكرياً على انتفاضة شعب (كردستان)، بالحديد والنار، عام (1979م)، واعتقلت هذه السلطات العشرات من الناشطين الكرد، وقتلتهم، واغتالت قياداتهم، وزعماء أحزابهم، منهم:
الزعيم الديني (العلامة الشيخ أحمد مفتي زادة)، الذي يُعدّ من أبرز الشخصيات السُّنية المعاصرة في ايران، عمِل (مفتي زادة) على تأسيس عدة مؤسسات مثل: (حركة مكتب قرآن)، و(مجلس شورى أهل السُّنة – شمس-)، و(الحركة الاسلامية)، وبسبب مواقفه الجريئة من انحراف الثورة الايرانية عن مسارها، وتوجهها نحو المذهبية الضيقة، ولرفضها للحقوق الطبيعية لأهل السنة، وللقوميات غير الفارسية ومنهم الشعب الكوردي؛ اعتقلته سلطات ولاية الفقيه أواخر عام 1982م، ولم تطلق سراحه إلا بعد أن قضى 10 سنوات في السجن، وتأكّدت بأنه سوف يلاقي حتفه، وكان قد اشتد عليه المرض، وفعلاً فارق الحياة بعد اطلاق سراحه، وذلك في عام 1993م.
وكذلك العالم الرباني (ناصر سبحاني) والذي يُعدّ من كبار علماء الكرد وأهل السنة في ايران، ويُعدّ أيضا من مجتهدي هذا العصر، ومن الشخصيات المؤثّرة في تاريخ ايران المعاصر، فهو مؤسس (جماعة الدعوة والاصلاح) في ايران، وصاحب المؤلفات النافعة، منها: الولاية والامامة، وفتاوى معاصرة حول المستجدات الراهنة في ايران والعالم كله، وغيرها من الكتب، أعتقل في حزيران 1989 في مدينة سنندج مركز محافظة كوردستان – ايران، وأعلن عن خبر إعدامه وبدون سبب يذكر على يد سلطات ولاية الفقيه عام 1990م.
والشيخ محمد ربيعي من كبار العلماء والكتّاب في كوردستان، وإمام جامع أهل السُّنة في كرمانشاه، توفي ليلاً في ظروف غامضة عام 1996م، في فترة كثرت فيها اغتيال رموز ومفكري أهل السنة في ايران.
وكذلك اغتالت سلطات ايران زعيم (الحزب الديموقراطي الكوردستاني الايراني) عبد الرحمن قاسملو، في النمسا عام 1989م، وكذلك القائد صادق شرفكندي، الذي أغتيل في عام 1992م مع ثلاثة آخرين في يوم 17/سبتمبر رميا بالرصاص من قبل المخابرات الايرانية في برلين.
واعتقلت، وأعدمت، واغتالت السلطات الايرانية الشيعية، العشرات من علماء أهل السنة في اقليم بلوجستان، وكذلك القادة والزعماء والناشطين البلوج، منهم: زعيم تنظيم "جند الله" عبد الملك ريجي، الذي اختطفته السلطات الايرانية في عام 2010م. بعملية ارهابية عن طريق انزال الطائرة التي كان يقلها من الامارات الى باكستان( ).
ومن الناحية المذهبية أيضا لا يتمتع (أهل السنة)( ) في ايران بحقوقهم ( )، فهناك تضييق كبير على علمائهم، ومدراسهم الشرعية، ولا يمثلهم في البرلمان سوى عدد قليل من الاعضاء لا يتناسب وحجمهم الطبيعي. بالاضافة الى أن العاصمة الايرانية (طهران) تحوي على معابد للزرادشتية، وكذلك كنائس للمسيحيين، وكُنُس – كنيست- لليهود، ولا يوجد فيها مسجد واحد لأهل السنة بتاتاً، مع أن هناك تقديرات تقول: بأنه يعيش في طهران أكثر من مليون من (أهل السنة).
بلاد فارس والتشيُّع:
إن المذهب الشيعي قد عُدَّ مذهباً رسمياً أيام (محمد خدابنده)، أحد حكام الدولة الايلخانية، والذي حكم من عام (1303 – 1316م)( )، وهو ابن حفيد (هولاكو)، ومع ذلك بقي أغلبية الايرانيين على مذهب أهل السنة (شافعية وحنفية)، وكان الشيعة أقلية محصورة في بعض المدن الإيرانية، مثل قم، وكاشان، ونيسابور..
