افعال العبادات بين البدعه الاختلاف الفقهي
أفعال العبادات بين البدعة والاختلاف الفقهي الدكتور: اسماعيل علي طه أفعال العبادات بين البدعة والاختلاف الفقهي المقدمـة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : معلوم انه لا يوجد موضوع او مفهوم التبس فيه الحق والباطل، واختلط فيه الصواب بالخطأ، ووقع فيه الغلو والتقصير مثل مفهوم البدعة وفقهها في مجتمعنا الإسلامي . فمشكلتنا إننا في كثير من الأمور سواء كانت عقدية او فكرية نقف بين طرفي الإفراط والتفريط وقلما نهتدي الى التوسط، الذي يمثل إحدى ابرز الخصائص العامة والبارزة لديننا ولمنهج الإسلام . وهذا الأمر واضح في كثير من الأمور بصورة عامة ولاسيما في مفهوم البدعة الذي يؤدي أي اختلاف عليه الى الخلاف والتفرقة . والحق في مفهوم البدعة وقع في الخطأ صنفان من الناس متقابلان، وبفعلهما تجنياً على الشريعة كل حسب منطقه الفكري في مفهوم البدعة . 1- صنف المتساهلين الذين ضيقوا دائرة البدعة بحيث لا تشمل أمورا كثيرة هي من صلب البدعة، التي أمرنا الرسول (صلى الله عليه وسلم) بمحاربتها، وانطلاقاً من المصلحة والاجتهاد العقلي التي لا مستند له شرعاً اخرجوا أموراً من دائرة البدعة كان المفروض بقاءها ضمن دائرة البدعة بحسن نية أو بغير ذلك ولكن هذا لا يشفع لهم . 2- صنف المتشددين والمفرطين : الذين وسعوا دائرة البدعة بحيث جعلوا كل شيء ضمن دائرتها، حتى كثير من المسائل الخلافية بين العلماء مادام انه حسب اجتهاده هو، لا يرى فيها دليلاً حكم عليها، بأنها بدعة وتجب محاربتها ومحاربة مرتكبيها وإخراجهم في النهاية من دائرة الإسلام، وعدم موالاتهم، واتهامهم بشتى أنواع التهم بحجة أنهم يحاربون البدعة وأهلها . وكلا هذين الفريقين على خطأ، فالغلو والتشدد في الشرع مذموم ومرفوض قطعاً ومن الخطأ التسرع في إصدار الإحكام، وأي شيء لم يجد فيه حديثاً او آية صريحة حكم عليه بانه بدعة وضلالة وهي وصاحبها في النار، ويخطأ هؤلاء في نظرتهم الى الدليل يظنون ان الدليل هو صريح القرآن وصريح السنة ويلغون جميع الأدلة الشرعية الأخرى المأخوذة من المصدرين السابقين كالقياس والمصلحة والمرسلة والاستصحاب وباقي الأدلة الشرعية المعروفة والمبسوطة في جميع كتب أصول الفقه الإسلامي والتي يعرفها القاصي والداني ممن له ادنى إلمام بالتشريع الإسلامي، انظر الى ابن رجب الحنبلي كيف يعرف البدعة فيقول: (البدعة ما احدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، أما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعاً) ذلك لان حقيقة البدعة ان لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده المقررة عند العلماء في الاستنباط والاستدلال .ومقابل هؤلاء هناك صنف ثالث ليس بأقل خطأً من الصنفين السابقين الذين لا يأخذون بجانب الحكمة في محاربة البدعة ولا يملكون فقه المعالجة فيحاربون بدعة بارتكابهم بدعة أشنع منها فيلجئون الى التكفير والتفسيق والتغليظ في القول وينسون مقولة العلماء، ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر، فكون الإنسان يملك فهماً صحيحاً لأمر ما، بمعنى آخر يملك فقهاً علمياً له، فهذا لا يكفي لا بد معه من أن يملك الى جانب الفقه العلمي الفقه العملي في كيفية التعامل معه في تطبيقه أو إنكاره، وينسون أن البدعة منكر من المنكرات مثلها مثل أي منكر آخر لابد من فقه تغير المنكر، ومجال ذلك مبسوط في مضانه ولخطورة هذا الأمر نبه إليه احد العلماء ( وكل بدعة في دين الله لا أصل لها استحسنها الناس بأهوائهم سواء بالزيادة فيه أو بالنقص فيه ضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل التي لا تؤدي الى ما هو شر منها ) وهذا هو الفقه المطلوب بعينه بحيث لا تقع في بدعة عند معالجتك لبدعة أخرى، بان نسعى الى محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل كما قال العلماء بحيث لا تؤدي الى ما هو شر منها . ولأجل الإلمام التام بفقه البدعة والفرق بينها وبين الاختلاف الفقهي أضع بين يديكم هذا البحث المتواضع الذي يسعى جاهداً وبالاعتماد على المصدر الأصلية والمعتمدة . بيان الفهم الصحيح للبدعة التي تجب محاربتها وقسمت البحث الى تمهيد ومبحثين : المبحث الأول: فيما يتعلق بالبدعة وفيه ستة مطالب المطلب الأول: تعريف البدعة لغة واصطلاحا. المطلب الثاني: شرح أهم الأحاديث الواردة في البدعة. المطلب الثالث: كيف نتعامل مع المحدثات وحكم البدعة. المطلب الرابع: الفرق بين البدعة والمصلحة المرسلة. المطلب الخامس: أسباب انتشار البدع ووسائل الوقاية منها. المطلب السادس: اسس وضوابط مهمة في فهم البدعة. المبحث الثاني: مسائل متفرقة في فقه العبادات. المطلب الأول: دعاء الوسيلة بعد الإقامة. المطلب الثاني: الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية للإمام. المطلب الثالث: قراءة القنوت في صلاة الفجر. المطلب الرابع: السنة القبلية في يوم الجمعة. المطلب الخامس: تكرار العمرة في الرحلة الواحدة. التمهيد يقصد بالخلاف الفقهي الخلاف المعتد به الذي يجرى ويحصل بين اهل العلم وذوي الاهلية العلمية وليس بين الجاهل والعالم وبين اهل العلم واهل الجهل فهذا الخلاف غير معتد به ولا مسوغ له ومن لا يملك اهلية الاجتهاد والنظر في الادلة الشرعية ليس له ان يخالف العلماء ويعدل عن ارائهم بحجة جواز الاختلاف فهذا النوع لا يعد من الخلاف المعتد به لصدوره من غير اهله اما الاختلاف بين العلماء ولا سيما في الفروع والجزئيات واقع وسائغ ولا يمكن رفعه سواء كان هذا الاختلاف في فروع وجزئيات العقيدة كرؤية الرسول (صلى الله عليه وسلم) لربه ليلة المعراج او كاختلافهم في عذاب الميت ببكاء اهله عليه او كان الاختلاف في فروع الفقه المختلفة كالاختلاف في المذاهب الفقهية المختلفة فهذا الاختلاف طبيعي وسائغ وفي ذلك يقول الشاطبي: (الاجتهاد الواقع فى الشريعة ضربان أحدهما الاجتهاد المعتبر شرعا وهو الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر إليه الاجتهاد وهذا هو الذى تقدم الكلام فيه والثانى غير المعتبر وهو الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه لأن حقيقته أنه رأى بمجرد التشهي والأغراض وخبط فى عماية واتباع للهوى فكل رأي صدر على هذا الوجه فلا مرية فى عدم اعتباره لأنه ضد الحق الذى أنزل الله) . فطبيعة المصادر من حيث الدلالة والثبوت تقتضي وجود هذا الاختلاف السائغ، ومحاولة جمع الناس على رأي واحد في أحكام العبادات والمعاملات ونحوها من فروع الدين: محاولة ما لا يمكن وقوعها، كما أن محاولة رفع الخلاف بالتعصب لراي وطرح الاراء الاخرى، او بوصف رايه موافقا للكتاب والسنة والاراء الاخرى بدعة ومخالفة للكتاب والسنة لا تثمر إلا توسيع دائرة الاختلاف والشقاق والنزاع الذي يقضي على قوة الامة ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭼ الأنفال: ٤٦ ثم هي محاولة تدل على عدم فهم طبيعة التشريع الإسلامي وخصائص الشريعة بشكل دقيق، ذلك أن الاختلاف في فهم الأحكام الشرعية غير الأساسية ضرورة لا بد منها، والذي أوجب هذه الضرورة طبيعة الدين المتمثلة بمرونة بعض أحكامه، بحيث تكون قابلة للتغير بتغير العصور والأزمان، لأن الشرائع إنما وجدت لحماية مصالح البشرية، وهذه المصالح لا بد متطورة ومتغيرة؛ ولانه جاء فى أحكامه بالمنصوص عليه والمسكوت عنه وفى المنصوص عليه بالمحكم والمتشابه والظنى والقطعى والصريح والمؤول. وطبيعة الفقهاء المتمثلة: باختلاف أفهامهم وتغاير نظراتهم للأمور، وباختلافهم فيما بينهم على قوة الاحتجاج ببعض المبادئ والقواعد الأصولية، وباختلافهم على كثير من قواعد التعارض والترجيح بين الأدلة التي ظاهرها التعارض والتناقض، وباختلافهم في القياس وضوابطه، وطبيعة اللغة المتمثلة بأساليب اللغة العربية ودلالة ألفاظها على المعاني، وباختلاف بيئات الفقهاء وعصورهم، فقد كان لذلك أثر كبير في اختلافهم في كثير من الأحكام والفروع، وباختلافهم على قبول رواية بعض الرواة أو عدم قبولهم، وطبيعة المصادر التشريعية فمنها: ما هو قطعي الدلالة على إرادة الشارع، ومنها ما هو ظني الدلالة، ثم إن ثبوت هذه الأدلة وصحة نقلها عن الشارع الحكيم قد يكون مقطوعا به وقد يكون مظنونا أيضا، فالقرآن الكريم قطعي الثبوت لا شك في ذلك، لأنه ورد إلينا بطريق التواتر، اما السنة الشريفة ليست كذلك كلها، فإن منها ما هو متواتر قطعي الثبوت، ومنها ما هو خبر آحاد، وهو لا يكون مقطوعا به بحال، بل هو ظني الثبوت. فالحكم المقطوع به ثبوتا ودلالة لا محل للنظر فيه، وبالتالي لا مكان للاختلاف فيه، أما الحكم المظنون إن ثبوتا أو دلالة، فهو ميدان للنظر والاجتهاد والتقدير، ولهذا فإننا نرى أن الأحكام التي تثبت أدلتها بالقطع لم يختلف فيها أحد من الفقهاء، ومن ذلك أكثر الفرائض والواجبات وكل الأحكام المتعلقة بالله سبحانه وتعالى، أما الأحكام التي ثبتت بأدلة مظنونة، فهي التي كانت مثار خلاف وتقدير لدى الفقهاء، ومعلوم أن أكثر أحكام الشريعة إنما كان ظني الثبوت أو الدلالة، وذلك لحكمة كبيرة قضت بها إرادة الشارع، وهي التوسعة على الناس ورفع الحرج عنهم. ويقول الشاطبي بخصوص وقوع الاختلاف (فإن الله تعالى حكم بحكمته أن تكون فروع هذه الملة قابلة للأنظار ومجالا للظنون وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها عادة فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف لكن في الفروع دون الاصول وفي الجزئيات دون الكليات فلذلك لا يضر هذا الاختلاف ) . ومن السلف من عد الاختلاف الفقهي في الفروع مظهرا من مظاهر الرحمة بالأمة وفي ذلك يقول الشاطبي: ( ان جماعة من السلف الصالح جعلوا اختلاف الأمة في الفروع ضربا من ضروب الرحمة وإذا كان من جملة الرحمة فلا يمكن أن يكون صاحبه خارجا من قسم أهل الرحمة وبيان كون الاختلاف المذكور رحمة ما روى عن القاسم بن محمد قال لقد نفع الله باختلاف أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في العمل لا يعمل العامل بعلم رجل منهم إلا رأى انه في سعة وعن ضمرة بن رجاء قال اجتمع عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد فجعلا يتذاكران الحديث - قال - فجعل عمر يجىء بالشىء يخالف فيه القاسم - قال - وجعل القاسم يشق ذلك عليه حتى بين فيه فقال له عمر لا تفعل فما يسرنى باختلافهم حمر النعم وروى ابن وهب عن القاسم أيضا قال: لقد أعجبنى قول عمر بن عبد العزيز ما أحب أن أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) لا يختلفون لانه لو كان قولا واحدا لكان الناس في ضيق وإنهم أئمة يقتدى بهم فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان سنة ومعنى هذا انهم فتحوا للناس باب الاجتهاد وجواز الاختلاف فيه لأنهم لو لم يفتحوه لكان المجتهدون في ضيق لأن مجال الاجتهاد ومجالات الظنون لا تتفق عادة فيصير اهل الاجتهاد مع تكليفهم باتباع ما غلب على ظنونهم مكلفين باتباع خلافهم وهو نوع من تكليف مالا يطاق وذلك من أعظم الضيق فوسع الله على الأمة بوجود الخلاف الفروعى فيهم) . ويقول في موضع اخر: ( فإن الله تعالى حكم بحكمته أن تكون فروع هذه الملة قابلة للأنظار ومجالا للظنون وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها عادة فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف لكن في الفروع دون الاصول وفي الجزئيات دون الكليات فلذلك لا يضر هذا الاختلاف) . ويقول مرعي الحنبلي : (إن اختلاف المذاهب في هذه الملة رحمة كبيرة، وفضيلة عظيمة، وله سر لطيف أدركه العالمون، وعمي عنه الجاهلون، فاختلافها خصيصة لهذه الأمَّة، وتوسيع في هذه الشريعة السمحة السهلة) . ووضع احد تلامذة الامام احمد الذي هو إسحاق بن بهلول الأنبارى كتابا سماه لباب الإختلاف فقال له: (أحمد سمه كتاب السعة ولا تسمه كتاب الاختلاف وقال لا ينبغي للفقيه ان يحمل الناس على مذهبه) . وكان طلحة بن مصرف اذا ذكر عنده الاختلاف قال: (لا تقولوا الاختلاف ولكن قولوا السعة) . ويقول ابن تيمية رحمه الله: (والنزاع في الأحكام قد يكون رحمة إذا لم يفض إلى شر عظيم من خفاء الحكم ......... وان الحق في نفس الأمر واحد وقد يكون من رحمة الله ببعض الناس خفاؤه لما في ظهوره من الشدة عليه) . ويقول ابن قدامة رحمه الله في اللمعة: ( فإن الاختلاف في الفروع رحمة والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم مثابون في اجتهادهم واختلافهم رحمة واسعة واتفاقهم حجة قاطعة) . فمبدأ الاقرار بوجود الاختلاف الفقهي بين العلماء وأهل الاجتهاد وبأنه سائغ وأمر طبيعي يقتضي ان نعرف: كيف نتعامل مع هذا الاختلاف؟ وكيف نخرج من الاختلاف؟ بالتناصح وبالأسلوب الحكيم والبحث العلمي السديد دون ان يؤدى ذلك الى منازعات و اختلافات و تنابز بالالقاب وترامي باوصاف غير لائقة وبالتراشق بالتهم والسب وبالابتداع ومخالفة الكتاب والسنة، ويجب ان نعلم لو شاء الله تعالى أن يتفق المسلمون على كل شيء، ولا يقع منهم اختلاف في شيء لجعل الله الدين كله وجها واحدا وصيغة واحدة، لا تحمل خلافا ولا تحتاج إلى اجتهاد، من حاد عنها قيد شعرة فقد كفر؛ ولكنه لم يفعل لتتفق طبيعة الدين مع طبيعة اللغة وطبيعة الناس، ويوسع الأمر على عباده. ويجب ان نعلم ايضا ليس من الشرع التعامل مع الاختلاف الفقهي و المسائل الخلافية ومع الرأي الآخر بالعدول عن المعايير والموازين الشرعية واعتماد اسلوب الطعن والتجريح والتسقيط والتكفير والتفسيق والتحقير والتبديع، فاعتماد هكذا اسلوب ضد الرأي المخالف عمل سيء، وان كان صاحبه يتمسح بالإسلام ظاهراً؛ لان الإسلام لا يقر مثل هذه الأساليب مطلقاً. فكثير من هذه المسائل تدور بين الراجح والأرجح والصائب والاصوب والصحيح والاصح والظاهر والاظهر والقوي والاقوى او انه راجح ومرجوح. وقولنا بأن الخلاف في المسألة سائغ لا يمنع من تحري الحق، والمحاورة والمناظرة بين أهل العلم للوصول إلى مراد الشرع في المسالة. وليس من البحث العلمي بشيء الحكم على المخالف بانه مبتدع أو أن ما ذهب إليه بدعة ولا بد من التفريق بين المسائل البدعية والامور الاجتهادية الخلافية لاسيما إذا كان هذا الاجتهاد صادرا من اهل العلم الافذاذ، واذا صدر الاجتهاد من أهله فهو ماجور في حالتي الخطأ والصواب، وفي ذلك يقول الذهبي رحمه الله: (ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا رحم الله الجميع بمنه وكرمه) . ويقول ابن تيمية رحمه الله: (مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه وإذا كان في المسألة قولان فان كان الانسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين ) . ولابد من الالتزام بأدب الحوار ومبادئ أصول البحث العلمي والتمسك بأدب الاختلاف للخروج من الخلاف: واولها: الإخلاص لله والتجرد من الهوى وحظوظ النفس عند البحث العلمي ودراسة المسالة الخلافية ولهذا صح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة اولهم