إنتشار ألإسلام في كوردستان
نڤێسەر:
ئیمێل: -
إنتشار ألإسلام في كوردستان
دراسة تأريخية تحليلية
تأليف
الدكتور أحمد ميرزا ميرزا
أستاذ ألتأريخ ألإسلامي ألمساعد
كلية ألآداب- قسم ألتأريخ
جامعة صلاح الدين
أربيل/ العراق
2016م
مقدمة:
شملت هذه الدراسة تعريفاً موجزاً بمنطقة كوردستان والكورد وأصولهم التاريخية التي تدل على أهمية الكورد وعراقتهم في ميادين الحضارة الإنسانية.
لقد كانت علاقة الكورد بالإسلام قديمة، وحدّدت بعض المصادر وجودها منذ بداية ظهور الإسلام حيث قابل الصحابي جابان الكوردي الرّسول (ﷺ) في المدينة المنورة، وحضر مجموعة من التجار الكورد من إقليم الجزيرة إلى الطائف وأسلموا هناك ثمّ رجعوا إلى مدنهم وقاموا بنشر الإسلام فيها، وشارك القائد ديلم الكوردي- الذي أسلم على يد الصحابي جابان وكان رئيس الحرس الكسروي سابقاً-في القتال مع المسلمين ضد القوات الساسانية في معركة القادسية.
ولكن البداية الرسمية لدخول الكورد في الإسلام كانت بعد اِنتصار المسلمين في جلولاء سنة (16هـ/635م)،وكانت بداية دخول الإسلام إلى كوردستان فيها الكثير من الدلالات الإيجابية،لأنّ الكورد اِتخذوا من الفاتحين موقفاً إيجابياً،وجل الحروب التي وقعت مع الفاتحين لَمْ تكن مع الشعب الكوردي وإنّما مع القوات المحتلة لكوردستان من الساسانيين والبيزنطيين والذين تضررت مصالحهم من دخول المسلمين،علماً بأنّ الكورد توحّدوا بالإسلام بعد تفرقهم منذ سقوط دولة ميديا الكوردية.
إضافةً إلى الجوانب التاريخيةفقد شمل البحث دراسة تحليلية لأسباب اِنتشار الإسلام في كوردستان، وقد عرض الباحث آراء علمية دقيقة توضّح صدق العلاقة الأخوية بين الكورد والمسلمين العرب، وأنّ الإسلام اِنتشر بينهم باِختيار الكورد أنفسهم وليس بحد السيف أو الخوف، وقد دلَّ الباحث على صدق آرائه بالاِعتماد على العديد من المصادر الأصيلة والدراسات المحايدة.
وكانت في مقدمة المصادر المعتمدة كتاب (فتوح البلدان) -الشهير- للبلاذري، وكتاب (الفتوح) لإبن أعثم الكوفي، و(تاريخ الطبري)، ومن المراجع الحديثة كتاب (التاريخ الإسلامي) لمحمود شاكر، و(خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان) لمحمد أمين زكي، و(ظهور الكورد في التاريخ) لجمال رشيد، وغيرها من المصادر والمراجع.
يعد الكورد أحد شعوب غربي قارة آسيا، اِتخذت من البلاد الواقعة شرقي تركيا وغربي إيرانوشمال العراق وسورية وجزء من الإتحاد السوفيتيالسابق موطناً لهم منذ القدم(1).
وتوجد صيغ متعددة للفظة الكورد في التاريخ، دلت أحيانا على مفاهيم مختلفة عما هي عليه الآن، فمثلاً لفظة (كور) تعني الجبال عند السومريين(2)، وفي الفترة الآشورية أصبح الإسم يعني الرجل الشجاع ذوالصحة والقوة الجسدية، واِستمر ذلك المصطلح شائعاً ولكن ليعني به كل من قدم من منطقة الجبال بغض النظرعن القومية أو الأصول العرقية(3)، وأصبحت كلمة الكورد تعني على الأكثر منذميلاد السيد المسيح (عليه السلام) ولحد الآن مفهوم أُناس تمتعوا بكل المميزات القومية التي نمت عبر مراحل تاريخية مرت بها مناطق سكناهم(4).
ويعتقد بأنّ أرض كوردستان الحالية إنْ لَمْ تكن المهد الأول للبشرية فهي من أوائل المناطق التي ظهرت فيها الحياة ونمت فيها الحضارة(5).
فهي تقع ضمن المنطقة المناخية المعتدلة منذ بدايات الحياة على هذه الأرض(6)، ووجد الآثاريون في كهف شانيدر هياكل عظمية تعود إلى حوالي ستّين ألف سنة(7)، واِنتقل الإنسان في كوردستان من مرحلة جمع القوت في معيشته إلى إنتاج القوت (أي الزراعة)، وقرية جرمو شاهد على ذلك(8)، ووجد فيها العصر الحجري المعدني الذي يعود إلى (5500-3500)ق.م. واِستطاع ساكنوا هذه المنطقة من تعدين الحديد والنحاس والمتاجرة بهما في المنطقة(9)، وظهر على أرض كوردستان ما يعتقد أنه العصر الشبيه بالكتابي حيث وجد في (تل براك) قرب الخابور كتابات صورية بنصين، واللآفت للنظر أنّها قد تعود إلى الفترة ماقبل الوركاء(10) لأنّ الأمر مازال قيد الدراسة.
ويعتقد أنّ الحضارة اِنتقلت من أرض كوردستان إلى الغرب، وليس هذا فحسب بل يعتقد بأنّه قد تم تقديم القسم الأول من مسرحية الحضارة في كوردستان على يد مجموعة من الفلاحين ومن ثم تم تقديم القسم الثاني منها في جنوب العراق(11).
وقد تكون هذه التطورات هي الأساس لتبنى على أجزاء واسعة من هذه الأرض حضارة بلاد مابين النهرين والتي يعتقد أنّها أوّل وأشهر حضارة في العالم(12).
و من الجدير بالذكر أنّ أرض كوردستان يحتمل أنْ تكون المهد الثاني للبشرية على أصح الروايات إذ ورد في القرآن الكريم أنّ سفينة نوح (عليه السلام) رست على جبل الجودي بعد أنْ سكن الطوفان(13).
يقول سترك: أنّ الكُتّاب المسيحيين أطلقوا على جبل (الجودي) إسم جبل كوردوئين(14). ومن المعالم البارزة أيضاً على عراقة منطقة كوردستان مدينة أربل (أربيل) التي لَمْ تنقطع عنها الحياة طيلة ستة الآف سنة(15). ومن المفيد أنْ نشير هنا إلى أنّ دولة ميديا الكوردية نشأت في الألفية الأولى وكان لها دور سياسي وحضاري في تاريخ المنطقة(16).
وعندما ظهر الإسلام كان الكورد من أوائل الشعوب التي اِعتنقت الإسلام بكل رحابة صدر واِحتضنته، وظهر بينهم سلاطين وقادةوفقهاء ومحدثين ومؤرخين وعلماء أجلاّء في شتى أنواع المعرفة وغيرهم... وقدّموا للإسلام خدمات جليلة(17).
ولم يكن تاريخهم في عصر صدر الإسلام وفيما بعد سوى ناحية مهمة من تلك النواحي التي تتعلق بالتاريخ الإسلامي العام، كانوا كالسد التي تحطمت على صخرته الهجمات التي شنتها الغزاة على أطراف الدولة الإسلامية في الشمال حيث دولة الخزر وكرجستان(18)وفي الغرب حيث دولة الروم البيزنطيين وحلفائهم الأرمن(19) وتمكّنوا بعد فترة اِستقرار من أنْ يساهموا في تكوين إحدى أقوى الدول الإسلامية التي اِستطاعت وقف الغزو الصليبي للديار الإسلامية، وكانت ذروتها إنقاذ القدس الشريف من براثن الصليبيين على يد الناصر صلاح الدين الأيّوبي عام (583هـ/1187م)(20).
لم تشر المصادر التاريخية والبلدانية إلى الحدود القومية للكورد ولكن العديد من الرحالة والبلدانيين المسلمين الذين زاروا كوردستان أشاروا إلى وصف دقيق للمنطقة وسكّانها الكورد وغيرهم... وإلى أحوالهم الدينية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية(21).