وأثناء وصول الشاه (إسماعيل الصفوي)، إلى الحكم عام (1501م) أُجبر (أهل السنة) على التشيع حين خيَّرهم بينه وبين الموت. ومن ثم فرض المذهب الشيعي فرضاً، وذلك بعد قتل مئات الآلاف من علماء السنة والمعارضين، فانتشر المذهب الشيعي بالتدريج في وسط إيران، بينما بقي أهل السنة في الأطراف، كما هو واقع في عالمنا المعاصر (انظر الخريطة المذهبية لايران الحالية)، واستمر حكم الصفويين أكثر من قرنين (1501م -1722م/1736م)، وقد حاول نادر شاه الافشاري أن يعيد مذهب (أهل السنة) ويرفع التضييق والمظالم التي ارتكبت بحق أتباعه، وأن يرأب الصدع، وذلك بجعل المذهب الشيعي المذهب الخامس ضمن الدين الاسلامي، إلا انه اغتيل في ظروف غامضة، في عام (1163 هـ -1747م) ( ).
الحقوق القومية الطبيعية المهضومة:
ولكون الدولة الحالية (جمهورية ايران الاسلامية) ذات الطابع الشيعي البحت، لا تعطي هذه الشعوب حقوقها القومية الطبيعية - السياسية والثقافية والإدارية - ، ولا تعاملهم على أساس المواطنة، وعلى مبدأ المساواة بين جميع أفراد المجتمع، عليه فان الصورة الصحيحة أن يأخذ كل شعب حقه كاملاً غير منقوص، والأسلوب الأمثل لنيل هذه الشعوب حقوقها، هو إقامة كياناتها السياسية المستقلة على أراضيها، مع مراعاة الحقوق الجغرافية والتاريخية لكل قومية، وحل الإشكالات حول المناطق المتنازع عليها بالوسائل السلمية، والنظر في إعادة تشكيل الحدود الحالية، والتي فرضها الاستعمار البغيض من دون الرجوع الى رأي هذه الشعوب، ولكن لكون الظروف الدولية والإقليمية غير مواتية لمثل هذا الطرح.
عليه، يبدو لي أن الحل الأمثل لمشاكل الشعوب الايرانية غير الفارسية هو تشكيل الدولة الايرانية على أساس الفدرالية القومية، وتثبيت ذلك في الدستور، وتشكيل هيئة رئاسية من حكام جميع الاقاليم (الولايات ذات الاستقلال الذاتي)، مع إعطاء كل إقليم حقوقه كاملة مع التوزيع العادل للثروات بين الاقاليم، وحسب نسبة السكان، واعتبار لغات الاقاليم لغات رسمية، مع اعتماد لغة عامة مشتركة، مثل: اللغة الانكليزية أو أية لغة أخرى يُتفق بشأنها أو اللغة العربية؛ وذلك باعتبار جميع الشعوب الايرانية شعوب مسلمة، وتغيير اسم الدولة الى (الولايات المتحدة الايرانية)، وعلى أن تكون (طهران) هي العاصمة الاتحادية، ويكون التقسيم حسب الأقاليم، كالآتي:
1. إقليم فارس (الفرس): ويقع في وسط وجنوب ايران الحالية. ويشكل حوالي نصف مساحة ايران، وعددهم حوالي (35,199,651) أي 51% من مجموع السكان، حسب أطلس جامع كيتاشناسي الايراني (احصاء 2004م). وعاصمته مدينة (اصفهان أو شيراز).
2. إقليم آذربيجان (الآذريون): ويقع هذا الاقليم شمال غرب ايران الحالية، المساحة حوالي (90-100كم2)، ويبلغ عدد الآذريين حوالي (16,564,541)، أي 24%. وفق (أطلس جامع كيتاشناسي الايراني)، ويُعدون اكبر قومية غير فارسية في ايران، وهم شيعة مذهباً، وعاصمتهم (تبريز). ولهم امتداد قومي مع جمهورية آذربيجان شمال الاقليم مباشرة. والمرشد الاعلى للجمهورية الايرانية الحالي (علي خامنئي)، هو من أصول آذرية.