عالم لم يخلص فى علمه لله وكان يحب ثناء الناس ومدحهم له. ثانيها: التحرر من التعصب للأشخاص او لرايه او راي شيخه فالعاقل كما قال القاسمي في قواعد التحديث: (يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال) . ثالثها: ان يكون همه الحق حتى لو ظهر على لسان محاوره ورضى الله عن الإمام الشافعى: (وددت ان الخلق تعلموا هذا العلم على ان لا ينسب الي منه حرف) وقال ايضا رحمه الله: (وددت إذا ناظرت احدا ان يظهر الله الحق على يديه) وفي شذرات الذهب: (ما ناظرت أحدا إلا وددت أن يظهر الله الحق على يديه وكان يقول لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله أنت أعلم بالحديث مني فإذا صح الحديث فأعلمني حتى أذهب إليه شاميا كان أو كوفيا أو بصريا) . وكان علماء المذهب الحنفي رغم اعتزازهم بمذهم يقولون كما قال ذلك النسفي والحصفكي عن مذهبهم وكل ما ذهبو اليه من المسائل الفقهية: (إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفنا قلنا وجوبا مذهبنا صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ يحتمل الصواب ) . ورابعها: عدم الطعن أو تجريح العلماء في المسائل الخلافية، إذ لا يقين فى الاجتهاديات بصواب أحد القولين وما يملكه الباحث فى هذا المجال الترجيح، والترجيح لا يعنى القطع واليقين والاتهام والتهجم والطعن والتجريح والانتقاص من الراي المخالف ليس من نهج السلف الصالح فى اختلافهم فى الاجتهاد فلا يجرح بعضهم بعضا بل يثنى بعضهم على بعض برغم ما اختلفوا فيه، بل يبحث له عن اعذار حتى لو كان الخلاف في فروع العقائد يقول الذهبي رحمه الله في التابعي الجليل قتادة الذي كان يرى القول بالقدر: (وكان يرى القدر نسأل الله العفو ومع هذا فما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه والله حكم عدل لطيف بعباده ولا يسأل عما يفعل ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلَـلَهُ ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه) . وايضا يقول في ابن خزيمة: (ولابن خزيمة عظمة في النفوس وجلالة في القلوب لعلمه ودينه واتباعه السنة وكتابه في التوحيد مجلد كبير وقد تأول في ذلك حديث الصورة فليعذر من تأول بعض الصفات وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا رحم الله الجميع بمنه وكرمه) . ويقول ابن تيمية رحمه الله عن الصحابة رضوان الله عليهم جميعا : (وتنازعوا في مسائل علمية اعتقادية كسماع الميت صوت الحى، وتعذيب الميت ببكاء اهله، ورؤية محمد ربه قبل الموت، مع بقاء الجماعة والألفة) . ويقول يحيى بن سعيد الانصاري: ( ما برح أولو الفتوى يفتون فيحل هذا ويحرم هذا فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه) . وخامسها: ان يبتعد عن المراء والتباهي والجدل العقيم يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار) . وسادسها: ومن آداب الخلاف الاساسية بل من اوجبها للوصول الحق والصواب، عدم الخلط بين النص والفهم والراي، وعدم اضفاء قدسية النص للفهم، فما يراه من النص حتى وان كان ظاهرا فهو فهم وليس نصا حتى يحكم على ما ذهب اليه هو الكتاب والسنة وما خالف ذلك مخالف للكتاب والسنة وبالتالي ما يراه ويفهمه مقدس لا يجوز مخالفته؛ لان في كثير من المسائل الخلافية دليل الفرقاء واحد ولكن كل واحد يفهمه على وجه وكل يرى فيه ما لا يراه صاحب الراي الاخر، فاي الفهمين نص وايهما راي؟! ومثال ذلك قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه يوم الخندق: (لا يصلين أحد العصر إلا فى بني قريظة) فأدركتهم العصر فى الطريق فقال قوم: لا نصلى إلا فى بنى قريظة وفاتتهم العصر. وقال قوم :لم يرد منا تأخير الصلاة فصلوا في الطريق (فلم يعب واحداً من الطائفتين) . قال ابن تيمية رحمه الله: (وهذا وإن كان في الأحكام ( اي المسائل الفقهية) فما لم يكن من الأصول المهمة (اي الاصول العقائدية المهمة الاساسية) فهو ملحق بالأحكام ) اي يجوز فيها الاختلاف كما جاز في المسائل الفقهية. وسابعها: وايضا من الآداب: عدم هجران بعضهم البعض وعدم مقاطعته او بالتالي البراءة منه؛ لأنه يخالفك في مسالة تزعم ان رأيك سنة ورأيه بدعة وفي ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله: ( وأما الاختلاف في الأحكام فأكثر من أن ينضبط ولو كان كل ما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة ولقد كان أبو بكر وعمر رضى الله عنهما سيدا المسلمين يتنازعان في أشياء لا يقصدان الا الخير) . وهذا ابن مسعود وعمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) على كثرة التشابه بين منهجهما الفقهي أوصل ابن حزم وابن القيم والشوكاني المسائل التي اختلفوا فيها إلى مائة مسألة بل يقول ابن حزم رض الله عنه : ( وأما اختلافهما فلو تقصي لبلغ أزيد من مائة مسألة ) . ومع ذلك انظر ثناءهما على بعضهما.يقول عمر عن ابن مسعود فيما رواه زَيْدِ بن وَهْبٍ قال إِنَّا لَجُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ جاء عبد اللَّهِ يَكَادُ الْجُلُوسُ يُوَازِنُهُ من قِصَرِهِ فَضَحِكَ عُمَرُ حين رَآهُ قال فَجَعَلَ يُكَلِّمُ عُمَرَ وَيُضَاحِكُهُ وهو قَائِمٌ عليه ثُمَّ وَلَّى فَأَتْبَعَهُ عُمَرُ بَصَرَهَ حتى تَوَارَى فقال كُنَيْفٌ مُلِئَ فِقْهًا ) .ويقول ابن مسعود عن عمر: ( إن كان عمر حصنا حصينا يدخل الإسلام فيه ولا يخرج منه فلما أصيب عمر انثلم الحصن فالإسلام يخرج منه ولا يدخل فيه إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر) . ويقول ابن تيمية رحمه الله: ( وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إذا تنازعوا في الأمر اتبعوا أمر الله تعالى في قوله: ﭽ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﭼ النساء: ٥٩ وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة واخوة الدين) ويقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً) . ويقول الذهبي: (ما زال العلماء يختلفون ويتكلم العالم في العالم باجتهاده وكل منهم معذور مأجور ومن عاند أو خرق الإجماع فهو مأزور وإلى الله ترجع الأمور) . ومن الاداب المهمة جدا للخلاف عدم الانكار في المسائل الاجتهادية الخلافية اذا كانت صادرة من اهلها من العلماء وفي ذلك يقول امير المؤمنين في الحديث سفيان الثوري رحمه الله (إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه) . قال ايضا: (ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحداً عنه من إخواني أن يأخذ به) . ويقول أحمد فيما يرويه عنه ابن مفلح: (لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ولا يشدد عليهم) . بل جاء في شرح العمدة عنه : (لا ينبغي للفقيه ان يحمل الناس على مذهبه قال ـ أي احمد ـ ولو كان يعتقد انهم على خطا لما دل عليهم وامر بالاستفتاء لهم) . ويقول ابن تيمية: (مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه) . ويقول النووي في شرح مسلم رحمه الله: (وان كان ـ الحكم المختلف فيه ـ من دقائق الافعال والاقوال ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخل فيه ولا لهم انكاره بل ذلك للعلماء ثم العلماء انما ينكرون ما أجمع عليه أما المختلف فيه فلا انكار فيه لان على أحد المذهبين كل مجتهد مصيب وهذا هو المختار عند كثيرين من المحققين أو أكثرهم وعلى المذهب الآخر المصيب واحد والمخطىء غير متعين لنا والاثم مرفوع عنه لكن ان ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق فان العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف اذا لم يلزم منه اخلال بسنة أو وقوع فى خلاف آخر) . المبحث الأول: فيما يتعلق بالبدعة وفيه ستة مطالب المطلب الأول: تعريف البدعة لغة واصطلاحا. البدعة لغةً : من بدع وابتدع وأبدع وتبدع وبدعه واستبدعه، وبدع بدعة، وبدعه أنشاه كإبتدعه، ومنه بدع الله الخلق، أي أحدثهم لا على مثال سابق، وأبدع الشاعر بمعنى أتى بالبديع،وبأمر لم يسبقه إليه احد من الشعراء، ولهذا نقول كاتب مبدع أو شاعر مبدع أي يأتي بالجديد ومنه البديع أي الخالق المخترع ومنه قوله تعالى ﭽﯖ ﯗ ﯘﭼ أي مخترعهما من غير مثال سابق متقدم . وفلان بدع في هذا الأمر أي هو أول من أحدثه ومنه قوله تعالى: ﭽﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﭼ أي ما كنت أول من جاء بالرسالة بل تقدمني كثير من الرسل، وهذا أمر بديع يقال في الشيء المستحسن الذي لا مثال له في الحسن فكأنه لم يتقدمه ما هو مثله ولا ما يشبهه . أما شرعاً: نبدأ بتعريف المحقق الشاطبي المعروف والمشهور بين العلماء ثم نشرح تعريفه لنصل من خلاله الى اراء العلماء فيها فنقول : ( بأنها طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ) . شرح التعريف الطريقة : معناها هو ما رسم للسلوك عليه، (في الدين ) هو ما شرعه الله تعالى على لسان الرسول (صلى الله عليه وسلم) من العقائد والعبادات والمعاملات وإنما قيدت بالدين : أ- لأنها فيه تخترع واليه يضيفها صاحبها . ب- واحترازاً عما يخترع من طرق في الدنيا على الخصوص فأنها لا تسمى بدعة كأحداث الصنائع والبلدان التي لا عهد بها فيما تقدم . ثم ان الطرق في الدين تنقسم الى قسمين : 1 ـ ماله أصل في الشريعة سواء كان من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو أي دليل معتبر أو كان مأخوذا من جملة الشريعة فهذا النوع ليس ببدعة البتة كجميع العلوم التي اخترعت بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) والتي تخدم الشريعة فإنها وان لم توجد في الزمان الأول فأصولها موجودة في الشرع وفي هذا المعنى يقول ابن رجب الحنبلي: (والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا وإن كان بدعة لغة) . اذا المطلوب فكل ما احدث ويشهد له دليل لا يعد بدعة اصلا حتى لا نلجا الى تقسيم البدعة حسب ما ذهب اليه الجمهور ولتاكيد هذا المعنى يقول ابن حجر: ( البدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق وتطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة والتحقيق أنها أن كانت مما تندرج تحت مستحسن ـ اي له اصل يدل عليه ـ في الشرع فهي حسنة وأن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع ـ اي ليس له اصل يدل عليه ـ فهي مستقبحة ) . اذا الفصل في الامر ان ينظر هل له اصل يدل عليه هل يندرج تحت قاعدة شرعية معتبرة عند العلماء ان كان كذلك لا يحكم على هذا المر بانه بدعة وهذا عين ماحكم عليه الشاطبي خلال كتابه لو درسناه بالدقة والتفصيل فيقول :( ان من حقيقة البدعة ان لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده اذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب او ندب او اباحة لما كان ثم بدعة ولكان العمل داخلا في عموم الاعمال المأمور بها او المخير فيها ) . ويقول في شرح قوله (صلى الله عليه وسلم) لبلال : (اعلم قال: ما أعلم يا رسول الله ؟! قال: اعلم يا بلال، قال: ما أعلم يا رسول الله ؟ قال: أنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا ) قوله (صلى الله عليه وسلم) لبلال بن الحارث (رضي الله عنه): (ومن ابتدع بدعة ضلالة) فظاهر ان البدعة لا تذم بإطلاق بل بشرط ان تكون ضلالة وان تكون لا يرضاها الله ورسوله فاقتضى هذا كله ان البدعة اذا لم تكن كذلك لم يلحقها ذم ولا تبع صاحبها وزر فعادت إلى انها سنة حسنة ودخلت تحت الوعد بالاجر ) . ثم يقول: ( ان السلف الصالح رضي الله عنهم واعلاهم الصحابة قد عملوا بما لم يأت به كتاب ولا سنة مما رأوه حسنا واجمعوا عليه ولا تجتمع أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) على ضلالة وانما يجتمعون على هذا وما هو حسن فقد اجمعوا على جمع القرآن وكتبه في المصاحف وعلى جمع الناس على المصاحف العثمانية واطراح ما سوى ذلك من القراءات التي كانت مستعملة في زمان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولم يكن في ذلك نص ولا حظر ثم اقتفى الناس اثرهم في ذلك الرأي الحسن فجمعوا العلم ودونوه وكتبوه ومن سباقهم في ذلك مالك بن انس رضي الله عنه وقد كان من اشدهم اتباعا وابعدهم من الابتداع ) ويقول القرافي في الذخيرة والفروق: ( فالبدعة إذا عرضت تعرض على قواعد الشريعة وأدلتها فأي شيء تناولها من الأدلة والقواعد ألحقت به من إيجاب أو تحريم أو غيرهما وإن نظر إليها من حيث الجملة بالنظر إلى كونها بدعة ) . والتحقيق يظهر ان الاختلاف بين الشاطبي والجمهور الذين يقولون بالبدعة الحسنة ليس اختلافا حقيقيا بل هو اختلاف اصطلاحي وبيان ذلك هو يريد عند ظاهر الحديث (كل بدعة ضلالة ) وبانها لا تكون حسنة بحال وانما هي ضلالة على كل حال وان المبتدع الذي يدل عليه اصل من اصول الشريعة والذي يسميه الجمهور بالحسنة فانه يقره من حيث الجواز في بعض وجوهه لكنه لايرتضي ان يسميه بدعة حسنة وإنما يسميه بدعة إضافية وله فيها تفصيل فمنها ما قبله ومنها ما رده فعلى سبيل المثال قراءة القران بشكل جماعي في المسجد بعد صلاة الفجر وبشكل دائم عنده بدعة إضافية وبغير المداومة ودون تخصيص يوم لا باس به وان كانت بدعة إضافية ويُجَوِزُ فعل بعض السلف ختم القرآن في ليلة واحدة مع انه لم يؤثر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ختمه في ليلة واحدة . وقريبا من هذا المعنى بان الاختلاف بين العلماء في تقسيم البدعة اصلاحي وليس حقيقي يقول بن تيمية رحمه الله: (ومعلوم أن كلما لم يسنه ولا إستحبه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا أحد من هؤلاء الذين يقتدى بهم المسلمون في دينهم فإنه يكون من البدع المنكرات ولا يقول أحد في مثل هذا إنه بدعة حسنة إذا البدعة الحسنة عند من يقسم البدع إلى حسنة وسيئة لابد أن يستحبها أحد من أهل العلم الذين يقتدى بهم ويقوم دليل شرعي على إستحبابها وكذلك من يقول البدعة الشرعية كلها مذمومة لقوله (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الصحيح (كل بدعة ضلالة) ويقول قول عمر في التراويح (نعمت البدعة هذه ) إنما أسماها بدعة بإعتبار وضع اللغة فالبدعة في الشرع عند هؤلاء ما لم يقم دليل شرعي على إستحبابه ومآل القولين واحد إذ هم متفقون على أن مالم يستحب أو يجب من الشرع فليس بواجب ولا مستحب فمن إتخذ عملا من الأعمال عبادة ودينا وليس ذلك في الشريعة واجبا ولا مستحبا فهو ضال بإتفاق المسلمين) . 