وأصبحت هذه الدّراسات مادة أساسية قيّمة لبحوث مستقبلية لاحقة، إذ قام بعض الباحثين بمحاولات جدّية لتحديد المناطق الكوردية رغم ما يعتري غالبية بعض تلك الدّراسات من نواقص(22)إلاّ أنّها اِستطاعت إلى حدٍ قريب تحديد المنطقة. وبعد أنْ توسّعت الفتوحات الإسلامية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض)قام بتقسيم الدولة إدارياً إلى أقاليم من أجل تسهيل إدارتها فكان التحديد قد تم على هذا الأساس لمناطق كوردستان:
أ. إقليم الجبال(23).
ب. إقليم الجزيرة(24).
ج.شهرزور(25).
د. أذربيجان(اتروباتكان)(26).
هـ. إقليم أرمينيا(27).
و. إقليم الأهواز(28)وفارس(29).
الفتح الإسلامي لمناطق كوردستان:
كانت المنطقة الكوردية في تلك الفترة منقسمة بين الدولتين الساسانية والبيزنطية ولكن الجزء الأكبر كان ضمن الدولة الساسانية في غياب أي كيان سياسي خاص بهم في تلك الفترة، ومن ثم فإنّالتقسيم بين تلك الإمبراطوريتين تغيّر بتغيير قوة كل من الدّولتين والتي كانت أرض كوردستان مسرحاً لذلك الصراع بين الدّولتين(30)، في ذلك الوقت توالت الاِنتصارات الإسلامية على الدولة الساسانية وكانت ذروتها الاِنتصار العظيم في معركة القادسية سنة (16هـ/637م)(31)، وعلى أثرها جرت اِتّصالات بين القائد العام للقوات الإسلامية في العراق سعد بن أبي وقّاص (رض)(32)والخليفة عمر بن الخطاب (رض)بشأن ما يجب عمله فكانت أوامر الخلافة صريحة في اِستثمار النصر وفتح المدائن عاصمة الدولة الساسانية، وتحرك الجيش باِتّجاه المدائن حيث تمكّن بعد إزاحة المقاومة الساسانية من دخولها ممّا أدّى إلى فرار الملك الساساني يزدجرد مع أفراد حاشيته(33) وتحرك الجيش الإسلامي صوب أُولى المعاقل التي تحصّن فيها الجيش الساساني وهي مدينة (جلولاء)(34)، وقد اتّفقت أغلب المصادر الإسلامية بأنّ فتحها كان في سنة (16هـ/637م) وعلى يد الصحابي هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص(35).وقد عدّ المؤرخ الكوردي محمد أمين زكي بك بأنّ هذا الفتح كان أول اِتصال للكورد بالإسلام(36) وبعده توالت اِنتصارات المسلمين فأخذوا يفتحون مدن غربي إقليم الجبال الواحدة تلو الأخرى بدءاً من حلوان وماسبذان وقرماسين (كرمنشاه) والدينور سنة (16هـ/637م). وتوّجت هذه الاِنتصارات بمعركة نهاوند سنة (22هـ/642م)، والتي اِنتصر فيها المسلمون اِنتصاراً ساحقاً ويسمى هذا الفتح في التاريخ بـ(فتح الفتوح) لأهمية هذا الاِنتصار، ومن ثم فتحت همدان في سنة (22هـ/642م)(37). ولمّا أحسّ البيزنطييون بضغط الفتوحات الإسلامية عليهم قاموا بتحشيد قواتهم المتكونة من مقاتلي الروم وحلفائهم لمواجهة المسلمين بمدينة تكريت وكانت قد وصلت أخبار تلك الحشود إلى مسامع سعد بن أبي وقّاص فكتب إلى الخليفة عمر(رض) بذلك، فكان أنْ أمر بجعل عبدالله بن المعتم(38) قائداً لجيشمكوّن من خمسة الآف مقاتل بالهجوم عليهم في مدينة تكريت في سنة (16هـ/637م) وكان النصر حليف المسلمين(39)، وكان الخليفة عمر(رض) قد أمر سعيداً بالتوجه إلى مدينة الموصل لفتحها بعد فتح تكريت، وقد فعل ذلك سنة (16هـ/637م). وهناك روايات مختلفة حول فتح المدينة اختلفت في تحديد أزمانها والجهات التي تقدمت منها القوات الإسلامية(40). كان المسلمون قد وجّهوا جيشاً لفتح الشام بقيادة أبي عبيدة الجراح(41) وعندما وصلت الأخبار إلى عمر بن الخطاب (رض) بمحاصرة الروم للمسلمين في حمص وأنّ أهل الجزيرة قد بعثوا برسائل إلى هرقل عظيم الروم طالبين منه إرسال المدد لإخراج المسلمين من الأرض التي سبق أنْ اِستولوا عليها، كتب عمر (رض) إلى سعد بن أبي وقّاص (رض)بإرسال المدد، وعندما سمعت القوات البيزنطية المحتشدة في منطقة الجزيرة بوصول الإمدادات من العراق إلى المسلمين اِرتدوا عن حمص فاِستطاع أبو عبيدة من هزيمة القوات البيزنطية المرابطة هناك(42).
وبعد تلك الاِنتصارات خرج عياض بن غنم على رأس جيش كبير لفتح الجزيرة واِستطاعوا من فتح مدنها الواحدة تلو الأُخرى(43) وقد شجّع اِنتصار المسلمين السريع في الجزيرة من الناحية الإدارية والجغرافية القائد عياض بن غنم للمضي قدماً لفتح مناطق تابعة لأرمينيا إدارياً وجغرافياً(44)، أمّا شهرزور فهو اسم كورة ومدينة(45) وهناك اِختلاف حول مَنْ وكيفية وسنة فتحها ولكن البلاذري المتخصص بالفتوحات يذكر بأنّ الذي فتحها هو عتبة بن فرقد السلمي(46)وذلك في سنة (20هـ/640م)(47).
واِستمر عتبة بن فرقد في فتوحاته واِستطاع أنْ يفتح جزء من أذربيجان(48)، وقام القائد حذيفة بن اليمان بفتح الجزء الباقي منه فيما بعد وذلك في سنة (23هـ/643م)(49).
ومن الواضح فإنّ اِنتشار الإسلام السريع في كوردستان وكثرة عدد المدن التي فتحت وفي وقت قليل قياساً للمناطق الأخرى دلالة واضحة على سلامة الكورد وصدقهم في تعاملهم مع القوات الإسلامية، غير أنّ بعضاً من مناطق كوردستان لم تقبل على الإسلام منذ الوهلة الأولى فكان ذلك طبيعياً لأنّ الإنسان عدو ما يجهله! وقد شاهد الكورد من القوات الغازية التي سبقت الفتوحات الإسلامية الكثير من الظلم والاِضطهاد، ولذلك فلا عجب أنْ يقف بعض الكورد موقفاً سلبياً من الفاتحين المسلمين غير أنّ ذلك الموقف السلبي سرعان ماتغيّر، وأصبح الكورد جزء لايتجزء من المسلمين ومندولة الإسلام، ومن جملة مواقف مقاومة الكورد نشير إلى مايلي: ففي إقليم الأهواز وفارس بعد هزيمة الساسانيين في معركة القادسية هرب القائد الساساني الهرمزان قاصداً الأهواز في إقليم خوزستان(50)، ومن هناك أخذ يجمع العدد والعدة لمنع المسلمين من توسيع فتوحاتهم، فأصدرالخليفة عمر (رض) أوامره إلى قادة المسلمين لوضع حد لأعمال الهرمزان، وبعد معارك عدة اِستطاع المسلمون من أسر الهرمزان وفتح بلاد الأهواز سنة (23هـ/643م)(51). أمّا عن فتح بلاد فارس فسار سلمة بن قيس الأشجعي(52): ((حتى اِلتقى بمشركي الأكراد فدعاهم إلى الإسلام فرفضوا، عند ذلك دعاهم للجزية فأبوا، عندها قاتلهم المسلمون قتالاً شديداً واِنتصروا عليهم))(53).
ويورد البلاذري عن فتوح قلاع فارس: ((كان عمر بن الخطاب أمر أنْ يوجه الجارود العبدي(54) سنة (22هـ/642م)إلى قلاع فارس فلمّا كان بين جرى(55)وشيراز(56) تخلّف عن أصحابه في عقبة هناك ومعه أدوات فأحاطت به جماعة الأكراد فقتلوه فسميت تلك العقبةبعقبة الجارود))(57).