3. إقليم كردستان (الكرد): ويقع في غرب ايران، من حدود آذربيجان – الدولة - شمالاً والى إقليم فارس جنوباً، ويحده من الغرب تركيا والعراق واقليم الاحواز (العربي)، ومن الشرق اقليم آذربيجان (الايراني) واقليم فارس، ومن الجنوب اقليم فارس، ويبلغ مساحته حوالي (125 الف كم2)، ويبلغ عدد الكرد حوالي (6,211,703)، أي حوالي 9% من مجموع السكان. ويُعدون ثالث أكثرية في إيران بعد الفرس والآذريين. وغالبيتهم من أهل السنة، وعاصمتهم (سنندج أو مهاباد). وهذا الاقليم له امتداد قومي غرباً مع كوردستان العراق بحدود (حوالي635كم)، وكوردستان تركيا بحدود (حوالي 300كم). ويتواجدون ايضا في مناطق هجروا اليها - أيام الاضطهاد الصفوي للكرد - في شمال شرق ايران (منطقة خراسان) ( ).
ومن ابرز الحركات المنادية بالحقوق القومية في الاقليم، هما: الحزب الديموقراطي الكوردستاني الايراني وحزب (كومله).
4. إقليم مازندران (كيلكي ومازندراني): ويقع في الجزء الجنوبي من بحر قزوين أي الجزء الشمالي من ايران الحالية، ونسبتهم 8% من عدد السكان، أي حوالي (5,521,513)، وعاصمته مدينة (ساري).
5. إقليم عربستان - الأحواز - (العرب): ويقع في جنوب غرب ايران على الخليج الفارسي/العربي، ويبلغ مساحته حوالي (40-50كم2)، ويبلغ عدد العرب حوالي (2,070,567) أي 3%. وعاصمتهم مدينة (الأحواز أو المحمرة)، وهذا الاقليم له امتداد قومي مع اقليم العراق الجنوبي، بحوالي 200 -250 كم. علماً بأن هناك تواجد كبير للعرب في منطقة (لنجة)، على الخليج العربي في محافظتي هرمزكان و بوشهر. ومن ابرز الحركات المنادية بالحقوق القومية في الاقليم: حزب التضامن الديموقراطي الاهوازي، حزب النهضة العربي الاحوازي.
6. إقليم تركمانستان (التركمان): ويقع في المناطق الشمالية الشرقية من ايران الحالية، وعاصمته مدينة (جرجان - كُركان)، ويبلغ عدد التركمان حوالي (1,380,378)، أي بنسبة 2%، وغالبيتهم من أهل السنة. وهذا الاقليم له امتداد قومي مع جمهورية تركمانستان الواقعة في شماله مباشرة.
7. إقليم بلوشستان (البلوش): ويقع في الجزء الجنوبي الشرقي من ايران الحالية، ويطل على بحر عمان، وعاصمته (جابهار أو زاهدان)، ونسبتهم 2% من عدد السكان، أي حوالي (1,380,378)، وهم من أهل السنة. وهذا الاقليم له امتداد قومي مع اقليم بلوشستان في باكستان، واقليم البلوش في جنوب افغانستان، وبحدود طوله حوالي (600كم).
ومن أبرز الحركات التي نشأت في بلوشستان في السنوات الأخيرة للدفاع عن حقوق الشعب البلوشي:
الجبهة البلوشستانية المتحدة، والحركة الوطنية البلوشستانية، وحزب الشعب البلوشستاني، وحركة الفرقان. وجند الله.
8. إقليم كيلان (الكيلانيون): ويقع في المناطق الشمالية المطلة على بحر قزوين من الناحية الغربية، وفي الشرق من اقليم آذربيجان. ويسكنه حوالي (2,241,589)، وعاصمته مدينة (رشت).
وحسب هذه الآلية في الحكم (آلية الأقاليم وفق النظام الفدرالي)، ستأخذ هذه الشعوب حقوقها الطبيعية، منها أن تحكم نفسها بنفسها، وتحتفظ بلغتها، وثقافتها، وخصوصياتها.
الواجب الإنساني والأخلاقي الدولي
تجاه شعوب ايران
على المجتمع الدولي القيام بمبادرة قوية، للدفاع عن الشعوب الايرانية، وذلك من خلال الدعم الكامل، للحركات التحررية للشعوب الايرانية، وعلى منظمة الامم المتحدة، اصدار قرارات بهذا الشأن، وعدم التغافل عما يجري من اضطهاد قومي وطائفي – مذهبي، بحق هذه الشعوب، والتي تختلف عن أرومة العنصر الفارسي.