2 ـ ما ليس له أصل في الشريعة لا من كتاب ولا سنة ولا اجماع ولا قياس فقد نقل البيهقي للشافعي رحمه الله وهو الملقب بناصر اهل السنة ما يؤكد هذا الامر فيقول قال الشافعي: ( والمحدثات من الأمور ضربان أحدهما ما احدث يخالف كتابا أو سنة أو اثرا أو اجماعا فهذه البدعة الضلالة والثانية ما احدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا وهذه محدثة غير مذمومة) . فالبدعة تشمل القسم الثاني المخترع على غير مثال سابق من الشارع وهي كما قال الجزري: (ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة) . وقوله ( تضاهي الشرعية ) بمعنى انها تشابه الطريقة الشرعية من غير ان تكون في الحقيقة كذلك كتخصيص يوم من الأيام بشيء من العبادات .. فلو كانت لا تضاهي ولا تشابه الأمور المشروعة لم تكن بدعة لأنها تصير من باب الأفعال العادية كالذي يقوم الى الصلاة فيتنحنح أو يمشي خطوات أو يحرك رأسه بفعل العادة فهذا أيضاً لا حرج فيه وهو من العادات الجائزة التي لا تشابه المشروع ولا تلتبس به . وقوله ( يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ) وهو تمام البدعة اذ هو المقصود بتشريعها فانه يفعل ما يفعل وينوي بذلك التقرب والتعبد ولم يتبين له أن ما وضعه الشارع فيه من القوانين والحدود كاف في التعبد، فأخترع ما اخترع . وقد تبين بهذا القيد ان العادات لا تدخل في معنى البدعة وكل ما اخترع من الطرق في الدين مما يضاهي المشروع ولم يقصد به التعبد فقد خرج ايضاً عن هذه التسمية ( البدعة ) كالضرائب الملزمة على الأموال وغيرها على نسبة مخصوصة وقدر مخصوصة من السلطة فهذا مما يشبه الزكاة ولكن لا يسمى بدعة. شروط البدعـة إذاً فالبدعة التي تجب محاربتها والقضاء عليها لا بد ان تتحقق فيها الشروط الآتية : 1- ان تكون من الأمور التي يفعلها العباد على إنها من العبادات . 2- لم يكن لها أصل في الإسلام . يقول ابن تيمية رحمه الله ( فان البدعة الشرعية أى المذمومة في الشرع هي ما لم يشرعه الله في الدين أى ما لم يدخل في أمر الله ورسوله وطاعة الله ورسوله فاما إن دخل في ذلك فإنه من الشرعة لا من البدعة الشرعية وإن كان قد فعل بعد موت النبى بما عرف من أمره كاخراج اليهود والنصارى بعد موته وجمع المصحف وجمع الناس على قارئ واحد في قيام رمضان ونحو ذلك ) فالبدعة الشرعية هي ما لم يقم دليل شرعي على أنها واجب، أو مستحب او مباح، فأن قام عليها دليل، لا تسمى بدعة شرعية، سواء افعل في عهده (صلى الله عليه وسلم) أم لا فجمع المصحف وجمع الناس على قراءة واحدة في عهد عثمان رضي الله عنه ليس بدعة وان لم يفعل في عهده (صلى الله عليه وسلم) ويقول ابن رجب لحنبلي: البدعة ما احدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه اما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعاً . 3- ان تكون مضاهية للمشروع بمعنى مشابهة للأمور المشروعة من غير ان تكون في الحقيقة كذلك، أي يجعلها المبتدع مشابهة للشرع حتى يكون ملبسة لها على الغير . 4- ان كان القصد والنية من فعلها التقرب الى الله تعالى . وبعد هذا التوضيح اقول ان التعريف الجامع المانع للبدعة هو ماذكره صاحب التعريفات وهي: ( البدعة هي الفعلة المخالفة للسنة سميت البدعة لأن قائلها ابتدعها من غير مقال إمام وهي الأمر المحدث الذي لم يكن عليه الصحابة والتابعون ولم يكن مما اقتضاه الدليل الشرعي ) . المطلب الثاني: شرح أهم الأحاديث الواردة في البدعة التي عليها الاعتماد فيها. الحديث الأول : جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) . الحديث الثاني : جاء في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) . الحديث الثالث : عن ابن نجيح العرباض بن سارية السلمي ( رضي الله عنه ) قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ...... ثم قال: وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة ) . وفي رواية ( فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) . شرح الحديث الاول : (من) تشير انه لا يقبل من أي إنسان كان أن يضيف أو يزيد حتى لا نقع تحت هيبة الأسماء و( احدث ) أي أنشأ واخترع من قبل نفسه و(في أمرنا) أي شأننا الذي نحن عليه وهو ما شرعه الله ورسوله، فالمراد من الأمر الدين وعبر عنه ( بأمرنا) أي دين الإسلام عبر عنه بالأمر تنبيها على أن هذا الدين هو أمرنا الذي نهتم به ونشتغل به بحيث لا يخلو عنه شيء من أقوالنا ولا من أفعالنا، وقوله (هذا) اشارة الى جلالته ومزيد رفعته وتعظيمه واستعمال الإشارة في غير المشاهد اعتناءً بشأن الدين ليكون حاضرا في ذهن السامع، واستعمل الإشارة للقريب لبيان حاله من الدين ان يكون قريباً منه دائماً . ومعنى (ما ليس منه) أي ليس منه فعلاً كان او قولاً أو اعتقاداً ولم يكن له سند ظاهر أو خفي من الكتاب والسنة ملفوظ أو مستنبط لان (ما) من صيغ العموم و( ليس منه ) بمعنى ينافيه ولا يشهد له شئ من قواعده الكلية وأدلته العامة وهو المسمى بالبدعة، أما ما لا ينافيه بان تشهد له قواعد الشرع او أدلته فليس برد بل هو مقبول كبناء الحصون وتشييد معاهد العلم وسائر أنواع البر التي لم تعهد في الصدر الأول فانه موافق لما جاءت به الشريعة ( فهو) معناه فذلك الذي ليس منه وهو المحدث، (رد) أي مردود على فاعله وباطل، من إطلاق المصدر على اسم المفعول ومعناه، باطل غير معتد به، وهو عام مخصص بالمحدث الذي لم يشرع بالكلية كنذر القيام وعدم الاستظلال . شرح الحديث الثاني : ( من عمل عملا ) المراد منه يشمل اعمال القلب واللسان والجوارح الأخرى ففي هذا الحديث زيادة على الحديث الأول وهو رد على بعض الفاعلين للبدعة، من انه لم يخترع ولم يحدث شيئاً، وإنما المخترع والمحدث هو من سبقه وهو مجرد مقلد، ويحتج على ذلك بالرواية الأولى ( من احدث ) وهو لم يحدث، فيرد عليه بهذه الرواية الصريحة في رد المحدثات المخالفة للدين الخارجة عما شرعه الله عز وجل على لسان رسوله سواء إحداثها أو سبق بأحداثها ويستفاد من الحديث الأول جملة أمور : 1- فيه دلالة للقاعدة الأصولية (إن مطلق النهي يقتضي الفساد) فكل العقود المنهي عنها باطلة لا تترتب عليها آثارها . 2- إن الاختراع في الأمور الدنيوية لا حرج فيه ما دام لا يصادم أصلا من أصول الدين فالشريعة تبيح للناس ان يخترعوا في أمور الدنيا ما أرادوا في صناعتهم ومساكنهم بشرط المحافظة على قاعدة العدل ودرء المفاسد وجلب المصالح . 3- إن حكم الحاكم لا يغير ما في حقيقة الأمر (ليس عليه أمرنا) فلا يحل به الحرام اذا كان ما ادعاه باطلاً في الواقع والشهود كذبة وينفذ حكمه ظاهراً فقط . 4- إن الاتفاق والصلح الفاسد منقوض كما جاء ذلك في قصة الأعرابي الذي كان ابنه عسيفاً أي أجيراً... ) . 5- ومنها ان ديننا قد كمل و اشتهر ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ المائدة: ٣. 6- ومنها الحث على الإتباع والتحذير من الابتداع وقال الامام أحمد هذا الحديث ثلث العلم وكلام الإمام أحمد يدل على أنه أراد بكونه ثلث العلم أنه أحد القواعد الثلاث التي ترد إليها جميع الأحكام عنده وهي حديث انما الاعمال بالنيات ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد والحلال بين والحرام بين قال العلامة الشوكاني : هذا الحديث من قواعد الدين لأنه يندرج تحته من الأحكام ما لا يأتي عليه الحصر وقال الحافظ ابن حجر في الفتح هذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعده فان معناه من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله لا يلتفت له . وقال الإمام النووي : وهذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به . شرح الحديث الثالث : والبدعة كما ظهر لك بأنها ما احدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجعل ديناً قويماً وصراطاً مستقيماً فقصرها على الحادث المذموم والمخالف للكتاب والسنة . فقوله (صلى الله عليه وسلم) ( اياكم ومحدثات الامور ) عام مقيد بقوله (صلى الله عليه وسلم) ( من احدث في امرنا ) اذا المحذور من المحدثات هو ما يكون في الدين فقط ثم ما هو محدث في الدين مقيد بقوله (صلى الله عليه وسلم) ( ما ليس منه ) ينافيه ولا يشهد له شئ من قواعده الكلية وأدلته العامة وهو المسمى بالبدعة، أما ما لا ينافيه بان يشهد له قواعد الشرع او أدلته فليس برد، وبهذا المعنى يقول الامام الشافعي كما نقل عنه البيهقي قال: ( والمحدثات من الأمور ضربان أحدهما ما احدث يخالف كتابا أو سنة أو اثرا أو اجماعا فهذه البدعة الضلالة والثانية ما احدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا وهذه محدثة غير مذمومة) . ويقول صاحب شرح المقاصد: ( البدعة المذمومة هو المحدث في الدين من غير أن يكون في عهد الصحابة والتابعين ولا دل عليه الدليل الشرعي ومن الجهلة من يجعل كل أمر لم يكن في زمن الصحابة بدعة مذمومة وإن لم يقم دليل على قبحه تمسكا بقوله عليه الصلاة والسلام إياكم ومحدثات الأمور ولا يعلمون أن المراد بذلك هو أن يجعل في الدين ما ليس منه ) . ويقول البغوى رحمه الله: (وأراد بمحدثات الأمور ما أحدث على غير قياس أصل من أصول الدين فأما ما كان مردودا إلى أصل من أصول الدين فليس بضلالة ) وعلى هذا يحمل قوله (صلى الله عليه وسلم) (وكل محدثه بدعة) ويقول الامام الخطابي رحمه الله تعالى في شرح قوله (صلى الله عليه وسلم) (كل محدثة بدعة ) (هذا خاص في بعض الأمور دون بعض وهي شيء أحدث على غير مثال أصل من أصول الدين وعلى غير عبادته وقياسه وأما ما كان منها مبنيا على قواعد الأصول ومردودا اليها فليس بدعة ولا ضلالة ) وقوله (صلى الله عليه وسلم) ( وكل بدعة ضلالة ) اي لا تكون من الشرع لأن الشرع كله هدى و بدعة الضلالة هي ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام . ولهذا يقول صاحب الاثار المرفوعة في شرح هذا الحديث: (وبالجملة فالضلالة ليست إلا التي لم يدل عليها دليل شرعي أصلا لا بنفسها ولا بنظيرها ولم تدخل تحت العمومات الشرعية لا ما عداها وإن صدق عليها البدعة اللغوية) . خلاصة القول فمنشأ الذم ليس مجرد لفظ محدثة بل ما تقترن به من مخالفته للسنة ودعايته الى الضلالة . وقال القاضي ابو بكر في شرحه لحديث العرباض بن سارية ما نصه (ليس المحدث والبدعة مذمومين للفظ محدث أو بدعة ولا لمعناهما فقد قال الله تعالى ﭽﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭼ الأنبياء: ٢، وقال عمر رضي الله عنه: ( نعمة البدعة هذه ) وإنما يذم من البدعة ما خالف السنة ويذم من المحدثات ما دعا إلى ضلالة ) . وأما ما كان مردودا الى قواعد الأصول ومبيناً عليها فليس بدعة، ولا يسمى الشيء بدعة شرعاً مع رجوعه الى قواعد الشرع أو أدلته مع استفادة حسنه من موارد النصوص ، إنما ما تناولته قواعد الشرع أو أدلته سواء كانت صريحة فيه أم لا . محال أن يكون من المبتدعات في الدين فكل بدعة قبيحة. ويراد ب قوله: (وكل محدثه بدعة ) ما خالف الأصول الشرعية ولم يوافق السنة لا مجرد أنها محدثه . ويقول الشاطبي: :( ان من حقيقة البدعة ان لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده اذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب او ندب او اباحة لما كان ثم بدعة ولكان العمل داخلا في عموم الاعمال المأمور بها او المخير فيها) وقال القاضي عياض: ما احدث بعد النبي صلى الله وعليه وسلم فهو بدعة والبدعة فعل ما لم يسبق إليه فما وافق أصلاً من السنة يقاس عليه فهو ممدوح وما خالف أصول السنة فهي ضلاله ومنه قوله (صلى الله عليه وسلم): (كل بدعة ضلالة) وذهب الى هذا القول النووي أيضاً . المطلب الثالث: كيف نتعامل مع المحدثات وحكم البدعة. اولا: كيف نتعامل مع المحدثات . 1- ما أحدث ولم يكن في عهده (صلى الله عليه وسلم) وفعله الصحابي فإنه لا يخلوا من : أ- إما أن يكون موافق لنص / الأخذ به هو الصحيح . ب- وإما أن يخالفه فيعذر الصحابي بعدم علمه به . ج- لا يظهر له مخالف ولا موافق ( من حيث النص ) ولا القواعد فالأولى الأخذ به . د- وإذا اختلف الصحابة فيتخير في الأخذ . 2- كذا يقال في الحادث في زمان التابعين ومن تبعهم . 3- وأما الحادث بعد الأزمنة الثلاثة يعرض على أدلة الشرع وقواعده فإن يظهر له مخالف فمردود، وإن ظهر له موافق فمستحسن، وإن لم يظهر هذا ولا هذا فلا يكون أتباعه واجباً لان أفعال العلماء وأقوالهم ليست حجة ما لم تكن مطابقة للشرع وأفعالهم يحتج لها ولا يحتج بها . ولا يرفض جملة بل ينظر إليه ويرد الى قواعد الشرع المقررة ومقاصد الشريعة فما وافق أخذ به كما هو الحال في كثير من الوسائل الدعوية الجديدة والتي لا يستغني العصر عنها مثل الإعلام والفن وغير ذلك، ولا يسمى الامر المستجد المستنبط من دليل شرعي بدعة اصلا، نعم من جهة اللغة يجوز تسميتها بدعة كما ورد عن عمر رضي الله عنه ( نعمت البدعة هذه ) وكما هو مذهب جمهور العلماء والمسالة المحدثة من دليل شرعي لا يلحقها الذم ولا تكون بدعة شرعا، وانما يذم المخترع والمحدث الذي لا دليل له وعلى ذلك يحمل قول من قال بالبدعة الحسنة فاما ذلك في البدعة اللغوية لا الشرعية . ثانيا: حكم البدعة . 1- البدعة أما زيادة في الدين أو تغير شيء من مشاعره فهي لا تكون بمعنى الوجوب او الندب وكذلك لا تكون بمعنى الكراهية فهي دائماً منهي عنها نهي تحريم وتكون معصية حيثما وقعت والدليل على انها لا تكون إلا معصية قوله (صلى الله عليه وسلم) ( فمن رغب عن سنتي فليس مني ) متفق عليه رداً على من قال من الصحابة : ( أما أنا فأقوم الليل ولا أنام ) وعلى من قال (أما أنا فلا انكح النساء ) وعلى من قال ( أم أنا فلا افطر ) فأنكر عليهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد ان وقف في المسجد خطيبا وهي اشد عبارة في الإنكار ولم يكن ما التزموا به ندب أو غير ذلك . وعن البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال: (بَيْنَا النبي (صلى الله عليه وسلم) يَخْطُبُ إذا هو بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عنه فَقَالُوا أبو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ ولا يَقْعُدَ ولا يَسْتَظِلَّ ولا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): ( مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ) . قال مالك رحمه الله: ( أمره ان يتم ما كان عليه لله فيه طاعة ويترك ما كان عليه فيه معصية ) . وللبخاري ايضاً عن قيس بن ابي حازم : ( دخل ابو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من احمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال مالها فقالت حجت مصمتةً قال لها تكلمي فان هذا لا يحل هذا عمل الجاهلية فتكلمت ) فتأمل كيف جعل القيام للشمس وترك الكلام من المعاصي مع انها في أنفسها من المباحات لكنه لما أجرتها مجرى ما يتشرع به ويدان الله به صارت معاصي فإذا علمنا بان البدعة ـ طبعا لا ننسى التي ليس لها اصل من الشرع يشهد لها كما هو مقرر عند العلماء المحققين ـ لا تكون الا حراما معصية فهي كباقي المحرمات والمعاصي متفاوتة الرتبة فتنقسم الى صغيرة وكبيرة وليست الكبيرة على درجة واحدة من الحرمة . أما البدعة الصغيرة / فهي البدعة الجزئية الواقعة في الفروع الجزئية بشرط ان تكون مبنية على شبهة فاذا كانت كذلك لا يتحقق دخولها تحت الوعيد بالنار الوارد في شأن البدعة وان دخلت تحت الوصف بالضلال . والضلال عام في البدع جزئية كانت أم كلية اما الوعيد بالنار فخاص بالبدع الكلية مثالها من نذر ان يصوم قائماً ولا يجلس ولا يستظل ويشترط : 1- ان لا يداوم عليها فان الصغيرة من المعاصي مع المداومة تكون كبيرة ولذا قالوا لا صغيرة مع الإصرار ولا كبير مع الاستغفار . 