وقد زادت المقاومة الكوردية كلّما توغل المسلمون في إقليم فارس، فعندما حاول المسلمون فتح مدينتي فسا(58)وداربجرد(59) بقيادة الصحابي سارية بن زنيم الكناني(60) اِعترضهم أكراد فارس وجرت على أثر ذلك معركة شديدة كان النصر فيها حليف المسلمين وفي هذا يقول الطبري: ((وقصد سارية بن زنيم فسا وداربجرد حتى اِنتهى إلى عسكرهم فنزل عليهم وحاصرهم ماشاء الله ثم أنّهم اِستمدوا فتجمّعوا وتجمّعت إليهم أكراد فارس، فدهم المسلمين أمر عظيم وقاتلوا القوم من وجه واحد فهزمهم الله))(61).
ممّا سبق يظهر من تحركات جيوش المسلمين نحو المناطق الكوردية اِبتداءً من مدينة جلولاء سنة (16هــ/637م) في عهد الخليفة عمر (رض) واِنتهاءً بـ(دوين)(62) مسقط رأس صلاح الدين الأيّوبي في سنة (25هـ/645م) في عهد الخليفة عثمان بن عفان (رض) لم تتجاوز العشر سنوات أسلم فيها غالبية الكورد!!!
يظهر مما سبق أنّ تلك المدة الزمنية القليلة(عشرسنوات)هي دلالة واضحة وأكيدة تدل على أنّ اِنتشار الإسلام في غالبية مناطق كوردستان كان بشكل سلمي وبإقبال الكورد أنفسهم وأنّ الإسلام لم ينتشر بحد السيف أو هرباً من الجزية.(63)
ومن الجدير بالذكر أنّ بعض مناطق الكورد كانت من ضمن المنطقة التي نشأت عليها دول عديدة في التاريخ(64)وقامت عليها أيضاً إحدى أقدم الحضارات وهي حضارة بلاد ما بين النهرين(65).
ولقد خضع الكورد قبل الإسلام لقوى مختلفة لقرون طوال منهم: الأخمينيون (550-331)ق.م بعد سقوط دولة ميديا الكوردية على أيديهم(66). ومن ثم خضعوا بعدها للإسكندر المقدوني(67)وخلفائه السلوقيين لحوالي قرنين من الزمن(68)الذي يعتبر بريق فكرهم وفلسفتهم كبريق الفكر والفلسفة الغربية الآن! إذ أنّ الغربيين الآن يفتخرون بأنّهم وريثوا تلك الحضارة، حيث كوّنوا بعد مجيئهم حضارة تسمى في التاريخ بالحضارة الهلنستية (330-147)ق.م(69). ومن ثم جاء الفرثيون ويسمّون بالاشكانين ودويلات الطوائف أيضاً من (147ق.م-224م)وهم يُعتبرون المحررين لأقوام المنطقة من الاِستعمار(70)، وقد سقطت تلك الدولة على أيدي الساسانيين(224-638)مالذين قاموا بحركة تجديد في كافة نواحي الحياة وبالأخص الدينية حيث أعادوا كتابة (الآفيستا المقدس) لدى الزرادشتين بشكل يواكب التطورات التي حدثت في تلكم العصور(71). وفي العصر الساساني ظهر ماني(72) الذي كان يدعو إلى الزهد والتقشّف(73). وجاء بعده مزدك الذي كان بعكسه يدعو إلى الإباحية في كل شيء(74).وخضعت بعض المناطق الكوردية لسلطة الروم البيزنطيين(75) والأرمن(76).
وجدير بالذكر أنّ تلك القوّات التي اِحتلت مناطق كوردستان لقرون طوال كانت لها أديانها العريقة، ومبادئها الفلسفية، وكانت لها حضارة قديمة ذات تأثير كبير على أرض كوردستان، وكان من بين تلك الديانات اليهودية(77)والمسيحية(78) وكان عدد لابأس به من الكورد يدينون بتلك الديانات فلماذا اِنقلبوا إلى الإسلام؟ ولماذا أيضاً لم ينقلبوا ضد الإسلام؟ رغم السنين الطوال ورغم ضعف دولة الإسلام وتمكنهم من الاِستقلال والخروج من الإسلام وبحرية!! علماًأنّه لاتوجد أي دلالات تاريخية، ولا نصوص علمية تشير ولو من بعيد إلى وجود تعصب إسلامي ضد تلك الحضارات، غير أنّ الذي حصل هو تغلب الإسلام عليها ودخول الإسلام بشكل هادئ إلى نفوس أبنائهم!. أيعقل أنّ منطقة كوردستان التي تبلغ مساحتها حسب بعض الإحصائيات حوالي 4500كم2(79) تدخل في الإسلام بالإكراه؟
وهكذا اِعتنق الأكراد الإسلام بعد: أنْ وجدوا فيه حقاً أنه طريق تحررهم وعزتهم وسعادتهم. وقد مر على تشرفهم بالإسلام أكثر مما اِعتنقوا الديانة الزرادشتية عند مجيء الإسلام، فلماذا لم يخرجوا على الإسلام بعد ظهوره بما يزيد الألف عام؟ وهل هم على اِستعداد أنْ يتركوا هذا الدين رغم الحملات الشرسة عليهم، ورغم بريق تلك الديانات والأفكار التي تستعمل كل الوسائل والإغراءات المتاحة لتغير عقيدتهم؟؟! إنّالدارس لطبيعة الكورد اليوم يجد أنّ غالبيتهم متمسكين بحقيقة الإسلام أكثر مما يتصور!
لذا نعقتد بأنّ اِنتشار الإسلام بهذه السرعة لم يكن بالسيف والإكراه ولا بالخوف من الجزية وغيرها من الأباطيل التي يزعم بها البعض بل هناك أسباب ووسائل لهذا الاِنتشار السريع يمكن إيجازها فيما يلي:
أولاً: أسباب تتعلق بالإسلام:
الإسلام دين الفطرة والناس مفطورون عليه، والإسلام هو دين سائر الأنبياء والمرسلين وقد ورد في القرآن الكريم: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ)(80)، وجاء في قوله تعالى أيضاً:(مِلَّةَأَبِيكُمْإِبْرَاهِيمَهُوَ سَمَّاكُمُالْمُسْلِمِينَ)(81).والإسلام في الأصل معناه الاِستسلام لله في أمره ونهيه على لسان الوحي، ولما كان صلاح الإنسان باِستسلامه لله، فإنّ الله لم يترك أمة من الأمم إلاّ وأرسل إليها رسولاً (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ)(82)، وإذا كان الإسلام يتفق مع بقية الديانات التي سبقته في وحدة الأديان ومصدرها الإلهي، فإنه يختلف معها في كونه الدين النهائي الخاتم لجميع الأديان: (وَلَٰكِنْ رَسُولَاللَّهِوَخَاتَمَالنَّبِيِّينَ)(83).ولم يكن الإسلام خاتماً للديانات الأخرى فحسب، بل إنّه اِنفرد أيضاً بخاصية أخرى لم يتميز بها أي دين سابق له وهذه الخاصية كونه ديناً عاماً أنزله الله على نبينا محمد (ﷺ) ليقوم بتبليغه إلى الناس كافةً عرباً وعجماً، بيضاً وسوداً، إنساً وجناً، قال تعالى(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين)(84)، وتبعاً لهذه المهمة فإنّ الإسلام اِختلف عن غيره من الديانات الأخرى بأنّه دين صالح لكل زمان ومكان، وأنّه مساير لكل العصور مهما اِختلفت نواحي الحياة فيها. والإسلام بعقيدته وشريعته يتضمن من الفضائل مايجعل الناس يحرصون عليه أشد الحرص على أنْ يدخلوا فيه، ثم إنّ الإسلام يعطي الداخل فيه كل شيء ولايقتضيه شيئاً، فإنّ الإنسان يكسب الصلة المباشرة بالله سبحانه وتعالى ويجد الطريق إليه ليقف بين يديه خمس مرات في اليوم ويدعوه دون حجاب، ويكسب الأمل في حياة أسعد وأرغد في هذه الحياة الدنيا ثم حياة الخلود في دار البقاء، ولايكلّفه ذلك إلاّ النطق بالشهادتين واتّباع شريعة الإسلام وكلها خير ومساواة وعدل، في حين يتقاضى رجال الدين في الأديان الأخرى الإتاوات فى كل مناسبة(85). علماًأنّ الدخول في الإسلام بسيط لا تعقيد فيه، يكفي للمرء أنْ يكون مسلماًوأنْ ينطق بالشهادتين، كما أنّ العقيدة في الإسلام جاءت واضحة ودقيقة، قدمت الكثير من المبادئ الأصيلة لخدمة عموم البشر، فقد رفضت العنصرية والتلوين، ونادت بالأخوة بين الناس ورفضت الطبقية ولم تظهر فى المبادئ سابقاً ولا لاحقاً من عقيدة أنْ تقف بوجه عقيدة الإسلام(86).