وعلى المجتمع الدولي ايضاً، اتخاذ قرارات من قبيل فرض العقوبات، على الحكومة الايرانية = الفارسية، لكي تتوقف عن عملياتها، واجراءاتها العدوانية، تجاه هذه الشعوب، وخاصة أهل السنة في ايران.
ويمكن دعم حركات التحرر القومية في ايران من خلال ما يلي:
1. فتح مكاتب، لجميع الحركات التحررية الايرانية، في الدول التي يتواجد فيها اللاجئون الايرانيون، وخاصة دول الجوار .
2. فتح إذاعة، وباسم إذاعة ايران الحرة، على أن تبث بجميع لغات الشعوب الايرانية.
3. فتح فضائية، باسم فضائية ايران الحرة، على أن يتم التركيز فيها، على معاناة الشعوب الايرانية، وسبل معالجتها، والحفاظ على خصوصيات، وثقافة، وفلكلور، جميع الشعوب.
4. دعم منظمات المجتمع المدني في ايران، ومساعدتها، للقيام بواجبها، تجاه الشعوب الايرانية، وخاصة، تثقيفها بحقوقها، وترسيخ مفاهيم الديموقراطية الحقيقية، والحرية، وضرورة التأكيد على العدالة الاجتماعية، ونشر روح التسامح، والعفو، والصفح، والسلم، مكان روح التآمر، والانتقام، والعنف، والتشدد.
5. دعم الحركة الثقافية والعلمية لأبناء هذه الشعوب، من خلال فتح المجال للزمالات والبعثات الدراسية لكي ينهلوا من العلوم الحديثة، وذلك للحفاظ على هويتهم ووجودهم من جانب، ولدعم ورفع المستوى الثقافي والعلمي وذلك لايجاد الوعي لدى أبناء هذه الشعوب، وخاصة في المناطق المهملة والمهمّشة من قبل السلطات الايرانية، مع التأكيد على توعيتهم بحقوقهم، وكيفية المطالبة بها.
6. تأسيس مراكز بحوث تركِّز على حقيقة الواقع السياسي، والاجتماعي، والديني، والمذهبي، والثقافي، والفكري، في ايران.
7. منع قيام الجمهورية الايرانية بفتح المراكز الثقافية في دول العالم ؛ لكونها أوكار للتجسس على المطالبين بحقوقهم، والرافضين لسياسات الحكومة المذهبية، ولكونها تبث فكرة، وبدعة (ولاية الفقيه)، والتي لا تأخذ بها غالبية المراجع الدينية لدى الطائفة الشيعية في العالم.
8. العمل بجدية من قبل جميع دول الجوار الايراني:
(باكستان + أفغانستان + تركمانستان + آذربيجان + أرمينيا + تركيا + العراق + دول الخليج العربية)، للحد من النفوذ، والتغلغل الايراني، ومراقبته، ومتابعته، ووضع السبل، والطرق لمنعه بتاتاً، وعدم افساح المجال لعملائها بالتحرك والتمدد والانتشار ( ).
9. القيام باعداد، وترتيب مؤتمر دولي لـــ(الشعوب الايرانية)، ودرج مطالبها على الطاولة في أي لقاءات واجتماعات مع السلطات الايرانية من قبل جميع المنظمات والهيئات التابعة لمنظمة الامم المتحدة.
10. مطالبة (مجلس الامن) وبقرار (أممي)، السلطات الايرانية، بوقف عمليات الاعدام اليومية، التي تطال الناشطين، ومعارضي النظام، واطلاق سراح السجناء السياسيين – الذين يعدون بالآلاف -، ووقف عمليات التعذيب الوحشية في السجون الايرانية.
11. دعم جمهورية أذربيجان، في مطالبتها باقليم اذربيجان في الشمال الغربي من ايران.. وذلك لتوحيد الشعب الآذري في دولة موحدة مستقلة تكون عاصمتها (باكو) ( ).
12. وعند عدم استجابة السلطات الايرانية لمطاليب هذه الشعوب، ينبغي فرض عقوبات قاسية ضد هذا النظام، من قبل (مجلس الامن)، ومطالبة جميع دول العالم بمقاطعته سياسياً واقتصادياً، ومساندة ودعم الحركة التحررية للشعوب الايرانية ؛ وذلك من أجل ايقاف ارهاب الدولة المتوحش، والنزيف الدموي في ايران.