2- ان لا يدعو إليها فيكون إثم ذلك عليه فانه الذي أثارها وسبب كثرة وقوعها والعمل بها ( ومن سن سنة سيئة فعلية وزرها ووزر من عمل بها ) . 3- ان لا تفعل في المواضع التي هي مجتمعات الناس أو المواضع التي تقام فيها السنن وتظهر فيها أعلام الشريعة فان المظهر لها على هذا النحو كأنه يقول هذه سنة فاتبعوها . ومثل هذا كل معصية صغيرة اذا فعلت بحيث يقتدي بفاعلها صارت كبيرة فعلى حسب كثرة الاتباع يعظم عليه الوزر . 4- ان لا يستحقرها فان ذلك استهانة بها والاستهانة بالذنب أعظم من الذنب لقوله (صلى الله عليه وسلم) ( ان المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف ان يقع عليه وان الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على انفه فقال به هكذا ) . واما الكبيرة: فهي البدعة الكلية السارية فيما لا ينحصر من فروع الشريعة، وهي التي يتحقق دخولها تحت الوعيد الوارد في الكتاب والسنة فهو مخصوص لقسم الكلي ( مثل بدعة إنكار الأخبار النبوية والاكتفاء بالقرآن وحده ) . أما حكمها بمعنى العقوبة المترتبة عليها : 1- فإن كانت البدعة مما توجب الردة والعياذ بالله فجزاء المبتدع جزاء المرتد يستتاب فإن لم يتب يقتل فإن لم تكن توجب الردة فتختلف عقوبتها بحسب اختلاف حالها في نفسها . إذ لم يرد في الشرع في البدعة حد معين لا يزداد عليه ولا ينقص منه . فهذا الصبيغ العراقي كان يسأل عن المتشابهات فضربه عمر بن الخطاب بالجريد الرطب ثم سجنه حتى إذا خف الذي به أخرجه فضربه فقال يا أمير المؤمنين: إن كنت تريد قتلي أجهز عليّ وإلا فقد شفيتني شفاك الله فخلاه عمر . وكان الشافعي ( رضي الله عنه يقول : حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل ويطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال هذا من ترك الكتاب والسنة وأخذ الكلام . والإنكار يكون على هذا النحو : 1- فإن كانت البدعة من الأمور الظاهرة التي يعرفها العامة والخاصة وجب النهي عنهما جميعاً . 2- وإن لم تكن كذلك فيختص بها العلماء أو بمن عرفه من العامة . 3- ومحل الإنكار ما أجمع فيه العلماء على إنها بدعة . أما المختلف فيه بين العلماء كقراءة دعاء الوسيلة بعد الإقامة او رفع الصوت بالبسملة في الصلاة الجهرية وكقراءة دعاء القنوت في صلاة الفجر فلا يحل الإنكار عليه لان المذهبين اجتهاد وكل مجتهد مأجور وهذا المختار عند المحققين . ولكن لو ندبه برفق ولين الى الخروج من الخلاف على جهة النصيحة فهو حسن والاتفاق بين العلماء على الحث للخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة أو وقوع في خلاف آخر . 4- وكذلك ينكر على من فعل فعلاً مختلفاً فيه ولكن خالف النص الظاهر أو الإجماع أو القياس الجلي كنكاح المتعة ووطئ المطلقة ثلاثاً بدون أن تنكح زوجاً آخر . المطلب الرابع: الفرق بين البدعة والمصلحة المرسلة . ومن الناس من تشتبه عليه البدع بالمصالح المرسلة ومنشأ هذا الالتباس يعود الى أن المصالح المرسلة والبدعة يجريان من واد واحد وهو أن كلاً منهما لم يقم على خصوصه دليل شرعي فإذن يجب الفرق بينهما 1- وقد تقدم تعريف البدعة بأنها كل حادث لا يشهد له نص ولا إجماع ولا استدلال معتبر . والمصالح الثلاثة : 1- ما ورد به الشرع ( كالضروريات الخمسة ) بالاعتبار . 2- ما رد به الشرع بالإلغاء مثل مصلحة المرابي في زيادة ماله عن طريق الربا. 3- ما سكت عنه الشرع إلغاء او اعتبارا. فالأولى مصالح معتبرة ترتبط بها عللها وجودا وعدما وتقاس عليها لتاخذ حكمها نفسه كل واقعة غير منصوص عليها وهي تساويها وتشترك معها في العلة نفسها والثانية ملغاة لا يصح بناء الاحكام عليها والثالثة مصالح مرسلة وهي التي لم ينص الشارع على الغائها ولا على اعتبارها وفيها وصف مناسب لتشريع حكم معين من شانه ان يحقق مصلحة اما بجلب منفعة او دفع مفسدة مثل المصلحة التي اقتضت جمع القران الكريم . كان الصحابة والتابعون يجتهدون في الحادثة التي لم يرد بها نص من الكتاب والسنة بناء على القواعد الكلية والأدلة العامة في الدين ولم يكونوا يهتمون بأصل معين يقيسون الحادثة التي يفتونه فيها كما قضى عمر رضي الله عنه على محمد بن سلمه بأن يمر خليج جاره في أرضه لانه ينفع جاره ولا يضره بناء على أصل عم وهو إباحة النافع وحضر الضار. ونضرب أمثلة للتوضيح : 1- ان أصحاب الرسول اتفقوا على جميع القرآن في مصحف واحد مع انه لم يفعله النبي (صلى الله عليه وسلم) وكان ابو بكر لم يكن يرى ذلك بل كان يتورع من أن يفعل أمراً لم يفعله النبي (صلى الله عليه وسلم) فما زال به عمر حتى شرح الله صدره لذلك لما فتح الموضوع مع زيد كذلك تحرج حتى قال والله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ منه ثم جمعهم عثمان على قراءة واحدة منعاً للاختلاف فيه ودرءاً للفتنة . 2- قضى الخلفاء الراشدون بتضمين الصناع بناء على المصلحة . 3- وقف تنفيذ حد السرقة في عام المجاعة . 4- جواز حبس المتهم وجواز ضربه بالتهمة المقترنة بقرينة تؤثر في القلب نوعاً من الظن القوي . 5- للإمام أن يعاقب بالمال إذا رأى المصلحة في ذلك . 6- قتل الجماعة بالواحد والمستند فيه المصلحة المرسلة . فهذه الأمثلة توضح لنا الفرق بين البدعة والمصالح المرسلة واليك تفصيل الفرق : 1- ان البدعة تظهر في العبادات والعبادات لا يعقل معناها على التفصيل . والمصالح المرسلة : إنما هو فيما عقل منها وجرى على المناسبات المعقولة التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول فيدخل بالعادات والمعاملات ولا مدخل لها في التعبدات ولا فيما جرى مجراها . 2- المصالح المرسلة يرجع الى حفظ أمر ضروي أو رفع حرج لازم في الدين فجمع المصحف حفظ للشريعة يحفظ أصله والبدعة مضادة للمصلحة لأنها تكون في التعبدات ومن شأنها أن تكون غير معقولة المعنى . 3- البدع تكون في المقاصد، والمصالح المرسلة فأنها تكون في الوسائل وتكون في المعاملات دون العبادات لأن العبادات حق الشارع خاص به ولا يمكن معرفة حقه كماً وكيفاً وزماناً ومكاناً الا من جهته بخلاف المعاملات فهي من حقوق المكلفين فإنها أحكام سياسية شرعية وضعت لمصالحهم وكانت هي المعتبرة . ومما سبق يظهر لنا جليا ان الامر المبني على مقتضى المصلحة المرسلة المنضبطة بشروط العمل بها لا تكون بدعة ولا يتهم القائل بها بالابتداع لان الصحابة رضوان الله عليهم اجتهدوا في امور كثيرة وفق المصلحة وبقيت بعدهم للامة دليلا للاستدلال على مصالح يقوم الدليل عليها وفي ذلك يقول الشاطبي: ( وان ثبت ان المصالح المرسلة مقول بها عند السلف مع ان القائلين بها يذمون البدع واهلها ويتبرأون منهم دل على ان البدع مباينة لها وليست منها في شيء ) . ولكن يبقى الخلاف في سلامة وصحة الاستدلال بهذا الاصل على بعض المحدثات وتنزيله عليها كالاحتفال بالمناسبات والأحداث الإسلامية المختلفة هل من المصلحة ام لا؟ وهل يصح الاستدلال على فعل ذلك بالمصلحة المرسلة؟ منع ذلك بعض العلماء مستدلا على اصل مطرد عندهم وهو عدم فعل ذلك من السلف او بناء على قاعدة لو كان خيرا لسبقونا اليه وعلماء الاجتماع والتربية يقررون ان الاحتفال بالمناسبات الدينية بنية التذكير بالاحداث الاسلامية يحقق تاثيرا اجابيا كثيرا ويسمون هذا النوع من التربية، التربية بالاحداث وفي هذا مصلحة عظيمة ويمكن الاستدلال بهذا العمل بالمصلحة المرسلة . المطلب الخامس: اسباب انتشار البدع ووسائل الوقاية منها. اولا: أسباب انتشار البدع . 1- سكوت كثير من العلماء على تلك البدع وعدم تبيانها . 2- تأييد كثير من الحكام لتلك البدع ومحاربة شرع الله . 3- القول في الدين بغير علم في الفتوى . 4- الجهل بالسنة من حيث مكانتها وجهل التمييز بين الأحاديث . 5- إتباع المتشابه والهوى والجهل بأساليب اللغة. 6- عمل العالم نفسه بالبدعة فيقلده العامة . ثانيا: وسائل الوقاية من البدع . 1- نشر السنة وإحياؤها والتعريف بها . 2- تطبيق السنة في سلوك الفرد والمجتمع . 3- عدم قبول الاجتهاد ممن لا يتأهل له ورده الى أهله . 4- نبذ التعصب للرأي . 5- الرد على ما يوجه من حملات ظاهرة وخفية . 6- منع العامة من القول في الدين بالتوعية والدعوة الرشيدة . الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالطرق المشروعة بأحسن الوسائل . المطلب السادس: أهم الاسس والضوابط الأساسية لفهم البدعة. الاساس الاول : البدعة المذمومة هي التي تكون في الدين، وليست في الأعراف والعادات . فالأعراف شي والدين شيء آخر، ولا يمكن إلغاء الأعراف مهما تجددت إلا إذا خالفت الشرع خلافاً واضحاً، ولا يحكم على الأعراف بأنها بدعة، وفي ذلك يقول ابن القيم في كتابه القيم زاد المعاد ( ومن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف أعرافهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ضل وأضل، وكانت جناية على الدين أعظم من جناية من طبب الناس على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتب الطب على ابدأنهم، بل هذا الطبيب الجاهل وهذا المفتي الجاهل اضر ما على أديان الناس وابدأنهم ) ويقول في موضع آخر ( فمهما تجدد فـي العرف فاعتبره ومهما سقط فالغه ولا تجمد على المنقول في الكتب طول عمرك بل اذا جاءك رجل من غير اقليمك يستفتيك فلا تجره على عرف بلدك وسله عن عرف بلده فأجره عليه، وافته به، دون عرف بلدك المذكور في كتبك فهذا هو الحق الواضح والجمود على المنقولات ابدأً ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضيين ) . الاساس الثاني: وما يخترع في الدنيا فقط، لا يسمى بدعة كأحداث الصنائع لأن المسلمون مطالبون بالاختراع والابتكار في أمور الدنيا في شتى المجالات لسد حاجتهم وتقوية أنفسهم والقدرة على القيام بواجب الخلافة وعمارتها وهذا ما يجب ان نسعى إليه ونحث عليه المسلمين ليستفيدوا من الأمور الجديدة التي لا تتعارض مع أصل من أصول الدين. الاساس الثالث : التحسين والتقبيح شرعيان وليس عقليين بمعنى انه ليس للعقل مجال في التشريع بالتحسين والتقبيح . وما ثبت بدعيته فهي بدعة تجب محاربتها ولا مجال لاستحسانها بالأهواء وكون الشيء خيراً او شراً لا يثبت إلا بالشرع. ولكن مقابل ذلك يجب أن نعلم أن البدعة التي تصدر من أي مخلوق فلا يخلو أن يكون لها أصل في الشرع أو لا، فأن كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وحض رسوله عليه فهي في المدح، وان لم يكن مثاله موجوداً فالأمر المستحسن لا يكون إلا بمستحسن وهو العقل و الشرع وما ثبت استحسانه شرعاً فهذا مفروغ منه لا حاجة أن نسميها بدعة حسنة كصلاة التراويح جماعة وما ينشأ من القياس والاستدلال كذلك. الاساس الرابع : يجب ان نميز تميزاً واضحاً لا لبس فيه بين البدعة الحقيقة والاضافية، فالحقيقية هي التي لا خلاف عليها بين جميع الأمة في محاربتها وهي التي لم يدل عليها دليل شرعي لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا استدلال معتبر عند أهل العلم لا في الجملة ولا في التفصيل. وأما البدعة الإضافية فهي التي لها شائبتان إحداهما لهما من الأدلة متعلق فلا تكون من تلك الجهة بدعة والأخرى ليس لها متعلق الأمثل ما للبدعة الحقيقية. أي إنها بالنسبة الى إحدى الجهتين سنة لأنها مستندة الى دليل شرعي وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة لإنها مستندة الى شبهة لا الى دليل شرعي وما كان من هذا الباب خلاف فقهي لكل فقيه فيه رأيه ولا باس بتمحيص الحقيقة بالدليل والبرهان خروجاً من الخلاف وأيضاً ما كان من هذا الباب لا يجوز الإنكار فيه بل لا بد من التناصح بالتي هي أحسن والتأدب بأدب الخلاف . فعلى هذا كثير من المسائل المتنازعة عليها اليوم هل هي بدعة او ليست بدعة، من الأمور الخلافية الفقهية شانها كشأن مسالة فقهية فيها أكثر من رأي ولكل رأي دليله، ويسلك فيها مسلك التمحيص والنظر الى الأدلة دون الإنكار الشديد على صاحبها. الاساس الخامس : ان النبي (صلى الله عليه وسلم) انتقل الى جوار ربه وما ترك خيراً إلا دل الأمة عليه وما ترك شراً إلا حذر الأمة منه إذاً فكل زيادة على الشرع او نقص منه مردود على صاحبه. وكل عمل تركه النبي (صلى الله عليه وسلم) ان كان تركه مع الداعي لفعله ما ينبغي لأحد أن يفعله بعده إلا بدليل كأذان صلاة العيد فالداعي لفعله موجود وهو إعلام الناس لجمعهم الى الصلاة ومع ذلك تركه النبي (صلى الله عليه وسلم) هنا فعله احداث في الدين وبدعة، اما اذا ترك شيئا لعدم وجود الداعي او لم يعرف سبب تركه ينظر ان ثبت فيه الخير فجائز فعله خاصة اذا كان ممكنا ادرجاه ضمن اصل شرعي عام. الاساس السادس: لا يمكن الوصول الى الفهم الصحيح للبدعة مستغنياً عن فقه مقاصد الشريعة وروحها فمن أهمل مقاصد الشريعة كان متسرعاً في الحكم على الأشياء بالبدعة. الاساس السابع : ان البدعة التي تجب محاربتها والاتفاق عليها هي التي لا تشهد لها أصول الإسلام لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قول صحابي ولا أي دليل معتبر او قاعدة من الشرع المقررة من مقاصد الشريعة . الاساس الثامن: ضرورة الالتزام بالكتاب والسنة وما دلا عليه والوقوف عند حدود الله دون زيادة أو نقصان وانه كما يجب علينا توحيده بالإلوهية وان لا نعبد إلا هو كذلك يجب أن لا نعبده إلا بما شرع . الاساس التاسع : يجب ان يكون موقفنا واضحاً من البدعة وانه يجب محاربتها والقضاء عليها بشرط ان لا نقع في بدعة أخرى أشنع منها بل لا بد من الحكمة والوسائل المناسبة وان نعلم ان البدعة منكر من المنكرات ولا بد من فقه تغيير المنكر، كم من أناس لا يحسنون الإنكار نفروا الناس من الدين وبغضوهم فيه بسوء تصرفهم . الاساس العاشر : إذا تعارضت الأقوال على المقلد في المسالة بعينها، فقال بعض العلماء يكون العمل بدعة وقال بعضهم ليس ببدعة ولا يبين له الأرجح من العالمين بأعلمية أو غيرها فحقت الوقوف والسؤال عنها حتى يتبين له الأرجح فيميل الى تقليده دون الآخر وليس له إضفاء العصمة على من قلده وإلغاء اجتهاد الآخر، وقد يكون الذي ترك رأيه أقوى دليلاً من الذي يقلده وقد تكون المسالة في الأصل خلافية فقهية كما في المداومة على صلاة الضحى أو الأذان الأول يوم الجمعة أو قراءة دعاء الوسيلة بعد الإقامة . الاساس الحادي عشر: التعامل الحذر والصحيح مع المستحدثات وعدم التسرع في الحكم عليها انطلاقاً من كل محدثة بدعة، فهذا عام مخصص كما هو مقرر عند العلماء المحققين والصحيح ليس كل محدثة بدعة إلا إذا كانت لا أصل يشهد لها ومنشأ الذم ليس مجرد لفظ محدثة بل ما تقترن به من مخالفته للسنة ومن هنا وقع في الخطأ كثير من الناس على سبيل المثال ينقل الدكتور محمد احمد اراشد هذه الطرفة في محاضرته التي كانت بعنوان تاريخ الدعوة الاسلامية في عام 1992 فيقول : عندما اُدخل لأول مرة مكبرة الصوت الى المسجد الحرام، أنكرها بعض