فالله سبحانه جعل الإسلام خفيفاً على القلوب قريباًإلى النفوس، لوضوحه وصدقه ما يكاد الحق يطرق أذن الرجل حتى يصل الإيمان إلى قلبه، فإذا اِستقر في قلبه لم يكن هناك قط سبيل إلى إخراجه.
لذلك عندما اِستشعر الكورد هذه المعاني ورأوا هذه مطبقة في أعمال وتصرفات الطلائع الأولى التي بشرت بهذه الدعوة، واِقتنعوا بأنّ المسلمين العرب ليسوا محتلين ولا إقطاعيين ولا ظلمة، فتأثروا بهذه الرسالة الخالدة فآمنوا بها واحتضنوها ونشروها،وهم حتى الآن من أشداء المدافعين عن هذا الدين.
ثانياً : أسباب تتعلق بالفاتحين:
ولقد حمل الفاتحون الإسلام بأمانة وصدق ولذلك قدّموا للشعوب التي فتحوها مثلاً طيباً للإسلام والمسلمين فلم يعتدوا على الشعوب المغلوبة ولم يسلبوها حقوقها وكانوا دعاة حق إلى الله تعالى مما دفع بالشعوب المغلوبة إلى محبتهم والتعاون معهم والسماح لهم بالاِستقرار بأراضيهم وإقامة العلاقات الإجتماعية معهم.
وقد سلك الإسلام في اِنتشاره في الأرض مسالك شتى ودخل إلى القلوب من مداخل مختلفة، فما كانت الفتوح إلاّإحدى وسائل المسلمين لفتح الطريق أمام الإسلام ليدخل إلى القلوب، فأمّا المدخل الأكبر فكانت الكلمة الطيبة، والحكمة والموعظة الحسنة التي يحملها المسلم المؤمن إلى غير المؤمن، ويبين له فضائل الإسلام وما يفتح لمعتنقيه من أبواب الخير والأمل واطمئنان النفس، فيستجيب الرجل للإسلام ويدخل فيه عن طيب نفس وعن أمل في عظيم رحمة الله وثوابه العريض.
وكان للقدوة الحسنة أيضاً دوره الواسع في اِنتشار الإسلام، فالمسلم الفاتح كان له إيمان عميق بالإسلام وله خلق قويم، وليس بالضرورة أنْ يكون متفقّهاً في العلم متبحّراً فيه، ولكن خلقه الكريم، وحسن سمعته، وتعاونه مع غيره، تحبب الناس فيه وفي دينه، فلا يزالون في إعجاب به، حتى تهوى أفئدتهم إلى مايؤمن به، ليكونوا مثله(87).
ثالثاً: أسباب تتعلق بالكورد:
لولا الإسلام لما اِستطاعت قوة أنْ تؤثر على هذه المنطقة، وخير شاهد على ذلك ما أشرنا إليه من الأقوام التي حكمت المنطقة وهم أصحاب ديانات وحضارات مختلفة(88)، فماذا بقي من تأثيرهم على الكورد بعد مجيء الإسلام؟!
فالمسلمون عندما جاءوا من الجزيرة العربية كان كل شيء غريباً عنهم، فالدم غير الدم، وكانت اللغة غير اللغة، وكانت العادات والأعراف غير العادات والأعراف، فليس ثمة من هذا الوضع ما يعطفهم على الحركة الإسلامية وتقربهم منها... مع اِستثناءات في الحيرة والشام حيث بعض التقارب بين الإيرانيين والعرب(89) ومع هذا فالكورد غالبيتهم كانوا يقطنون المناطق الجبلية حيث الطبيعة الخلابة والمياه الوفيرة والهدوء ... التي أثّرت على نفسيتهم، فلم يرضوا إلاّ بالأحسن فدخلوا في الإسلام لذلك، إضافة إلى أنّهم كانوا منزعجين من الأوضاع المتردية السائدة في منطقتهم من كافة النواحي(90).
إذ كان النظام السائد في المنطقة التي يسيطر عليها الساسانييون هوالملكية المطلقة وكان الأكاسرة ملوك الساسانيين يدَّعون أنّ في عروقهم دم إلهي، وكانت رعايا الدولة ينظرون إليهم كآلهة، ويرونهم فوق القانون والاِنتقاد وفوق البشر، وأنّ ما يعطونه لأحد من فضول أموالهم وفتات نعيمهم إنّما هو صدقة وتكرم من غير اِستحقاق، وليس للناس قِبلهم إلاّ السمع والطاعة وهذا الحق ينتقل فيهم كابراً عن كابر وأباً عن جد لا ينازعهم ذلك إلاّ ظالم ولا ينافسهم إلاّ دَعي نذل(91) ولم يخطر ببالهم أنْ يملكوا عليهم كبيراً أو رئيساً من رؤسائهم إذا لم يكونوا من البيت المالك(92).
وكانت ديانتهم الزرادشتية وكتابهم المقدس (الآفستا) فكانوا يؤمنون بإلهين: إله الخير وإله الشر، ويعبدون النار، وحرّموا من الاِشتغال بالأشياء التي تستلزم النار فاقتصروا في أعمالهم على الفلاحة والتجارة، وأقرّت هذه الديانة نظام الطبقات الجائر في المجتمع(93)، وطبيعي هذا يخالف العقيدة الصحيحة.
فالنار لاتوحي إلى عبّادها بشريعة ولاترسل رسول، والنتيجة هي حرمان رعايا الدولة الإيرانية في حياتهم من دين عميق جامع، يكون حافزاً على التقوى وفعل الخير... ويكون نظاماً للأسرة، وتدبيراً للمنزل، وسياسة للدولة، ودستوراً للأمة، ويحول بين الناس وطغيان الملوك، وعسف الحكام، ويأخذ على يد الظالم وينتصف المظلوم، وأصبح أصحاب الديانة الزرادشتية لا فرق بينهم و بين الإباحيين في الأخلاق والأعمال(94). وكان المجتمع الساساني مؤسّس على اعتبار النسب والحرف -كما أشرنا-،وكان من قواعد السياسة الساسانية أنْ يقنع كل واحد بمركزه الذي منحه نسبه، ولا يستشرف لما فوقه وهذا النظام الجائر قد جاء إقراره في الديانة الزرادشتية، وكان الملوك الساسانيون لا يولّون وضيعاً وظيفة من وظائفهم، وكانت العامة كذلك طبقات مميزة بعضها عن بعض تميزاً واضحاً(95).وكان في هذا التفاوت بين طبقات الأمة اِمتهان للإنسانية يظهر ذلك جلياً في مجالس الأمراء والأشراف حين يقوم الناس على رؤوس الأمراء كأنّهم جماد لا حراك فيهم ويجلسون مزجراً كالكلب(96). ولم يكن النظام المالي والسياسة المالية في إيران عادلة ومستقرة، بل كانت جائرة ومضطربة في كثير من الأحوال، تابعة لأخلاق الجباة العاملين وأهوائهم والأحوال السياسية، وفي بعض الأحيان عندما تنشب الحرب وليست عند الدولة أموال تنفقها على الحرب، فكان يلجئها ذلك إلى ضرائب جديدة، وكانت المقاطعات الغربية -والتيمن ضمنها المنطقة الكوردية-هدف هذه الضرائب دائماً(97). وفوق كل هذا كان غير الفرس يعانون -مانسميه الآن- بالتفرقة العنصرية حيث كانوا يبالغون في تمجيد القومية الفارسية ويرون أنّ لها فضلاً على سائر الأجناس والأمم(98)، فضلاً عن هذا فإن الدولة الساسانية دخلت في حروب داخلية وخارجية لم يجني فيها مواطنوها إلاّ الدّمار والقتل(99). وهكذا فلم يكن هناك جانب من جوانب الحياة في المجتمع الساساني والتي كان الكورد جزءاً منها إلاّ وفيها جوانب من الظلم والقهر والحرمان. ولم يكن حال الكورد الذين يعيشون في ظل الإمبراطورية البيزنطية بأفضل حال ممّن يعيشون تحت حكم الساسانيين(100).
لذلك عندما عرف الكورد الإسلام ورأوا تطبيقه في المسلمين الفاتحين دخل أغلبهم في الإسلام. فلو كانت الفتوحات الإسلامية هجمة عسكرية من قبل العرب المسلمين أو اِستعمار العرب للأكراد-كما يزعم البعض- لاِستوجب ذلك إمداداً كبيراً من القوات الإسلامية العربية حتى تتمكن من السيطرة على مناطق الكورد عسكرياً، وهذا يعني وجود أعداد كبيرة جداً من المقاتلين تتناسب وحجم الكورد المنتشرين في الأودية العميقة والسهول الواسعة والجبال الشاهقة الكثيرة، إذاً لايمكن تجاوز أي من مدن كوردستان والذهاب إلى الأخرى من الناحية العسكرية إلاّ وأنْ تبقى قوات عسكرية كبيرة في المدينة الأولى للحفاظ عليها من حركات العصيان والتمرد، وهذا يتطلب اِستمرار وجود دعم عسكري بالعدد والعدة، وهذا مما لم تشر إليه المصادر التاريخية، فقد كانت القوات الفاتحة تندمج مع شعوب المدن المفتوحة وتصبح جزءاً لا يتجزّأ منها بل في كثير من مدن كوردستان أصبح المقاتل الكوردي إلى جانب المقاتل العربي المسلم، يعمل جنباًإلى جنب من أجل الدفاع عن المدن الكوردية، والعمل على اِستمرار الفتوحات في المدن الأخرى، هذا من جهة ومن جهة أخرى أي قوة في العالم تترك وراءها أعدائها؟! لو لم تطمئن إليهم! ثم تبدأ بالاِنتشار خلفهم، فهذا ما حصل في المناطق الكوردية إذا ما أن تم فتح تلك المناطق إلاّ وبدأ المسلمون بالفتوحات فيما بعدها(101). وهذا إنْ دل على شيء فإنّما يدل على أنّ الفاتحين قد اِطمأنّوا إلى إسلام الكورد، وليس هذا فقط بل إنّ الكورد شاركوا إخوانهم المسلمين العرب في الدفاع عن حياض الإسلام ضد هجمات الروم البيزنطيين والأرمن والخزر، وشاركوا في الفتوحات وخاصة في بلاد ماوراء، خلف المنطقة التي يسكنها الكورد مباشرة(102). ولم تشر المصادر التاريخية إلى وجود عصيان أو غزو مسلح ضد الإسلام والمسلمين الذين جاءوا من خارج كوردستان، ولو دخل الإسلام في كوردستان بالضغط والإكراه لحدثت ردود فعل عسكرية وفكرية وسياسية، ولطالعتنا المصادر التاريخية أو الأدبية أو غيرها من المصادر بنصوص تاريخية أو قصائد وأبيات شعرية لتدوين ذلك سلباً أو إيجاباً... وما موجود في المصادر التاريخية هو الإشارة إلى تمسك الكورد بالإسلام بعيداً عن كل الضغوط والتأثيرات الخارجية ممّا يتناسق مع الوحي القرآني الذي جاء فيه:(لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ)(103).لو اِنتشر الإسلام بالضغط والإكراه أو بتأثير العرب لتطلّب ذلك وقتاً طويلاً، إذ كم يقدّر الزمن الذي يستغرق فيه العرب لتعلّم اللغة الكوردية واللهجات المحلية، وكم يلزم من الوقت كي يسيطر على سهوله الفسيحة وأعماق وديانه؟ وكم يستغرق صعود جباله الشاهقة والمناطق النائية وقراها الكثيرة...
مع ملاحظة سرعة اِنتشار الإسلام نعتقد أنّ التجارة والدعاة وعوامل أخرى نستطيع أنْ نسمّيها بالأسباب غير المباشرة، لايسمح المقام بالإشارة إليها، كان لها دور فعّال في نشر الإسلام بين الكورد قبل وصول الفتوحات الإسلامية إليها(104)، وهم بعد ذلك قاموا بنقل الإسلام إلى جبال كوردستان وقراهم البعيدة وبأسلوبهم ولغتهم مما ليس بمستطاع المسلم العربي أنْ يفعله وبتلك السرعة، وللتدليل على ذلك الواقع الحي للتفاعل بين الفاتحين والشعوب المغلوبة ما أشار إليه جوليان بقوله: (لقد أحدث الفاتحون قفزة نوعية لم يحدث مثلها في التاريخ، لقد تخطت الحدود والحواجز وأصبحت الثورة الفرنسية والروسية بالنسبة إليها متواضعين جداً، لقد اِتحد الفاتحون والسكان الأصليون اِتحاداً قويا وإلى الأبد)(105).
وهناك ملاحظة أساسية يجب أنْ ينتبهإليها الكورد: وهي أنّ محاولة التأكيد على أنْ الإسلام اِنتشر بالإكراه بكوردستان، وبتأثير العرب القسري عليهم، هو بحد ذاته اِستهانة بقيم الكورد الأصيلة، وبرجولتهم، وبقوتهم، وبطبيعة بلادهم، وهو يعني بأسلوب خبيث آخر أنّ الكورد كانوا ضعافاً وبدون إرادة، وكانوا مهزومين بشكل عام أمام القوات الإسلامية، وهذا جميعاً ترفضه فطرة الكوردي الأصيل، والرجولة الكوردية التي لا ترضى بالهوان، وترفض الاِستكانة للأجنبي المحتل، ولم تشر إليه المصادر. وقد أثبت الكورد وعلى مدى التاريخ قوتهم وأصالتهم في الدفاع عن حقوقهم، ولم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الغزاة الذين لم يرضوا بهم، بعكس الفاتحين من المسلمين الذين وجدوا في دينهم مصداقية مع العرب وإخوة لاتنتقص من قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، قال تعالى:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَإِخْوَةٌ)(106) وقال الرسول(ﷺ): (لافرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى)،حيث اِنصهر الكورد إلى جانب العرب في بودقة الإسلام يعملون جنباً إلى جنب من غير أنْ يستعلي أحدهم على الآخر في خدمة الحضارة الجديدة والدولة الجديدة.
وأكثر ما يثيره الذين يجهلون تفسير الاِنتشار السريع والهائل للإسلام بين الكورد وغيرهم هو أنّ :الجزية،كانت السبب الأساسي في دخولهم الإسلام لعجزهم عن سدادها، والجزية هي مايؤخذ من أهل الذمة لقاء تعهد المسلمين بالمحافظة على أرواحهم وأموالهم ولقاء إعفائهم من الخدمة في الجيش، وتجب الجزية على القادرين من الذكور العقلاء البالغين، ولا تجب على الصبيان والنساء والشيوخ والرهبان والمرضى والعميان،ولا على نخيلهم ولا كرومهم ولا زروعهم ولا مواشيهم صدقة، وليس هذا فقط بل تسقط الجزية عند العجز عن سدادها، وكانت أقل بكثير مما كان يأخذه الساسانيون والرومان من رعاياهم، وعندهما كان يعفى منها فقط المقربين من الدولة.
ودخول الناس في الإسلام بسبب الجزية فرية واهية لا تصمد أمام أبسط حقائق التاريخ، وهذا تحامل واِستهانة أخرى بالأمم التي دخلت بالإسلام وتاريخهم، فالإسلام لم يكن أول من أخذ الجزية، فهي قانون عند كل الأمم بما فيهم اليهود والنصارى، فالعهد القديم الذي يؤمن به اليهود والنصارى يشرع الجزية ويذكر: أنّ الأنبياء عليهم السلام أخذوا الجزية من الأمم المغلوبة حين غلبوا على بعض الممالك، كما صنع النبي يوشع(عليه السلام) مع الكنعانيين، الذين هم من شعوب منطقة بلاد الشام، حين تغلب عليهم، وقد جمع لهم بين العبودية والجزية.
ويذكر العهد الجديد (الإنجيل) في إنجيل متّى أنّ المسيح(عليه السلام) سئل: "أيجوز أنْ تعطى جزية لقيصر أم لا ؟. فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟ قالوا له: لقيصر، فقال لهم: أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما للّه للّه".
ويعتبر أداء الجزية عند النصارى للسلاطين حقاً مشروعاً، بل ويعطيه قداسة، ويجعله أمراً دينياً.