الشيوخ وقالوا إنها بدعة لان النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يستعملها في التبليغ. انطلاقاً من مبدأهم كل محدثة بدعة، وهذا خطأ بيين يجب التنبيه إليه فكثير من الأمور وسائل يمكن أن يحدث فيها تغيير كما هو الحال في كثير من الوسائل الدعوية والجهادية وكذلك يمكن أن تدرج هذه المحدثات تحت مقاصد الشريعة فلا يذم . الاساس الثاني عشر: لابد من التمييز بين بين الوسيلة والغاية فان كانت الغاية مشروعة فالوسيلة وان كانت محدثة تاخذ حكمها وفي هذا يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ( والوسائل تختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، ومن القواعد المقررة أن الوسائل لها أحكام المقاصد فوسائل المشروع مشروعة، ووسائل غير المشروع غير مشروعة، بل وسائل المحرم حرام. والخير إذا كان وسيلة للشر كان شرّاً ممنوعاً واستمع إلى الله عز وجل يقول: (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (الأنعام 108)، وسب آلهة المشركين ليس عدواً بل حق وفي محله لكن سب رب العالمين عدو وفي غير محله وعدوان وظلم، ولهذا لما كان سب آلهة المشركين المحمود سبباً مفضياً إلى سب الله كان محرماً ممنوعاً، سقت هذا دليلاً على أن الوسائل لها أحكام المقاصد فالمدارس وتصنيف العلم وتأليف الكتب وإن كان بدعة لم يوجد في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) على هذا الوجه إلا أنه ليس مقصداً بل هو وسيلة والوسائل لها أحكام المقاصد. ولهذا لو بنى شخص مدرسة لتعليم علم محرم كان البناء حراماً ولو بنى مدرسة لتعليم علم شرعي كان البناء مشروعاً) . ومن هذا الباب حدثني الدكتور محسن عبدالحميد انه دعي لالقاء محاضرة في الستينات في احدى مساجد اسطنبول قال دخل المسجد ووجت جمعا غفيرا في المسجد تقدمت الى المنصة لالقاء المحاضرة فوجئت انهم لم يضعوا المايكرفون فقلت لهم كيف تريدونني ان اوصل صوتي الى الصفوف الاخيرة بحنجرتي قالوا نعم فامام المسجد يمتنع عن استخدام المايكرفون باعتباره محدث وبدعة ولم يستخدم النبي غير وصوته والمبلغ يبلغ صوته الى الناس البعيدين الذين لا يصل اليهم صوته مباشرة يقول جاء الامام فقلت بماذا استعان النبي (صلى الله عليه وسلم) لاصال صوته للبعيدين فقال بالمبلغ قلت له المبلغ كان يبلغهم بصوته ام صوت النبي (صلى الله عليه وسلم) ينقل اليهم من خلال تبليغه قال بل صوته لأن صوت النبي (صلى الله عليه وسلم) ما كان يصل إليهم فقلت: أيهما أحسن أن نستعين بوسيلة توصل نفس صوت النبي (صلى الله عليه وسلم) إليهم أم بوسيلة نوصل معناه والصوت يكون للمبلغ؟ قال بل صوته أحسن، فقلت له: وهذا ما يفعله المكبر يوصل صوتي إلى الناس، اسمح لأهل المسجد باستخدام المايكروفون ليصل الصوت إلى جميع الحاضرين دون عناء من الإمام والخطيب الذي هو أنت وليصل صوت المحاضرين الذين يحاضرون في هذا المسجد، فاقتنع وسمح بإدخال المايكرفون في المسجد. طبعا هذا الموقف منه لأنه لا يفرق بين الوسيلة والغاية وان الوسيلة متغيرة وتختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، وأحكامها هي أحكام مقاصدها. المبحث الثاني: مسائل متفرقة في فقه العبادات. المطلب الأول: دعاء الوسيلة بعد الإقامة. المطلب الثاني: الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية للإمام. المطلب الثالث: قراءة القنوت في صلاة الفجر. المطلب الرابع: السنة القبلية في يوم الجمعة. المطلب الخامس: تكرار العمرة في الرحلة الواحدة. المبحث الثاني: مسائل متفرقة في فقه العبادات. التمهيد: اخترت في هذا المبحث مسائل متفرقة من فقه العبادات كنماذج لبيان انها مسائل فقهية كل الاقوال فيها مقدرة ووجيهة وقيمة والمسالة تدور بين الراجح والمرجوح او الصحيح والاصح والقوي والاقوى والظاهر والاظهر والتسرع بالابتداع على الراي المخالف ليس صحيحا ويخالف منهج السلف الصالح لانهم كانوا يختلفون في احكام كثيرة ومع ذلك لم يروا في هذا الاختلاف شرا، ولم يحاول أحد منهم أن يحمل الآخرين من ذلك او يرمي المخالف بالابتداع فهذا الإمام مالك رضى الله عنه عندما ألف كتابه المشهور ( الموطأ ) أراد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور أن يحمل الناس على العمل بما فيه ولا يتعدوه إلى غيره، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا، فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم.. فدع الناس، وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم . بل نجدهم يتعاذرون فيما بينهم ويترك رايه لراي مخالفه حرصا على الاخوة والوحدة وعدم التفرق فهذا الشافعي رحمه الله صلى الصبح في مسجد أبي حنيفة الصبح فلم يقنت ولم يجهر ببسم الله تأدباً مع أبي حنيفة رحمهما الله وفي هذا يقول هو عن نفسه: ( فأدركتني صلاة الصبح وأنا عند ضريحه ـ اي ضريح ابي حنيفة ـ فصليت الصبح ولم أجهر بالبسملة ولا قنت حياء من أبي حنيفة . وهذا الامام احمد رحمه الله كان يري الوضوء من الرعاف والحجامة فقيل له: ( فإن الإمام كان خرج منه الدم ولم يتوضأ هل تصلي خلفه؟ قال: كيف لا أصلي خلف الإمام مالك وسعيد بن المسيب ) . هؤلاء رؤوس العلم والائمة الذين ينبغي التمسك في منهجهم في المسائل الخلافية والتسارع في اتهام المخالف بالابتداع ليس منهجا علميا سليما وليس منهج العلماء امثال من سبق والتساهل والتسارع في رمي الناس واتهامهم بالابتداع منهج غير علمي لاسيما اذا كان لا ينطلق من تاصيل شرعي ثابت بل من تقليد لعلماء واضفاء المعصومية عليهم بعلم او بغير علم وحماس الشباب وغيرته على دينه وعقيدته الصافية لا يكفي في الحكم على بعض العادات المستحدثة وغيرها بأنها ابتداع في الدين، وأنها ومردودة. مع اننا لا نشكك في نوايا هؤلاء الشباب ولا في حماستهم وغيرتهم على دينهم وعقيدتهم , ولكن الغيرة والحماس على الدين شيء والحكم على الأشياء بالسنة والابتداع شيء آخر. وان التوسع في مفهوم البدعة والابتداع يؤدي إلى خلط الأمور خلطا كبيرا والى إيقاع الناس في الحرج والمشقة والدخول إلى المحظور من التنطع والتشدد في غير موضع التشدد , ولقد نهانا الإسلام عن ذلك في آيات قرآنية وأحاديث نبوية كثرة وهذا ليس مجال ذكرها فهذا البحث يهدف إلى نصح هؤلاء الشباب الغيورين والمتحمسين وطلبة العلم لأن يتحصنوا بحصانة التريث والتمسك بالمنهج العلمي في دراسة المسائل وعدم التسرع في اطلاق الاحكام لان العلماء اختلفوا في كثير من المسائل وتباينت آراؤهم واحكامهم في هذه المسائل بين وصفها بالاستحباب والسنة والجواز واقول للشاب المتحمس والطالب الغيور اذا ترجح عندك ان المسالة بدعة لا حرج في تسميتها بدعة ولكن ضرورى جدا ان تبين ان هذا اجتهادك ورايك وان رايك صحيح يحتمل الخطأ وان راي غيرك خطأ يحتمل الصواب وليعلم ان المنهج العلمي الصحيح لا يجيز تبديع المخالف ما دامت وجهات النظر محتملة وفي هذا الصدد يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله: (أنا أتحرج من أن يكون مخالف السنة على وجه يسوغ فيه الاجتهاد مبتدعاً ) ويقول: (فكوننا نقول: إن هذا مبتدع؛ لأنه خالف اجتهادنا، هذا ثقيل على الإنسان، ولا ينبغي للإنسان أن يطلق كلمة بدعة في مثل هذا؛ لأنه يؤدي إلى تبديع الناس بعضهم بعضاً في المسائل الاجتهادية التي يكون الحق فيها محتملاً في هذا القول أو ذاك، فيحصل به من الفرقة والتنافر ما لا يعلمه إلا الله ) . المطلب الأول: دعاء الوسيلة بعد الإقامة. دعاء الوسيلة إن سؤال الله تعالى الوسيلة والفضيلة للنبي (صلى الله عليه وسلم) بعد الأذان أمر مطلوب ومرغب فيه، ومستحب عند جميع الفقهاء لما جاء في الصحيح عند البخاري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ( من قال حين يسمع النداء: للهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة ) . وفي مسلم وغيره عن ان رسول الله (صلى الله عليه) وسلم قال: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله بها عليه عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة ) .وهذه سنة ثابتة للحديثين اللذين سبقا ذكرهما ويدلان بوضوح على اسنحباب طلب الوسيلة بعد الأذان ومشروعيتها ولكن ما هو حكم طلب الوسيلة بعد الاقامة؟. فقد اختلف الفقهاء في سنية هذا الدعاء عقب الإقامة على قولين بناء على اختلاف فهمهم لقوله (صلى الله عليه وسلم) (بين كل أذانين صلاة ) . القول الأول: إن الإقامة لها حكم الأذان في استحباب الترديد خلف من يقيم الصلاة، وفي الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد ذلك وفي الدعاء بما ورد : اللهم رب هذه الدعوة التامة وعلى من يسمع الإقامة ان يقول مثل ما على من يسمع الأذان من الإجابة والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) وطلب الوسيلة له و هذا هو المشهور في المذهب الشافعي . وما استدل به اصحاب هذا القول هو قوله صلى الله عليه وسلم: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله بها عليه عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة ) . وجه الدلالة: فهذا الحديث يدل على مشروعية طلب الوسيلة بعد الأذان، وبعد الإقامة، لأن كلاً منهما يسمى نداء، ويسمى أذاناً لقوله (صلى الله عليه وسلم) ( بين كل اذانين صلاة ) . وقال العلماء الأذانين هو الاذان والاقامة وبما انه (صلى الله عليه وسلم) سمى الإقامة أذاناً فدل على أنه يُشرع فيه من ترديدها والذكر بعدها، ومنه الدعاء المسؤول عنه ما هو مشروعٌ عقب الأذان. فان اعترض: سمى الإقامة أذاناً على جهة التغليب، كما يُقال للشمس والقمر القمران، وللتمر والماء الأسودان ونظائر ذلك، وليس يلزم من هذا أن تكون للإقامة أحكام الأذان من ترديدها والذكر بعدها، بل هذا يفتقر إلى دليل يخصه، وإذ لا دليل ثمّ فيبقى الأصل وهو عدم المشروعية، لأن مبنى العبادات على التوقيف . اجيب: (الإقامة أذان حقيقة لأنها إعلام بحضور الوقت للصلاة كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت فهو حقيقة لغوية وتبعه الطيبي وقال الاسم لكل منهما حقيقة لغوية إذ الأذان لغة الإعلام فالأذان إعلام بحضور الوقت والإقامة إيذان بفعل الصلاة صلاة أي وقت صلاة) . ومن المعاصرين الذين رجحوا هذا الراي: فقد جاء في فتاوى اللجنة: السنة أن المستمع للإقامة يقول كما يقول المقيم؛ لأنها أذان ثان فتجاب كما يجاب الأذان، ويقول المستمع عند قول المقيم: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) لا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول عند قوله: (قد قامت الصلاة) مثل قوله، ولا يقول: أقامها الله وأدامها؛ لأن الحديث في ذلك ضعيف، وقد صح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول وهذا يعم الأذان والإقامة، لأن كلا منهما يسمى أذانا. ثم يصلي على النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد قول المقيم (لا إله إلا الله) ويقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة... إلخ كما يقول بعد الأذان .انتهى. و قال الألباني في الثمر المستطاب: ( وعلى من يسمع الإقامة مثل ما على من يسمع الأذان من الإجابة والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) وطلب الوسيلة له كما سبق بيانه في المسألة من الأذان وذلك لعموم قوله (صلى الله عليه وسلم) : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول . . . ) الحديث ولأن الإقامة أذان لغة وكذلك شرعا لقوله (صلى الله عليه وسلم) : ( بين كل آذانين صلاة ) يعني أذانا وإقامة ) . وقال بن باز رحمه الله: (إذا فرغ المؤذن من الأذان يصلي على النبي (صلى الله عليه وسلم) ويقول: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته » هكذا جاء الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما رواه البخاري في صحيحه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وهكذا يقول غير المؤذن ممن يسمع الأذان؛ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول) متفق على صحته، وإن زاد: " إنك لا تخلف الميعاد " فحق؛ لأنها ثابتة من رواية البيهقي رحمه الله، وهكذا يقال بعد الإقامه؛ لأنها هي الأذان الثاني، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (بين كل أذانين صلاة) ) . القول الثاني: عدم جواز قراءة دعاء الوسيلة بعد الاقامة وهو المعروف في مذهب الحنابلة والحنفية وان كان الظاهر من كلامهم أن كل ما طلب من سامع الأذان، فهو مطلوب من سامع الإقامة . ودليله لم يثبت حديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) كان يقرا هذا الدعاء بعد الاقامة و يقول العلامة ابن عثيمين: (المتابعة في الإقامة فيها حديث أخرجه أبو داود، لكنه ضعيف لا تقوم به الحجة، والراجح أنه لا يتابع) . واجيب: معلوم أن السنة لا يلزمُ في ثبوتها أن يتوارد عليها القول والفعل معا، بل من السنن ما ثبت بقوله (صلى الله عليه وسلم) دون فعله، ومنها ما ثبت بفعله دون قوله، ومنها ما ثبت بالقول والفعل معاً، ومن السنن ما يثبتُ بإقراره (صلى الله عليه وسلم) لفاعلها، كما هو مبسوط مبين في كتب الأصول وبما انه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( بين كل أذانين صلاة)، والمراد بذلك الأذان والإقامة فإذا سميت إلإقامة أذانا دخلت في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول )، فيشمل الإقامة ما يشمل الأذان من الترديد خلفه ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن الدعاء بعده . فالمسألة كما كما هو واضح من قول الفريقين وادلتهم من مسائل العلم التي يسوغ فيها الخلافُ بين العلماء، وليس من العلم في شيء اتهام الطرف المخالف بالابتداع ومن ترجح له أحد القولين عمل به، ومن لم يترجح له شيءٌ قلد من يثق به من العلماء والله اعلم. المطلب الثاني: الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية للإمام. اختلف العلماء في الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية بل في قراءتها على اكثر من قول. القول الاول: وجوب قراءتها واستحباب الجهر بها في موضع الجهر وهذا ما ذهب اليه الشافعية وهو مروي عن عطاء وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير . واستدل اصحاب هذا القول بما ياتي: اولا: عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ بِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ حَتَّى بَلَغَ وَلا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ وَقَالَ النَّاسُ آمِينَ وَيَقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَإِذَا قَامَ مِنَ الْجُلُوسِ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَقُولُ إِذَا سَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَشْبَهُكُمْ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . وجه الدلالة: جهره بالبسملة وحلفه بانه اشبههم صلاة بالنبي (صلى الله عليه وسلم) يدل