وقد كان الكاثوليك وهم أكبر طوائف الدين المسيحي، يقع مركزهم الديني في مدينة الفاتيكان، مقر بابا، يفرضون الجزية على الأرثوذكس وهم الطائفة الأصغر في الدين المسيحي في مصر، قبل أن يفتحها المسلمون، فما سمعناهم يقولون أنّ الأرثوذكس تركوا طائفتهم إلى الكاثوليكية هرباً من الجزية، بل العكس نجدهم يتفننون في ذكر صبر وصمود الأرثوذكس على عقيدتهم وفرارهم إلى الصحارى والكهوف، وأنّهم كانوا يفضّلون الموت على ترك طائفتهم.
كذلك يؤلف النصارى الحكايات الطوال عن بسالتهم في مواجهة عصر الاِستشهاد حين ألقاهم الرومان للأسود الجائعة وأحرقوهم في الميادين، وذبحوهم تحت أقدام أصنامهم، ومع هذا لم نسمع أنّ واحداً منهم قد اِرتدّ عن دينه، لكنهم لمّا عجزوا عن تبرير دخول النصارى واليهود في الإسلام عن رضاً وقناعة، ولم يجدوا في الإسلام أسود جائعة أو نار تحرق المخالفين، حاولوا تبرير هذا الفتح العظيم بالجزية، ونسى هؤلاء أنّ الجزية في الإسلام لم تزد في كل تاريخها عن أربع دنانير، وتراوحت في أغلب أحوالها بين دينار ودينارين ونستشهد هنا بكلام المؤرخيين الغربيين أنفسهم:
يقول المؤرخ بنيامين اليهودي - مؤلف كتاب: رحلة بنيامين التطلي -: "إنّ اليهود في كل بلاد الإسلام يدفعون ديناراً واحداً".
ويشهد: ول ديورانت في موسوعته (قصة الحضارة) بقوله: "ويعفى منها الرهبان، والنساء، والذكور الذين هم دون البلوغ، والأَرِقَّاء، والشيوخ، والعَجَزة، والعُمي، والشديد الفقر".
ويذهب مونتسكيو في كتابه: (روح الشرائع) إلى أبعد من هذا فيرى أنّ بساطة الجزية عجلت باِنتشار الفتوحات الإسلامية فيقول: "إنّ هذه الإتاوات المفروضة كانت سبباً لهذه السهولة الغريبة التي صادفها المسلمون في فتوحاتهم، فالشعوب رأت - بدل أنْ تخضع لسلسلة لا تنتهي من المغارم التي تخيلها حرص الأباطرة - أن تخضع لأداء جزية خفيفة يمكن توفيتها بسهولة، وتسلمها بسهولة كذلك".
يقول المؤرخ توماس أرنولد في كتابه (الدعوة إلى الإسلام): "ولم يكن الغرض من فرض هذه الضريبة على المسيحيين لوناً من ألوان العقاب لاِمتناعهم عن قبول الإسلام، وإنما كانوا يؤدونها مع سائر أهل الذمة، وهم غير المسلمين من رعايا الدولة الذين كانت تحول ديانتهم بينهم وبين الخدمة في الجيش، في مقابل الحماية التي كفلتها لهم سيوف المسلمين".
وكتب خالد بن الوليد لبعض نواحي العراق: "فإنْ منعناكم فلنا الجزية، وإلاّ فلا، حتى نمنعكم- أي نحميكم-" .
ويفرض الإسلام: أنّه "يجب على الإمام: حفظ أهل الذمة، ومنع من يؤذيهم، وفكُّ أسرهم، ودفع من قصدهم بأذى".
وهذا يفند مزاعم من يقول: إنّأهل الكتاب قد دخلوا في الإسلام بسبب الجزية، ويبرز نور الإسلام وعدله ورحمته ويكشف للجميع السبب الحقيقي لدخول الملايين في الإسلام.
فهذا تحامل واِستهانة أخرى لأهل الكتاب عامة وبالكورد وتاريخهم خاصة، إذاً كيف يجوز لأحد أنْ يترك دينه مقابل دفع دنانير معدودة في السنة، مع العلم إنّ الذي يدخل في الإسلام يدفع مبالغ أكبر من مبلغ الجزية، كالزكاة والصدقات، ويشترك بالجندية مما فيه من الناحية المادية من خسارة أكبر بكثير جداً من مبالغ دفع الجزية.
-----------------------------------------------------------------------
(1)لمزيد من المعلومات ينظر: جمال رشيد أحمد: ظهورالكورد في التاريخ، (أربيل:2003)، ص ص447-427.
(2)يوسف خلف عبدالله: الكورد وعلاقته بالمفردات السومرية من خلال النصوص المسمارية، مقال منشور في مجلة شاندرالدورية، (أربيل:2000)، العدد(12)، ص ص112-114.
(3)جمال رشيد أحمد وفوزي رشيد: تاريخ الكورد القديم، (أربيل:1990)، ص7.
(4)لمزيد من المعلومات ينظر: جمال رشيد: ظهورالكورد،ص ص456-615.
(5)طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، (بغداد:1973)، ج1، ص173.
(6)ف.بارتولد: تاريخ الحضارة الإسلامية، (القاهرة:1983)، ص50. ولمزيد من التفاصيل ينظر: حكيم أحمد مام بكر: الكورد وبلادهم عند البلدانيين والرحالة المسلمين، أطروحة دكتوراه، جامعة صلاح الدين، (أربيل:2003)، ص ص78-82.
(7)طه باقر: المقدمة،ج1، ص183.
(8)محمد أمين زكي:خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان، (بيروت:1985)، ص40.
(9) Jesper Eidem and Jorgen Laessos: the Shemshara archives 1 the letters, p.29
(10) Ann Lomis perkin comparative archaeology of early Mesopotamia, (issues by Chicago university), pp2-4.
(11) J. R. Braidwood and Bruce Howe with contributions by others, Prehistoric investigation in Iraqi Kurdistan, (issues Chicago university, 1959), p69.
(12) بلاد مابين النهرين (ميزوبوتاميا): في فترة مابين القرنين الرابع والثاني قبل الميلاد اِستعمل الكتاب اليونان والرومانالمصطلح الجغرافي المعروف "بلاد مابين النهرين"، أي التسميةالإغريقية (Mesopotamia)، وهو المصطلح الذي شاع اِستعماله حتى بعد ذيوع اِستعمال تسمية العراق، طه باقر: المقدمة، ج1، ص11.
(13)القرآن الكريم: سورة هود:(الآية 44).
(14)دائرة المعارف الإسلامية، ج1، ص106.
(15)ينظر: طه باقر: المقدمة، ص ص588،148،214،237. ينظر: اليعقوبي: تاريخ، ج2، ص427. الطبري: تاريخ، ج8، ص270. الدولة البيزنطية، ص281.
(16)يعد بعض المؤرخين الميديين من أجداد الكورد الحاليين، كونوا دولة واسعة الأرجاء وكانت عاصمتها اكبتانا مدينة (همدان) الحالية، ينظر: محمد أمين زكي: خلاصة تاريخ الكورد، ص ص59،105،107. سامي الأحمد وجمال رشيد: تاريخ الشرق القديم، (بغداد:1988)، ص ص364-370.
(17)حسام الدين على غالب النقشبندي: الكورد في الدينور وشهرزور، رسالة ماجستير مطبوعة على الآلة الكاتبة، (جامعة بغداد:1975)،ص ص64-112. فائز محمد عزة: الكورد في الجزيرة وشهرزور، رسالة ماجستير مطبوعة على الآلة الكاتبة، جامعة صلاح الدين (أربيل:1991)، ص ص48-106. أحمد ميرزا ميرزا: غربي إقليم الجبال في صدر الإسلام، رسالة ماجستير مطبوعة على الآلة الكاتبة، جامعة صلاح الدين أربيل،(أربيل:1995)، ص ص79-101. نيشتمان بشير محمد: الأحوال السياسية والإجتماعية والإقتصادية لغربي إقليم الجبال، رسالةماجستير مطبوعة على الآلة الكاتبة، جامعة صلاح الدين، (أربيل:1995)، ص ص53-64-118-161. وغيرها...
(18)ينظر اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي (بيروت:د.ت) ج2، ص227، الطبري: تاريخ، ج8، ص270.
(19)الطبري: تاريخ، ج9، ص ص56-57. الأزدي: تاريخ الموصل، (القاهرة:1967)، ص242.أسد رستم: الروم وصلاتهم بالعرب، (بيروت:1955)، ص215. فازيليف: العرب والروم،(القاهرة:1934)، ص127.