على ان الجهر منقول من النبي (صلى الله عليه وسلم) وهذا دليل على ان الجهر سنة. ثانيا: عن محمد بن أبي السري العسقلاني قال صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصي صلاة الصبح والمغرب فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها وسمعت المعتمر يقول ما آلو أن اقتدي بصلاة أبي وقال أبي ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك وقال أنس بن مالك: ( ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . ثالثا: عن أم سلمة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ( قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية الحمد لله رب العالمين آيتين) . رابعا: عن أنس بن مالك قال: (صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ فيها بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار من كل مكان يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟! فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوي ساجدا ) . القول الثاني اخفائها و الاسرار بها هو المستحب والجهر بها ليس بمستحب و هذا مذهب الحنفية والحنابلة وهو المروى عن ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن الزبير وعمار رضي الله عنهم وبه يقول الحكم وحماد والاوزاعي والثوري وابن مبارك واسحاق وقال الترمذي ( وعليه العمل عند اكثر اهل العلم ) وقال النخعي ووكيع الجهر بالبسملة بدعة . استدل اصحاب هذا القول بما يأتي: اولا: عن عائشة قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب الحمد لله رب العالمين . ثانيا: عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّهُ حدثه قال صَلَّيْتُ خَلْفَ النبي (صلى الله عليه وسلم) وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِ الْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرَّحِيمِ في أَوَّلِ قِرَاءَةٍ ولا في آخِرِهَا . القول الثالث: لا تقرا البسملة لا جهرا ولا سرا وهو مذهب الامام مالك والاوزاعي . واستدل اصحاب هذا القول بما يأتي: اولا: قال أنس: ( صليت خلف النبي وأبي بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم أجمعين فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمان الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها ) . واجيب: المراد من حديث انس يستفتحون القراءة المسموعة الجهرية وليس عدم القراءة لا جهرا ولا سرا . ثانيا: عبد الله بن مغفل قال سمعني أبي وأنا أقول بسم الله الرحمن الرحيم فقال يا بني إياك والحدث قال ولم أر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا أبغض إليه حدثا في الإسلام منه فإني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقولها فلا تقلها إذا أنت قرأت وقل الحمد لله رب العالمين . واجيب: الحديث ضعيف لا يحتج به لوجود جهالة في سنده . القول الرابع الجهر بالبسملة والاسرار بها سواء وهو قول ابن ابي ليلى والحكم ولعل ذلك يعود الى تسوية الادلة الواردة في جهرها واسرارها عندهم . وهذه المسالة كسابقتها كما رأيت مسالة اختلافية وفيها اكثر من راي ويسوغ فيها الاجتهاد ولكل له دليله ورايه وليس من المنهج العلمى اتهام الطرف الاخر بالابتداع ومن قال ان (الجهر بالبسملة بدعة لا حجة فيه لأنه يخبر عن اعتقاده ومذهبه كما قال أبو حنيفة العقيقة بدعة وصلاة الاستسقاء بدعة وهما سنة عند جماهير العلماء للأحاديث الصحيحة فيها ومذهب واحد من الناس لا يكون حجة على مجتهد آخر فكيف يكون حجة على الأكثرين مع مخالفته للأحاديث الصحيحة السابقة) . وايضا ليس من المنهج العلمي تصنيف الناس على اساسها وان كان الراجح عندي الجهر بها احيانا والاسرار بها احيانا اخرى جمعا بين الادلة الواردة في المسالة لان كلا الامرين ثبتا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: ( وكان (صلى الله عليه وسلم) يجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم تارة ويخفيها أكثر مما يجهر بها) . وفي كل الاحوال جهرت بالبسملة او اسررت بها فالصلاة صحيحة ولا تتاثر بها وفي ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: ( الجهر بالبسملة والمخافتة كلاهما جائز لا يبطل الصلاة وإن كان من العلماء من يستحب أحدهما أو يكره الآخر أو يختار أن لا يقرأ بها فالمنازعة بينهم فى المستحب وإلا فالصلاة بأحدهما جائزة عند عوام العلماء ) . المطلب الثالث: قراءة القنوت في صلاة الفجر. (كان هديه (صلى الله عليه وسلم) القنوت في النوازل خاصة وتركه عند عدمها ولم يكن يخصه بالفجر بل كان أكثر قنوته فيها لأجل ما شرع فيها من التطويل ولإتصالها بصلاة الليل وقربها من السحر وساعة الإجابة وللتنزل الإلهي ولأنها الصلاة المشهودة التي يشهدها الله وملائكته أو ملائكة الليل والنهار كما روي هذا وهذا في تفسير قوله تعالى (إن قرآن الفجر كان مشهودا ) ) . واختلف العلماء في مشروعية القنوت في صلاة الفجر ولغير النوازل على قولين: القول الاول: عدم مشروعية المداومة على القنوت في صلاة الفجر وهذا مذهب الحنفية والحنابلة وهو مروي عن ابن عباس وابن مسعود وابي الدرداء رضي الله عنهم اجمعين وبه يقول الثوري وابن مبارك واسحاق . واستدل اصحاب هذا القول بما ياتي: اولا: عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال: قَنَتَ رسول اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ في صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو على رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَيَقُولُ عُصَيَّةُ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . ثانيا: عن أبي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ سَعْدِ بن طَارِقٍ قال قلت لِأَبِي يا أَبَتِ إِنَّكَ قد صَلَّيْتَ خَلْفَ رسول اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ها هنا بِالْكُوفَةِ نَحْوًا من خَمْسِ سِنِينَ فَكَانُوا يَقْنُتُونَ في الْفَجْرِ فقال أَيْ بُنَيَّ مُحْدَثٌ . ثالثا: عن أبى هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان لا يقنت فى صلاة الفجر إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم . رابعا: عن أَنَسِ رضي الله عنه قال كان الْقُنُوتُ في الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ . القول الثاني: مشروعية القنوت في صلاة الفجر على اختلاف يبنهم في مكانه قبل الركوع او بعده وكذلك في استحبابه وسنيته وهذا مذهب الشافعية والمالكية وهو مروي عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وعن عمار بن ياسر وأبي بن كعب وأبو موسى الأشعري وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عباس وأبي هريرة والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبي حليمة معاذ بن الحارث الأنصاري وخفاف بن إيماء بن رحضة وأهبان بن صيفي وسهل بن سعد الساعدي وعرفجة بن شريح الأشجعي ومعاوية بن أبي سفيان وعن التابعين سعيد بن المسيب والحسن بن الحسن ومحمد بن سيرين وأبان بن عثمان وقتادة وطاووس وعبيد بن عمير والربيع بن خيثم وأيوب السختياني وعبيدة السلماني وعروة بن الزبير وزياد بن عثمان وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعمر بن عبد العزيز وحميد الطويل ومن الأئمة والفقهاء أبو إسحاق وأبو بكر بن محمد والحكم بن عتيبة وحماد وأهل الحجاز والأوزاعي وأكثر أهل الشام وعن الثوري روايتان وغير هؤلاء خلق كثير . وعمدة ما استدل به اصحاب هذا القول حديث انس رضي الله عنه اولا: عن أنس بن مالك قال ما زال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا . واجيب من وجهين: الاول: الحديث ضعيف وفيه مقال اذ في سنده أبو جعفر وقد ضعفه الامام أحمد وغيره وقال ابن المديني كان يخلط وقال أبو زرعة كان يهم كثيرا وقال ابن حبان كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير . الثاني: على فرض صحته يحمل لفظ القنوت طول القيام فانه يسمى قنوتا أو أنه كان يقنت إذا دعا لقوم أو دعا عليهم للجمع بين الاحاديث الواردة في الباب ويؤيد ذلك ما روى سعد عن أبي هريرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان لا يقنت في الفجر إلا إذا دعا لقوم أو دعا عليهم. فقه التعامل مع هذه المسالة والمسائل المشابهة انها مسالة خلافية يسوغ فيها الاجتهاد وليس من الحق والمنهج العلمي معا اتهام من فعل امرا مشروعا بتاويل انه مبتدع او ان فعله بدعة وفي هذا يقول بن تيمية رحمه الله تعالى: ( القنوت في الفجر إنما النزاع بينهم في إستحبابه أو كراهيته وسجود السهو لتركه أو فعله وإلا فعامتهم متفقون على صحة صلاة من ترك القنوت وأنه ليس بواجب وكذلك من فعله إذ هو تطويل يسير للإعتدال ) . ثم يضع قاعدة يبن فيها ان اثار التنازع في كثير من مسائل العبادات مثل الأذان والجهر بالبسملة والقنوت في الفجر والتسليم في الصلاة ورفع الأيدى فيها ووضع الأكف فوق الأكف ومثل التمتع والإفراد والقران في الحج ونحو ذلك ادى الى فساد كبير في الدين يكره الله ورسوله وعباده المؤمنون فيقول: (فإن التنازع في هذه العبادات الظاهرة والشعائر أوجب أنواعا من الفساد الذى يكرهه الله ورسوله وعباده المؤمنون: أحدها : جهل كثير من الناس أو أكثرهم بالأمر المشروع المسنون الذى يحبه الله ورسوله والذى سنه رسول الله لأمته والذى أمرهم بإتباعه. الثانى: ظلم كثير من الأمة أو أكثرهم بعضهم لبعض وبغيهم عليهم تارة بنهيهم عما لم ينه الله عنه وبغضهم على من لم يبغضهم الله عليه وتارة بترك ما أوجب الله من حقوقهم وصلتهم لعدم موافقتهم له على الوجه الذى يؤثرونه حتى يقدمون في الموالاة والمحبة وإعطاء الأموال والولايات من يكون مؤخرا عند الله ورسوله ويتركون من يكون مقدما عند الله ورسوله لذلك. الثالث: إتباع الظن وما تهوى الأنفس. الرابع ( التفرق والإختلاف المخالف للإجتماع والإئتلاف حتى يصير بعضهم يبغض بعضا ويعاديه ويحب بعضا ويواليه على غير ذات الله وحتى يفضى الأمر ببعضهم إلى الطعن واللعن والهمز واللمز وببعضهم إلى الإقتتال بالأيدى والسلاح وببعضهم إلى المهاجرة والمقاطعة حتى لا يصلى بعضهم خلف بعض وهذا كله من أعظم الأمور التى حرمها الله ورسوله والإجتماع والأئتلاف من أعظم الأمور التى أوجبها الله ورسوله .... وكثير من هؤلاء يصير من أهل البدعة بخروجه عن السنة التى شرعها رسول الله لأمته ومن أهل الفرقة بالفرقة المخالفة للجماعة التى أمر الله بها ورسوله ... وهذا الأصل العظيم وهو الإعتصام بحبل الله جميعا وأن لا يتفرق هو من أعظم أصول الإسلام ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه. الخامس: هو شك كثير من الناس وطعنهم في كثير مما أهل السنة والجماعة عليه متفقون) . المطلب الرابع: السنة القبلية في يوم الجمعة. سنة الجمعة من المسائل الفرعية التي اثير حولها نقاش وجدال وخلاف واسع وكبير وما كان ينبغي ذلك لانها كما قلنا من المسائل الفرعية وهي ليست من المسائل العقائدية بل هي فقهية يسوغ فيها الاجتهاد والاختلاف والتشدد فيها انكارا او تثبيتا او نهيا عن صلاتها او الترامي فيها بالابتداع امر مرفوض وغير سائغ وغير صحيح. ولا خلاف بين الفقهاء في وجود سنة بعدها وهي ركعتان او اربع ركعات اما الستة قبلها فقد حصل فيها نزاع وخلاف شديد بين كونها سنة مطلقة او راتبة لها او انها بدعة ولا سنة قبلها على قولين. القول الاول: توجد سنة لها وتعد راتبة لها وعلى ذلك جمهور العلماء من المذاهب الاربعة و هو مروي عن ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وبه يقول الثوري والنخعي وابن المبارك . استدل اصحاب هذا القول بما ياتي: اولا: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ( مَا مِنْ صَلاةٍ مَفْرُوضَةٍ إِلا وَبَيْنَ يَدَيْهَا رَكْعَتَانِ ) . وجه الدلالة: الحديث عام يشمل فريضة الجمعة ولا يوجد دليل لتخصيص سنة الجمعة من هذا الحديث . ثانيا: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يصلي قبل الجمعة اربعا وبعدها أربعا) . هذا الحديث وان كان ضعيفا لكنه ورد باكثر من سند منه ما هو ساقط كالسند الى ابن عباس لا يمكن جبره والاحتجاج به لان فيه متهم بالوضع وسند ضعيف يمكن جبره كالطريق الى ابن مسعود ففيه انقطاع لكن يمكن جبره بقوله وعمله اذ صح منه عند عبدالرزاق وابن ابي شيبة والترمذي والطبراني انه كان يصليها ويامر بها وللحديث سندان اخران الى علي رضي الله عنه وبانضمام هذه الاسانيد الى بعضها يتقوى الحديث ولا ينزل من درجة الحسن وهو دليل على وجود السنة القبلية. ثالثا: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل الجمعة ركعتين وبعدها ركعتين ) . رابعا: ومن آثار الصحابة: اولا: عن أيوب قال قلت لنافع أكان ابن عمر يصلي قبل الجمعة؟ فقال: قد كان يطيل الصلاة قبلها ويصلي بعدها ركعتين في بيته ويحدث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يفعل ذلك) . ثانيا: عن أبي عبد الرحمن السلمي قال كان عبد الله يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا) . القول الثاني: عدم وجود سنة قبلية للجمعة وكل ما ورد فيها يحمل على التنفل المطلق وهو راي عند الحنابلة منهم ابن تيمية وابن القيم . وحجة هذا القول ومعتمدهم هو انه (صلى الله عليه وسلم) كان يخرج من بيته يوم الجمعة ويصعد المنبر ويسلم ثم يؤذن بلال بين يديه فاذا فرغ بلال من اذانه قام وخطب ولم يكن هناك الا اذان واحد فاين ومتى كان يصلي قبلها ومتى كان الصحابه يصلون فاذا ثبت انه واصحابه كانوا لا يصلون ثبت ان لا سنة قبلية للجمعة كالعيدين . ويمكن الجواب بأكثر من وجه : الاول: هذا لا يدل على نفي الصلاة قبلها لانه ثبت انه كان يصلي قبل الخروج الى المسجد وترقيه المنبر. الثاني: ادلة المخالفين فيها اثبات للسنة القبلية وادلة هذا الفريق نفي عن الصلاة والاثبات مقدم على النفي. الثالث قياس الجمعة على العيدين قياس ضعيف لان الجمعة فرض والعيدين على الراجح من الاقوال سنة مؤكدة فكيف تكون للسنة سنة قبلها وبعدها. الرابع: الاذان الثاني كان باقتراح من عثمان بن عفان رضي الله عنه ووافقه الصحابة فكان اجماعا وثبت ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ( بين كل اذانين صلاة ) . فدل ذلك على وجود السنة قبل الاذان الثاني. اسلوب التعامل مع هذه المسالة سنة الجمعة القبلية من الامور الفرعية في الدين وليست من المسائل العقدية الاساسة ولا يستوجب ولا يناسب ان نجعلها محل خلاف ونزاع وتفرق ونبني عليها الولاء والبراء وهي مسالة خلافية يسوغ فيها الاجتهاد ولكل ان ياخذ بالراي الذي يقتنع به ويطمان له قلبه دون ان ينكر على الاخر او يدخل معه في خصومة او يتهمه بالتساهل او بالتبدع. المطلب الخامس: تكرار العمرة في الرحلة الواحدة. لا شك ان العمرة باب من ابواب الخير وطريقا موصلا الى الاجر والثواب وحث عليها وندب اليها الاسلام فقد جاء في الحديث الشريف ( الْعُمْرَةُ إلى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا ) . ويقول ( تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) . مع ذلك اختلف العلماء في جواز تكرار العمرة ومشروعيته في الرحلة الواحدة كان يأتي بأكثر من عمرة في شهر رمضان او في موسم الحج بعد ان انهى مناسكه بان ياتي الى التنعيم ويحرم منه لياتي بعمرة جديدة على قولين: القول الاول: كراهة تكرار العمرة وهو مذهب الامام مالك وبه قال الحسن البصري وابراهيم النخعي وابن سيرين وسعيد بن جبير وسفيان الثوري . ومن المعاصرين محمد بن عثيَمين رحمه الله ونسبه الى البدع في الدين فقد سئل عن تكرار العمرة فقال: ( هذا من البدع في دين الله؛ لأنه ليس أحرص من الرسول - (صلى الله عليه وسلم) - ولا من الصحابة- رضي الله عنهم- والرسول - (صلى الله عليه وسلم) - دخل مكة فاتحاً في آخر رمضان وبقي تسعة عشر يوما في مكة ولم يخرج إلى التنعيم ليحرم بعمرة وكذلك الصحابة ) . وعمدة ما استدل به اصحاب هذا القول هو ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يعتمر في عام الا مرة واحدة وافعاله على الوجوب او الندب . والجواب من اكثر من وجه: الاول: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يترك الشيء مخافة ان يشق ذلك على امته كما جاء ذلك صريحا عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( وإن كان ليترك العمل مخافة أن يستن الناس به فيفرض عليهم وكان يحب من العمل ما خف ) . الثاني: (المندوب لم ينحصر في أفعاله فقد كان يترك الشيء وهو يستحب فعله لرفع المشقة عن أمته وقد ندب إلى ذلك بلفظه فثبت الاستحباب من غير تقييد). الثالث: قال ابن حزم رحمه الله ( لاَ حُجَّةَ في هذا لأنه إنَّمَا يُكْرَهُ ما حَضَّ على تَرْكِهِ وهو عليه السلام لم يَحُجَّ مُذْ هَاجَرَ إلاَّ حَجَّةً وَاحِدَةً وَلاَ اعْتَمَرَ مُذْ هَاجَرَ إلاَّ ثَلاَثَ عُمَرَ فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَكْرَهُوا الْحَجَّ إلاَّ مَرَّةً في الْعُمْرِ وَأَنْ تَكْرَهُوا الْعُمْرَةَ إلاَّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ في الدَّهْرِ وَهَذَا خِلاَفُ قَوْلِكُمْ وقد صَحَّ أَنَّهُ كان عليه السلام يَتْرُكُ الْعَمَلَ وهو يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَشُقَّ على أُمَّتِهِ أو أَنْ يُفْرَضَ عليهم ) . القول الثاني مشرعية وجواز تكرار العمرة وهو قول الجمهور الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية لكنهم اختلفوا في الحد الفاصل بين عمرة واخرى فعن علي رضي الله عنه في كل شهر مرة وعند انس اذا طال شعره وعند عكرمة اذا امكن الموس من راس الرجل وعند عطاء في كل شهر مرتين وعند امام احمد كل عشرة ايام مرة وعند ابي حنيفة يكره خمسة ايام فقط يوم عرفة وايام التشريق لكي لا ينصرف الناس عن الحج وعند الظاهرية لايحد بوقت يجوز في اليوم الواحد تكرارها اكثر من مرة وهذا القول مروي جماعة من الصحابة منهم علي ابن ابي طالب وانس بن مالك وابن عمر وابن عباس وعائشة رضوان الله عليهم اجمعين وبه يقول من التابعين سعيد بن المسيب وطاووس وعكرمة وعطاء . وممن وافق هذا الراي من المعاصرين المعروفين اللجنة الدائمة للبحوث والافتاء و بن باز رحمه الله والشيخ صالح الفوزان . ما استدل به اصحاب هذا القول: اولا: ما جاء في الصحيح أن عائشة رضي الله عنها أحرمت بعمرة عام حجة الوداع فحاضت فأمرها النبي أن تحرم بحج ففعلت وصارت قارنة ووقفت المواقف فلما طهرت طافت وسعت فقال لها النبي قد حللت من حجك وعمرتك فطلبت من النبي أن يعمرها عمرة أخرى فأذن لها فاعتمرت من التنعيم عمرة أخرى. وجه الدلالة من اكثر من وجه: الاول: انها حجت واعتمرت لكنها لم تطف طواف الوداع للحال الذي كان فيها من الحيض مع ذلك لم يكره لها النبي ان تعتمر مرة ثانية من التنعميم وتاتي بعمرة اخرى. الثاني: انها اتت بالعمرة مرتين في شهر واحد يقول الشافعي رحمه الله: ( وكانت عمرتها في ذي الحجة ثم أعمرها العمرة الأخرى في ذي الحجة فكان لها عمرتان في ذي الحجة ) . ثانيا: جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : (الْعُمْرَةُ إلى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا ) . وجه الدلالة من امرين: الاول: قوله (صلى الله عليه وسلم) العمرة إلى العمرة دليل على تكرار العمرة وأنه لا كراهة في ذلك ولا تحديد بوقت . الثاني: الحديث دليل على استحباب الاستكثار من الاعتمار وتحديده بوقت ينافي المقصود ويخالف الغاية . الثالث فعل الصحابة والتابعين فقد قال طاوس ( اذا مضت ايام التشريق فاعتمر متى شئت ) وقال عكرمة: ( اعتمر ما امكنك ) . واسلوب التعامل مع هذه المسالة بغض النظر ان ترجيح احدهما وان كنت اميل الى راي الجمهور جواز ومشروعية تكرار العمرة فبعرض ادلة الفريقين ومناقشتها يتبن ان كلا الفريقين يستقون ادلتهم من منبع واحد ولكل دليله لكن مع ذلك يختلفان في الحكم لاختلاف وجهة نظرهم في توجيه الدليل وهذا اختلاف سائغ و لا يناسب المنهج العلمي الانكار على المخالف واتهامه بالابتداع او مخالفة النصوص الصريحة الصحيحة والامر يدور بين الراجح والمرجوح اما ان يكون احد الامرين مشروعا والثاني بدعة فهذا مستغرب وما ينبغي ان يكون ولكل من اطمئن الى راي وترجح لديه بالدليل فليأخذ به دون ان يفرض رايه على الاخر او الانكار عليه ولا مانع من التناصح بالتي هي احسن للخروج من الخلاف. الخاتمة اولا: العناية بمسائل التبديع دون تأصيل معتبر ومعتد به لها نتائج خطيرة منها قصر افكار الناس واهتماماتهم وتهميش عقولهم عن القضايا الخطيرة والمهمة كالتي تحدث الان في بلاد المسلمين من محاربة من يطالبون العودة للاسلام كمنهج حياة. ثانيا: البدعة المذمومة التي تجب محاربتها هي ما احدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه ، أما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعاً ذلك لان حقيقة البدعة ان لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده المقررة عند العلماء في الاستنباط والاستدلال. ثالثا: بدعة الضلالة هي ليست إلا التي لم يدل عليها دليل شرعي أصلا لا بنفسها ولا بنظيرها ولم تدخل تحت العمومات الشرعية لا ما عداها وإن صدق عليها البدعة اللغوية. رابعا: الخلاف المعتد به هو الذي يجرى ويحصل بين اهل العلم وذوي الاهلية العلمية وليس بين الجاهل والعالم وبين اهل العلم واهل الجهل فهذا الخلاف غير معتد به ولا مسوغ له. خامسا: من لا يملك اهلية الاجتهاد والنظر في الادلة الشرعية ليس له ان يخالف العلماء ويعدل عن ارائهم بحجة جواز الاختلاف فهذا النوع لا يعد من الخلاف المعتد به لصدوره من غير اهله. سادسا: الاختلاف بين العلماء وخاصة في الفروع والجزئيات واقع وسائغ ولا يمكن رفعه سواء كان هذا الاختلاف في فروع وجزئيات العقيدة كرؤية الرسول (صلى الله عليه وسلم) لربه ليلة المعراج او كاختلافهم في عذاب الميت ببكاء اهله عليه او كان الاختلاف في فروع الفقه المختلفة كالاختلاف في المذاهب الفقهية المختلفة فهذا الاختلاف طبيعي وسائغ سابعا: من السلف من عد الاختلاف الفقهي في الفروع مظهرا من مظاهر الرحمة بالأمة وفي ذلك يقول الشاطبي: ( ان جماعة من السلف الصالح جعلوا اختلاف الأمة في الفروع ضربا من ضروب الرحمة وإذا كان من جملة الرحمة فلا يمكن أن يكون صاحبه خارجا من قسم أهل الرحمة وبيان كون الاختلاف المذكور رحمة ما روى عن القاسم بن محمد قال لقد نفع الله باختلاف أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في العمل لا يعمل العامل بعلم رجل منهم إلا رأى انه في سعة وعن ضمرة بن رجاء قال اجتمع عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد فجعلا يتذاكران الحديث - قال - فجعل عمر يجىء بالشىء يخالف فيه القاسم - قال - وجعل القاسم يشق ذلك عليه حتى بين فيه فقال له عمر لا تفعل فما يسرنى باختلافهم حمر النعم) . ثامنا: ليس من البحث العلمي بشيء، الحكم على المخالف بانه مبتدع او ان ما ذهب اليه بدعة ولا بد من التفريق بين المسائل البدعية والامور الاجتهادية الخلافية خاصة اذا كان هذا الاجتهاد صادر من اهل العلم الافذاذ. تاسعا: من اساسيات المنهج العلمي عدم الطعن أو تجريح العلماء في المسائل الخلافية، إذ لا يقين فى الاجتهاديات بصواب أحد القولين وما يملكه الباحث فى هذا المجال الترجيح، والترجيح لا يعنى القطع واليقين والاتهام والتهجم والطعن والتجريح والانتقاص من الراي المخالف ليس من نهج السلف الصالح فى اختلافهم فى الاجتهاد فلا يجرح بعضهم بعضا بل يثنى بعضهم على بعض برغم ما اختلفوا فيه بل يبحث له عن اعذار حتى لو كان الخلاف في فروع العقائد يقول الذهبي رحمه الله في التابعي الجليل قتادة الذي كان يرى القول بالقدر: ( وكان يرى القدر نسأل الله العفو ومع هذا فما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه والله حكم عدل لطيف بعباده ولا يسأل عما يفعل ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلَـلَهُ ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه) . عاشرا: ومن الآداب الخلاف الاساسية بل من اوجبها للوصول الحق، والصواب عدم الخلط بين النص والفهم والراي، وعدم اضفاء قدسية النص للفهم، فما يراه من النص حتى وان كان ظاهرا فهو فهم وليس نصا حتى يحكم على ما ذهب اليه هو الكتاب والسنة وما خالف ذلك مخالف للكتاب والسنة وبالتالي ما يراه ويفهمه مقدس لا يجوز مخالفته؛ لان في كثير من المسائل الخلافية دليل الفرقاء واحد ولكن كل واحد يفهمه على وجه وكل يرى فيه ما لا يراه صاحب الراي الاخر، فاي الفهمين نص وايهما راي؟! المصادر بعد القران الكريم ملاحظة : رتبت المصادر حسب الحروف الهجائية دون مراعاة لاي معيار اخر. 1. الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، تأليف: محمد عبد الحي بن محمد عبد الحليم اللكنوي، دار النشر: مكتبة الشرق الجديد - بغداد - 1989م، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول. 2. الإحكام في أصول الأحكام، تأليف: علي بن أحمد بن حزم الأندلسي أبو محمد، دار النشر: دار الحديث - القاهرة - 1404، الطبعة: الأولى. 3. إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد، تأليف: محمد بن إسماعيل الصنعاني، دار النشر: الدار السلفية - الكويت - 1405، الطبعة: الأولى، تحقيق: صلاح الدين مقبول أحمد. 4. الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، تأليف: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 2000م، الطبعة: الأولى، تحقيق: سالم محمد عطا-محمد علي معوض. 5. الاعتصام، تأليف: أبو إسحاق الشاطبي، دار النشر: المكتبة التجارية الكبرى – مصر. 6. إعلام الموقعين عن رب العالمين، تأليف: أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، دار النشر: دار الجيل - بيروت - 1973، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد. 7. اقامة الحجة على ان الاكثار منفي التعبد ليس ببدعة للامام اللكنوي تحقيق عبدالفتاح ابو غدة نشر مكتبة المطبوعات الاسلامية بيروت ـ لبنان ط3. 8. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، تأليف: علي بن سليمان المرداوي أبو الحسن، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: محمد حامد الفقي. 9. الباعث على إنكار البدع والحوادث، تأليف: عبد الرحمن بن إسماعيل أبو شامة، دار النشر: دار الهدى - القاهرة - 1398 - 1978، الطبعة: الأولى، تحقيق: عثمان أحمد عنبر. 10. بداية المجتهد ونهاية المقتصد، تأليف: محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي أبو الوليد، دار النشر: دار الفكر – بيروت. 11. البدعة في مفهومها الاسلامي الدقيق للدكتور عبدالملك السعدي العراق الرمادي ط1 1992. 12. تاريخ بغداد، تأليف: أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت – 13. تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، تأليف: أبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله الشافعي، دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1995، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري. 14. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، تأليف: محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري أبو العلا، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت. 15. تذكرة الحفاظ، تأليف: أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى. 16. التعريفات، تأليف: علي بن محمد بن علي الجرجاني، دار النشر: دار الكتاب العربي - بيروت - 1405، الطبعة: الأولى، تحقيق: إبراهيم الأبياري. 17. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تأليف: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، دار النشر: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب - 1387، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي ,محمد عبد الكبير البكري. 18. تهذيب الأسماء واللغات، تأليف: محي الدين بن شرف النووي، دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1996، الطبعة: الأولى، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات. 19. تهذيب الكمال، تأليف: يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي، دار النشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - 1400 - 1980، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. بشار عواد معروف. 20. تهذيب اللغة ، تأليف: أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري ، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - 2001م، الطبعة: الأولى ، تحقيق: محمد عوض مرعب. 21. التيسير بشرح الجامع الصغير، تأليف: الإمام الحافظ زين الدين عبد الرؤوف المناوي، دار النشر: مكتبة الإمام الشافعي - الرياض - 1408هـ - 1988م، الطبعة: الثالثة. 22. الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ) الناشر: غراس للنشر والتوزيع الطبعة: الأولى، 1422 هـ. 23. الجامع الصحيح المختصر، تأليف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، دار النشر: دار ابن كثير , اليمامة - بيروت - 1407 - 1987، الطبعة: الثالثة، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا. 24. الجامع الصحيح سنن الترمذي، تأليف: محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - -، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون. 25. جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم، تأليف: زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي، دار النشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - 1417هـ - 1997م، الطبعة: السابعة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط / إبراهيم باجس. 26. حاشية رد المختار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار فقه أبو حنيفة، تأليف: ابن عابدين. ، دار النشر: دار الفكر للطباعة والنشر. - بيروت. - 1421هـ - 2000م.. 27. الحجة على أهل المدينة، تأليف: محمد بن الحسن الشيباني أبو عبد الله، دار النشر: عالم الكتب - بيروت - 1403، الطبعة: الثالثة، تحقيق: مهدي حسن الكيلاني القادري. 28. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، تأليف: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، دار النشر: دار الكتاب العربي - بيروت - 1405، الطبعة: الرابعة. 29. الدر المنثور، تأليف: عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي، دار النشر: دار الفكر - بيروت – 1993. 30. الذخيرة، تأليف: شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، دار النشر: دار الغرب - بيروت - 1994م، تحقيق: محمد حجي. 31. الذخيرة، تأليف: شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، دار النشر: دار الغرب - بيروت - 1994م، تحقيق: محمد حجي. 32. الروض الداني (المعجم الصغير)، تأليف: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، دار النشر: المكتب الإسلامي , دار عمار - بيروت , عمان - 1405 - 1985، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد شكور محمود الحاج أمرير. 33. زاد المعاد في هدي خير العباد، تأليف: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، دار النشر: مؤسسة الرسالة - مكتبة المنار الإسلامية - بيروت - الكويت - 1407 - 1986، الطبعة: الرابعة عشر، تحقيق: شعيب الأرناؤوط - عبد القادر الأرناؤوط. 34. سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام، تأليف: محمد بن إسماعيل الصنعاني الأمير، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - 1379، الطبعة: الرابعة، تحقيق: محمد عبد العزيز الخولي. 35. سنن ابن ماجه، تأليف: محمد بن يزيد أبو عبدالله القزويني، دار النشر: دار الفكر - بيروت - -، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. 36. سنن أبي داود، تأليف: سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، دار النشر: دار الفكر - -، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. 37. سنن البيهقي الكبرى، تأليف: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، دار النشر: مكتبة دار الباز - مكة المكرمة - 1414 - 1994، تحقيق: محمد عبد القادر عطا. 38. سنن الدارمي، تأليف: عبدالله بن عبدالرحمن أبو محمد الدارمي، دار النشر: دار الكتاب العربي - بيروت - 1407، الطبعة: الأولى، تحقيق: فواز أحمد زمرلي , خالد السبع العلمي. 39. سنن الدارمي، تأليف: عبدالله بن عبدالرحمن أبو محمد الدارمي، دار النشر: دار الكتاب العربي - بيروت - 1407، الطبعة: الأولى، تحقيق: فواز أحمد زمرلي , خالد السبع العلمي. 40. السنن الكبرى، تأليف: أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1411 - 1991، الطبعة: الأولى، تحقيق: د.عبد الغفار سليمان البنداري , سيد كسروي حسن. 41. سير أعلام النبلاء، تأليف: محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله، دار النشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - 1413، الطبعة: التاسعة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط , محمد نعيم العرقسوسي. 42. شذرات الذهب في أخبار من ذهب، تأليف: عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي، دار النشر: دار بن كثير - دمشق - 1406هـ، الطبعة: ط1، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، محمود الأرناؤوط. 43. شرح السنة، تأليف: الحسين بن مسعود البغوي، دار النشر: المكتب الإسلامي - دمشق _ بيروت - 1403هـ - 1983م، الطبعة: الثانية، تحقيق: شعيب الأرناؤوط - محمد زهير الشاويش. 44. شرح العمدة في الفقه، تأليف: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، دار النشر: مكتبة العبيكان - الرياض - 1413، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. سعود صالح العطيشان. 45. شرح العمدة في الفقه، تأليف: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، دار النشر: مكتبة العبيكان - الرياض - 1413، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. سعود صالح العطيشان. 46. شرح المقاصد في علم الكلام، تأليف: سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني، دار النشر: دار المعارف النعمانية - باكستان - 1401هـ - 1981م، الطبعة: الأولى. 47. شرح منتهى الإرادات المسمى دقائق أولي النهى لشرح المنتهى، تأليف: منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، دار النشر: عالم الكتب - بيروت - 1996، الطبعة: الثانية. 48. صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تأليف: محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، دار النشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - 1414 - 1993، الطبعة: الثانية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط. 49. صحيح ابن خزيمة، تأليف: محمد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر السلمي النيسابوري، دار النشر: المكتب الإسلامي - بيروت - 1390 - 1970، تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي. 50. صحيح مسلم بشرح النووي، تأليف: أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - 1392، الطبعة: الطبعة الثانية. 51. صحيح مسلم، تأليف: مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. 52. طبقات الحنابلة، تأليف: محمد بن أبي يعلى أبو الحسين، دار النشر: دار المعرفة - بيروت، تحقيق: محمد حامد الفقي. 53. عارضة الاحوذي بشرح جامع الترمذي لابن العربي المالكي ضبط وتةثيق وترقيم صدقي جميل العطار دار الفكر للطباعة والنشر بيروت لبنان عام 2000م. 54. عمدة القاري شرح صحيح البخاري، تأليف: بدر الدين محمود بن أحمد العيني، دار النشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت. 55. عون المعبود شرح سنن أبي داود، تأليف: محمد شمس الحق العظيم آبادي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1995م، الطبعة: الثانية. 56. الفتاوى الكبرى الفقهية، تأليف: ابن حجر الهيتمي، دار النشر: دار الفكر. 57. فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش نشر: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء - الإدارة العامة للطبع – الرياض. 58. الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، تأليف: الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، دار النشر: دار الفكر - 1411هـ - 1991م. 59. فتح الباري شرح صحيح البخاري، تأليف: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار النشر: دار المعرفة - بيروت، تحقيق: محب الدين الخطيب. 60. الفرق بين البدعة والاختلاف الفقهي واثرها على الدين والمجتمع تاليف الدكتور عي عبدالعزيز نسيور نشر دار الغوثاني للدراسات القرانية ط1 2006 م. 61. الفروق أو أنوار البروق في أنواء الفروق (مع الهوامش )، تأليف: أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1418هـ - 1998م، الطبعة: الأولى، تحقيق: خليل المنصور. 62. الفقيه و المتفقه، تأليف: أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، دار النشر: دار ابن الجوزي - السعودية - 1421هـ، الطبعة: الثانية، تحقيق: أبو عبد الرحمن عادل بن يوسف الغرازي. 63. فهم الاسلام في ظلال الاصول العشرين لجمعة امين طبعة 2009م . 64. فيض القدير شرح الجامع الصغير، تأليف: عبد الرؤوف المناوي، دار النشر: المكتبة التجارية الكبرى - مصر - 1356هـ، الطبعة: الأولى. 65. قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، تأليف: محمد جمال الدين القاسمي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1399هـ - 1979م، الطبعة: الأولى. 66. القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد، تأليف: محمد بن علي بن محمد الشوكاني، دار النشر: دار القلم - الكويت - 1396، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد الرحمن عبد الخالق. 67. الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل، تأليف: عبد الله بن قدامة المقدسي أبو محمد، دار النشر: المكتب الاسلامي – بيروت. 68. الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، تأليف: أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي، دار النشر: مكتبة الرشد - الرياض - 1409، الطبعة: الأولى، تحقيق: كمال يوسف الحوت. 69. كشاف القناع عن متن الإقناع، تأليف: منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1402، تحقيق: هلال مصيلحي مصطفى هلال. 70. كفاية الأخيارفي حل غاية الإختصار، تأليف: تقي الدين أبي بكر بن محمد الحسيني الحصيني الدمشقي الشافعي، دار النشر: دار الخير - دمشق - 1994، الطبعة: الأولى، تحقيق: علي عبد الحميد بلطجي و محمد وهبي سليمان. 71. كفاية الطالب الرباني لرسالة أبي زيد القيرواني، تأليف: أبو الحسن المالكي، دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1412، تحقيق: يوسف الشيخ محمد البقاعي. 72. لسان العرب، تأليف: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، دار النشر: دار صادر - بيروت، الطبعة: الأولى. 73. مجموع الفتاوى أليف: أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، دار النشر: مكتبة ابن تيمية، الطبعة: الثانية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي. 74. مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله (المتوفى: 1420هـ) أشرف على جمعه وطبعه: محمد بن سعد الشويعر. 75. مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (المتوفى : 1421هـ)جمع وترتيب : فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان نشر دار الوطن - دار الثريا الطبعة : سنة 1413هـ . 76. المجموع، تأليف: النووي، دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1997م. 77. المحلى، تأليف: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري أبو محمد، دار النشر: دار الآفاق الجديدة - بيروت، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي. 78. المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد وتخريجات الأصحاب لبكر بن عبد الله أبو زيد بن محمد بن عبد الله بن بكر بن عثمان بن يحيى بن غيهب بن محمد (المتوفى : 1429هـ) نشر دار العاصمة - مطبوعات مجمع الفقه الإسلامي بجدة الطبعة : الأولى، 1417 هـ. 79. المدونة الكبرى، تأليف: مالك بن أنس، دار النشر: دار صادر – بيروت. 80. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، تأليف: علي بن سلطان محمد القاري، دار النشر: دار الكتب العلمية - لبنان/ بيروت - 1422هـ - 2001م، الطبعة: الأولى، تحقيق: جمال عيتاني. 81. مسائل في الفقه المقارن للدكتور هاشم جميل دار السلام بغداد ط1 2007. 82. المستدرك على الصحيحين، تأليف: محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1411هـ - 1990م، الطبعة: الأولى، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. 83. مسند الإمام أحمد بن حنبل، تأليف: أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني، دار النشر: مؤسسة قرطبة – مصر. 84. المصنف، تأليف: أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، دار النشر: المكتب الإسلامي - بيروت - 1403، الطبعة: الثانية، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. 85. مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، تأليف: مصطفى السيوطي الرحيباني، دار النشر: المكتب الإسلامي - دمشق - 1961م. 86. المعجم الكبير، تأليف: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، دار النشر: مكتبة الزهراء - الموصل - 1404 - 1983، الطبعة: الثانية، تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي. 87. المعجم الكبير، تأليف: سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، دار النشر: مكتبة الزهراء - الموصل - 1404 - 1983، الطبعة: الثانية، تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي. 88. معرفة السنن والآثار عن الامام أبي عبد الله محمد بن أدريس الشافعي ، تأليف: الحافظ الامام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو أحمد. البيهقي. الخسروجردي ، دار النشر: دار الكتب العلمية - لبنان/ بيروت - بدون ، الطبعة: بدون ، تحقيق: سيد كسروي حسن. 89. مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، تأليف: محمد الخطيب الشربيني، دار النشر: دار الفكر – بيروت. 90. المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، تأليف: عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد، دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1405، الطبعة: الأولى. 91. مفهوم البدعة واثره في اضطراب الفتاوى المعاصرة تاليف الدكتور عبدالاله بن حسين العفرج دار الفتح ط1 2009م. 92. المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد ، تأليف: الإمام برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح، دار النشر: مكتبة الرشد - الرياض - السعودية - 1410هـ - 1990م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د عبد الرحمن بن سليمان العثيمين. 93. الموافقات في أصول الفقه، تأليف: إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي، دار النشر: دار المعرفة - بيروت، تحقيق: عبد الله دراز. 94. مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، تأليف: محمد بن عبد الرحمن المغربي أبو عبد الله، دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1398، الطبعة: الثانية. 95. موطأ الإمام مالك، تأليف: مالك بن أنس أبو عبدالله الأصبحي، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - مصر - -، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.. 96. نصب الراية لأحاديث الهداية، تأليف: عبدالله بن يوسف أبو محمد الحنفي الزيلعي، دار النشر: دار الحديث - مصر - 1357، تحقيق: محمد يوسف البنوري. 97. النهاية في غريب الحديث والأثر، تأليف: أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري، دار النشر: المكتبة العلمية - بيروت - 1399هـ - 1979م، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي. 98. نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، تأليف: محمد بن علي بن محمد الشوكاني، دار النشر: دار الجيل - بيروت – 1973. 99. الوجيز في اصول الفقه للعلامة عبدالكريم زيدان مطبعة بيام طهران دار نشر احسان.