(20)ينظر إبن الأثير: الكامل، ج10، ص ص33-35. إبن رشد: النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، (القاهرة، 1994)، ص134. العماد الأصفهاني: الفتح القسي في الفتح القدسي،(د.ط)(د.ت)، ص ص127-146.
(21)ينظر: كي ليسترنج: بلدان الخلافة الشرقية، (بغداد:1954)، ص221.إبن خرداذبة: المسالك والممالك(بريل - ليدن:1889)، ص ص57-95. إبن الفقيه: مختصر كتاب البلدان (بريل - ليدن)، ص209. المقدسي: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، (بريل - ليدن:1906)،ص386.
(22)ينظر: الهامش 17.
(23)أطلقت تسمية إقليم الجبال على قسم من بلاد الكورد وذلك لأن الغالب عليها الجبال الشاهقة، ويحد الأقاليم من الشمال إقليم الديلم وجيلان ومنطقة غربي الجزيرة، ويحد الأقاليم من الجنوب إقليم خوزستان وشيء من العراق، أمّا من جهة الشرق فيحدها مفازة خراسان وفارس وأصفهان، ومن الغرب سهول العراق والجزيرة الفراتية وأذربيجان،لمزيد من المعلومات ينظر: أحمد ميرزا ميرزا: غربي إقليم الجبال، ص ص26-27.
(24)أطلقت عليها إسم الجزيرة لوقوعها بين نهري دجلة والفرات، ويحدها من الشرق أذربيجان والجبال، ومن الغرب بلاد الشام، ومن الجنوب العراق، ومن الشمال أرمينية وبلاد الروم، ينظر: زرار توفيق صديق: الكورد في العصر العباسي، ص ص24-29.
(25)شهرزور: تسمية أطلقت على منطقة ومدينة معا، وهي المنطقة الواقعة بين حلوان وخانقين جنوباً وأربل شمالاً وجبل السلق (جبل لاهيجان الحالي) المشرف عليها شرقاً وداقوقا (داقوق) كورة باجرمي (محافظة كركوك حالياً) غرباً، ينظر: حسام علي غالب النقشبندي: الكورد في الدينور، ص ص48-56.
(26)أذربيجان: هو الصياغة الإسلامية لمصطلح (اتروباتكا) الذي يستعمل من قبل المؤرخين الأرمن، وهو إقليم واسع يقع بين بلاد الجبال و بلاد الران (آران) يحدها من الشرق بحيرة الخزر ومن الغرب حدود أرمينيا وشيء من حدود الجزيرة ومن الشمال أرمينيا ومن الجنوب حدود العراق. ينظر: حسام الدين النقشبندي: أذربيجان رسالة دكتوراه مطبوعة على الآلة الكاتبة، (بغداد:1979)، ص ص34-37.
(27)أرمينيا: تقع أرمينيا في أقصى شمال أرض الدولة الإسلامية فهي تقع بين أذربيجان وآران شرقاً وبلاد الروم شمالاً والجزيرة الفراتية غرباً، والجبال وولاية دياربكر التابعة للجزيرة جنوباً، وجبال القبق وبلاد الكرج والغز شمالاً، ينظر: صلاح الدين أمين طه، رسالة دكتوراه، (بغداد:1979)، ص ص22-23. زرار صديق توفيق: الكورد في العصر العباسي، ص ص37-38.
(28)وهو إقليم صغير ذو حدود واضحة ومحددة،من الشرق إقليم فارس وأصفهان ومن الغرب كورة واسط التابعة لإقليم العراق ومن الشمال كورتي الصيمرة واللر التابعتين لإقليم الجبال ومن الجنوب الخط الوهمي الممتد من واسط الى بحر العرب ينظر:زرار صديق: الكورد في العصر العباسي، ص ص36-37.
(29)يحدها من الشرق إقليم خوزستان ومن الغرب إقليم كرمان ومن الشمال أصفهان ومفازة وخراسان ومن الجنوب بحرالعرب. ينظر: زرار صديق: الكورد في العصر العباسي، ص ص40-41.
(30)البلاذري: فتوح البلدان، ص ص111-117-223-235. الطبري: تاريخ، ص ص53-37-102-103.أحمد عادل كامل: فتوح الشرق، ص ص119-122. وفتح بلاد الشام،(بيروت:1982)، ص ص34-37.
(31)البلاذري: فتوح، ص ص251-258. الدينوري: الأخبار الطوال، ص ص251-258. إبن الأثير: الكامل، ج2، ص ص324-331.
(32)صحابي مشهور أسلم على يد أبي بكر الصديق()وهو من العشرة المبشرة بالجنة، شارك رسول الله (ﷺﷺ) معظم المشاهد كما قاد المسلمين في معركة القادسية عام ستة عشر للهجرة. إبن سعد: الطبقات، ج3، ص139. إبن حجر: الاِستيعاب في معرفة الأصحاب،ج2، ص607. محمود شيت خطاب: قادة فتح العراق والجزيرة، ص ص248-296.
(33)البلاذري: الفتوح، ص258. الدينوري: الأخبار، ص ص115-120. الطبري: تاريخ،ج2، ص ص586-587. إبن أعثم: الفتوح، ص ص213-218. إبن الأثير: الكامل، ج2، ص ص336-337.
(35)البلاذري: فتوح، ص ص295-302. الدينوري: الأخبار، ص ص15-133. خليفة بن خياط: تاريخ، ص ص127-151.
(36)خلاصة: ص123.
(37)البلاذري: فتوح، ص ص296-302. الدينوري: الأخبار، ص ص16-133. خليفة بن خياط: تاريخ، ص ص127-151. الطبري: تاريخ، ج4، ص35.
(38)صحابي جليل شارك في قتال المرتدين، كما كان قائدا لميمنة جيش سعد في معركة القادسية وشارك في فتح المدائن، إبن سعد: الطبقات، ج1، ص295. الطبري: تاريخ، ج4،ص35.
(39)خليفة بن خياط: تاريخ، ج1،ص134. الطبري:تاريخ، ج3، ص ص135-137. أحمد عادل كمال:فتوح الشرق، ص ص119-122.
(40)الواقدي: فتوح الشام، ج2، ص ص182-183. البلاذري: فتوح، ص323. الطبري:ج4، ص37.إبن الأثير: الكامل، ج2، ص ص364-365. إبن كثير:البداية والنهاية، ج3، ج7،ص71. أحمد عادل كمال: فتوح الشرق، ص ص123-135. محمود شيت خطاب:قادة فتح العراق والجزيرة، ص ص373-378. عبدالماجد أحمد السلمان:الموصل في العهدين الراشدي والأموي، (الموصل:1985)، ص ص31-34.
(41)البلاذري:فتوح، ص172. الدينوري:الأخبار، ص ص107-131. الطبري:تاريخ، ص ص55-60.
(42)الطبري:تاريخ، ج4، ص ص50-53. إبن خلدون:تاريخ، ج4، ص ص952-953. إبن الجوزي:المنتظم في أخبار البشر، ج4، ص223.
(43)البلاذري: فتوح،ص180.الطبري:تاريخ، ج2، ص54. إبن الأثير: الكامل، ج2، ص532. إبن الفقيهالهمداني: مختصر كتاب البلدان، ص76.
(44) البلاذري: فتوح، ص193. الطبري:تاريخ، ج4، ص ص53-56.إبن الأثير: الكامل، ج5، ص535.
(45)سبق وأنْ عرف إقليم شهرزور.
(46)عتبة بن فرقد السلمي:صحابي أسلم قبل غزوة خيبر، شارك بقسط كبير في جهاد المرتدين، وشارك في فتح الموصل، ثم أصبح واليا على أذربيجان.إبن سعد:الطبقات،ج4،ص289. إبن الأثير: أسد الغابة، ج3، ص ص365-366.
(47)البلاذري: فتوح، ص329.
(48)حول تعريف أذربيجان ينظر: هامش(26)، ص4 من البحث.
(49)البلاذري: فتوح، ص321.الطبري:تاريخ، ج4، ص ص138-139-121. إبن الأثير: الكامل، ج3، ص27، وللمزيد من التفاصيل ينظر: حسام الدين على غالب النقشبندي: أذربيجان، ص ص67-85.
(50)الطبري: تاريخ، ج4، ص72.إبن خلدون: ج4، ص963.
(51)البلاذري: فتوح، ص ص362-374. الطبري: تاريخ، ج4، ص183. إبن الأثير: الكامل، ج2، ص46.
(52)علقمة بن قيس الأشجعي:صحابي ورد له ذكر في قتاله لأكراد الأهواز بعدما نزل الكوفة. ينظر: إبن سعد:الطبقات، ج6، ص33. الطبري:تاريخ، ج4، ص ص186-190. إبن حجر:الإصابة في تميز الصحابة، ج3، ص148.
(53) الطبري: تاريخ، ج4، ص187.
(54)الجارود العبدي: سيد قومه (بني عبدالقيوم)كان حسن الإسلام، صلبا على دينه وقد اِستشهد بأرض فارس، سنة إحدى وعشرين، ينظر:إبن حجر:الإصابة، ج1، ص226.
(55)جرى: وهي مدينة بفارسبينهاوبينشيرازعشرونفرسخا. ياقوت: معجم، ج2، ص131.إبن حوقل: صورة الأرض، ص236.
(56)شيراز: قصبة فارس وهي مدينة محدثة في الإسلام من بناء محمد بن قاسم الثقفي وهي تابعة إلى كورة اصطخر. الاصطخري: مسالك الممالك، ص50.إبن حوقل: صورة الأرض، ص246.
(57)فتوح، ص381.
(58)فسا: مدينة جليلة من كورة داربجرد كثيرة الأهل والتجارة.إبن حوقل: صورة الأرض ص238.
(59)داربجرد: إحدى كور إقليم فارس تحوي مدناً كثيرة. ينظر: إبن حوقل: صورة الأرض، ص238.
(60)سارية بن زينم الكناني:صحابي كان له دور مشهود في فتح إقليم فارس وبالذات كورة داربجرد. الطبري: تاريخ، ج4، ص ص178-179.إبن حجر:الإصابة، ج3، ص53.
(61)الطبري: تاريخ، ج4، ص178. إبن الأثير: أسد الغابة، ج3، ص244. الكامل، ج3، ص ص42-43. إبن حجر: الإصابة، ج2، ص53.
(62) دوين: هي مدينة دبيل عاصمة أرمينيا.البلاذري: ص206.
(63)نوقشت بإحدى الجامعات الكوردستانية بقسم العلوم الإنسانية رسالة ماجستير بإسم (كوردستان و بروسةى به ئيسلام كردني كورد) معناه (كوردستان ومشروع أسلمة الكورد)، في معظم الفصول التي تناقش الفتوحات فيها كلام من هذا النوع.وينظر: على سبيل المثال أيضا ملا، ع، كوردي،(كوردستان والأكراد) المكتبة التقدمية الكوردية(13)، (بيروت:1990)، ص ص74-75. عزالدين مصطفى رسول: الواقعية في الأدب الكوردي، (بيروت:1966)، ص56.
(64)ينظر: ص6 من البحث.
(65)سبق تعريفها في هامش (12)، ص13 من البحث.
(66)ينظر: طه باقر:مقدمة، ج1، ص ص572-586. صادق نشأت ومصطفى حجازي: تاريخ إيران، (القاهرة:1960)، ص ص39-55.
(67)ينظر: هارولد لامب: الإسكندر المقدوني، (بغداد:1965)، ص ص209-225. طه باقر: مقدمة، ص ص587-592.
(68)ينظر:طه باقر: مقدمة، ص ص592-599.
(69)إبراهيم سليمان الكروي وعبدالتواب شرف الدين: المرجع في الحضارة العربية الإسلامية،(الكويت:1987)، ص14.
(70)ينظر: طه باقر: مقدمة، ص ص 599-610.
(71)ارثر كريستنسين: إيران في عهد الساسانيين، (بيروت:1982)، ص ص72-84.
(72)م.ن، ص ص130-169.
(73)م.ن، ص ص169-196.
(74)م.ن، ص ص302-348.
(75)عبدالقادر أحمد اليوسف: الإمبراطورية البيزنطية،(صيدا، بيروت:1966)، ص ص53-66.
(76)فلادمير مينو رسكي: الأكراد ملاحظات واِنطباعات،(بيروت:1967)، ص ص135-137.
(77)بنيامين بن يونيا التطلي الأندلسي:رحلة بنيامين، ترجمة عزرة حداد، (بغداد:1945)،ص106. ارثر كريستنسن: إيران، ص144.
(78)ادي شير: تاريخ كلدو وآشور، ج2، ص ص48-85. البيرابونا: تاريخ البيرابونا(شهداء المشرق)، (بغداد:1985)، ص46. توما المرجي: كتاب الرؤساء، ص ص28-35.
(79)صلاح عصام أبو شفرا: الأكراد شعب المعاناة، (بيروت:1999)، ص17.
(80)القرآن الكريم: سورة آل عمران: (من الآية19..).
(81)القرآن الكريم: سورة الحج: (الآية78) .
(82) القرآن الكريم: سورةفاطر: (الآية24).
(83) القرآن الكريم: سورةالأحزاب: (الآية40).
(84) القرآن الكريم: سورة الأنبياء: (الآية107).
(85)للمزيد عن سماحة الإسلام ورفضه للعنصرية والتلوين ينظر:صلاح الدين الأيوبي،الإسلام والتميز العنصري، (بيروت:1981)، ص ص142-148-171-175.
(86)ارثر كريستنسن: إيران، ص ص130-168.
(87)أبو الحسن الندوي: ماذا خسر العالم، ص ص56-58.
(88)ينظر:ص6 من البحث.
(89)محمود شيت خطاب: قادة فتح العراق والجزيرة، ص ص13-22. أحمد عادل كمال: الطريق إلى دمشق، ص ص21-33.
(90) ينظر:الدينوري: الأخبار، ص ص70-78-82-84-89-104. ينظر: أبو الحسن الندوي: ماذا خسر العالم، ص ص56-58.
(91)الطبري: تاريخ، ج2،ص85.
(92)مفيد رائق محمود: معالم تاريخ الدولة الساسانية، (بيروت:1993)، ص ص94-95. ارثر كريستسن: إيران، ص ص85-86.
(93)ارثر كريستنسن: إيران، ص ص130-167.
(94)ينظر: الدينوري: الأخبار، ص ص89-104.أبو الحسن الندوي: ماذا خسر العالم: ص ص109-110. ارثر كريستنسن: إيران، ص ص84-120.
(95) ينظر: الدينوري: الأخبار، ص66.أبو الحسن علي الحسن الندوي: ماذا خسر العالم، صص102-103.
(96)ارثركريستنسن: إيران، ص ص110-129. أبو الحسن علي الحسن الندوي: ماذا خسر العالم، ص108.
(97)ارثر كريستنسن: إيران، ص ص72-85-196-245.
(98)أبو الحسن علي الحسن الندوي: ماذا خسر العالم، ص62.
(99)ارثر كريستنسن: إيران، ص ص72-78-243.
(100)ادوارد جيبون: اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها (د.ط)(د.ت)، ج1، ص ص205-248-529.أبو الحسن علي الحسن الندوي: ماذا خسر العالم، ص ص98-99. عبدالقادر أحمد اليوسف: الإمبراطورية البيزنطية، ص ص53-61.
(101)اليعقوبي: تاريخ،ج2، ص496. الطبري:تاريخ، ج9، ص261. إبن الأثير: الكامل، ج5،ص313. مسكويه: تجارب الأمم، ج6، ص560.
(102)البلاذري: فتوح، ص ص193-304-326-390.إبن أعثم: الفتوح، ج2، ص ص62-68.
(103)القرآن الكريم: سورة البقرة:(الآية256).
(104)ينظرعلى سبيل المثال: عبدالله مصطفى: أمجاد الكورد، مخطوطة غير منشورة في جامع الشيخ مصطفى النقشبندي، ص ص45-48. البدليسي: شرفنامة، (أربيل:2001)، ص89. رواية البدليس، يمكن ان لايكون اصل لهذه الرواية بهذا الشكل والمضمون وبالاخص ان البدليسي لم يشر إلى المصدر الذي استقى منه هذه المعلومة، رغم شيوع هذه الرواية بين الناس بهذا الشكل الغير العلمي(الباحث)!
(105)شارك اندري جوليان: تاريخ إفريقيا الشمالية، (تونس:1978)، ص92.
(106)القرآن الكريم:سورة الحجرات:(الآية 10).