مولانا خالد الشهرزوري النقشبندي ومنهجه في التعامل مع خصومه
د.آزاد سعيد سمو
إقليم كردستان العراق/جامعة دهوك ـ كلية العلوم الإنسانية
[email protected]
المقدمـة
لقد برز دور الكرد على مدار التاريخ وبكافة عصوره (القديم والوسيط والحديث والمعاصر) في شتى المجالات العلميّة والفكريّة والسياسيّة والعسكريّة وغيرها من المجالات، ويفتخر الشعب الكردي بأنه قد أنجب ثلّة من خيرة العلماء في كافة المجالات العلميّة والمعرفيّة، هذه الثلّة اشتهرت من بين آلاف علماء الكرد الذين لم يتركوا بابا من أبواب المعرفة الإنسانيّة إلاّ وطرقوه ودخلوا فيه من أوسع أبوابه، وتعلّموه وطوّروه وأبدعوا فيه، فالشعب الكردي قديما وإلى يومنا هذا كان ولا يزال محبّا للعلم والثقافة والمعرفة، وما هذه الآثار والكتب العلميّة التي بين أيدي القرّاء والباحثين اليوم إلاّ دليلاً قاطعاً على ما نقول، فضلاً عن أنّ ما أحرق وأتلف من تلك الكتب والآثار العلميّة الرائعة يفوق عمّا هو موجود الآن بعشرات المرّات أو يزيد، وقد صدق الأستاذ محمد علي القرداغي عندما قال: (ما بقي من آثار الكرد لا يمثّل كلّ أو جلّ ما قدّموه، بل لا يمثّل إلاّ نزرا يسيرا من ثمرات جهودهم، ولا نذهب بعيداً إذا قلنا إنّ ما تعرّض من آثار علماء الكرد للحرق والإتلاف المتعمّد، أو الإهمال الناشئ عن الجهل يعلو علو جبل من جبال كردستان)( ).
لقد كان الكرد يمتلكون الآلاف من المدارس التي كانت حافلة بطلبة العلم، ورغم ندرة أدوات الكتابة من أقلام وأوراق وما إلى ذلك فقد تمكن علماء الكرد وطلبتهم من تأليف ونسخ مئات الآلاف من الكتب العلميّة القيّمة وفي مختلف المجالات، بالإضافة إلى أعمال فنيّة رائعة، ويكفي هنا أن نضرب مثالاً واحدً يثبت ذلك ألا وهو شهادة الرحالة (أوليا جلبي) الذي طاف في العديد من بلاد الكرد ودوّن شهاداته وانطباعاته عن الكرد،فقد تحدث عن الآثار العلمية التي كانت قلعة بدليس تحويها بقوله: (...من غير هذا كان هناك (76) مجلداً من الكتب الفارسيّة والعربيّة والتركيّة من تأليف (عبدال خان) نفسه، مع (105) رسائل منوعة ومختلفة كان معظمها باللغة الفارسيّة، مع مئتي مجلد من أطالس (مينور) والجغرافية (وبابا مونت) وكتب علم الهيئة والحكمة من مطبوعات الإفرنج، وكل من كان يراها كان يفقد وعيه لفرط جمالها، مع بضعة خرائط للعالم القديم والجديد والتي كان يدور رأس الناظر عند النظر إليها، مع أنواع الأعشاب والنباتات التي كان الأطباء يحتاجونها في علم التشريح، مع صور لجميع أعضاء جسم الإنسان بحيث لا يستطيع أي ناظر من التمييز بينها وبين الأعضاء الحقيقية، وكانت مصورة في بلاد الإفرنج، مع مئتي منظر ولوحة عجيبة كانت قد رسمت بأيدي العجم والإفرنج وكل واحد منها كان مثالاً للسحر الحلال)( ).
هنالك من بين علماء الكرد ممن تمكنوا من تخطّي الحاجز الكردستاني وإثبات وجودهم وبجدارة خارج حدود كردستان ويشتهروا هناك كشهرتهم بين الكرد بل وأكثر في بعض الأحيان ومن هؤلاء (مولانا خالد النقشبندي) الذي ذاع صيته في شتّى البلدان، وملأت أخباره الآفاق، حيث تأثرت به أعداد لا تحصى من الناس واتبعوه واستفادوا من علمه.
إنّ كردستان وبسبب الظروف الاستثنائيّة، والصراعات المستمرّة، والحروب المتكرّرة لم تشهد استقرارا جيّداً، وقد أدّى ذلك بطبيعة الحال إلى فقدان الكثير من نتاجات علماء الكرد بالضياع والحرق والإتلاف المتعمّد كما مرّ معنا قبل قليل، أما علماء الكرد الذين خرجوا من كردستان وتوجّهوا إلى بلدان أخرى فقد حظيت نتاجاتهم العلمية والأدبية والفكرية بالحفظ والأمان والرعاية، ولم ينلها ما نالت نتاجات أقرانهم الذين لم تتهيأ لهم الظروف أو لم يرغبوا في الابتعاد عن موطنهم كردستان لسبب أو لآخر( ).
المبحث الأول
سيرة مولانا خالد النقشبندي
رغم كون مولانا خالد لم يعمّر طويلاً حيث عاش (48) سنة تقريبا قضاها متنقلاً بين السليمانية وبغداد والهند والشام إلاّ أنه قدّم خلال تلك الفترة القصيرة نسبيّاً عطاء وافرا من العلم والأدب والفكر ما لم يقدّمه كثيرون غيره عاشوا ضعفين مما عاشه مولانا خالد، وهذا إن دلّ على شئ فإنّما يدلّ على أنّ مولانا خالد قد سخّر سنوات عمره القليلة للعلم، تعلّما وتعليما، مطالعة وتأليفا، ولم يهدر ساعة من عمره سداً أو بالأمور غير النافعة بل واصل ليله بنهاره دون كلل أو ملل لتحقيق ما كان يصبو إليه( )، هذا ويمكننا أن نقسّم حياته على مرحلتين اثنتين وسوف نتناولهما من خلال المطلبين الآتيين:
المطلب الأول
سيرته من ولادته سنة 1779 إلى سنة 1811
مولانا خالد النقشبدي هو: خالد بن أحمد بن حسين النقشبندي الكردي الشهرزوري( )، وهو من عشيرة الجاف( ) ولد سنة 1779م( )في ناحية قره داغ( )درس على يد والده ويد علماء آخرين( )، ثمّ انتقل إلى السليمانية ليدرس على يد كبار العلماء هناك و ((أقام في مدرسة الشيخ عبد الكريم البرزنجي( )الواقعة في مسجد عبد الرحمن باشا الباباني( )، وواصل دراسته العلميّة لدى هذا الشيخ العالم خير مواصلة، كما دفعه نهمه العلمي إلى الاستزادة من معارفه وتحصيله العلمي إلى أن يدرس عند الشيخ عبد الرحيم البرزنجي( )شقيق الشيخ عبد الكريم البرزنجي في مدرسته بالسليمانيّة))( )، ثمّ سافر إلى كويه وحرير ودرس على يد كبار العلماء هناك أيضاً ((فقرأ "الجلال على تذهيب المنطق" بحواشيه على الإمام اللوذعي والنحرير الألمعي الملاّ عبد الرحيم الزياري المعروف بملاّ زادة( )وغيره عن غيره))( )، ثمّ عاد إلى السليمانية ومكث فترة قصيرة درس فيها الحكمة وعلم الكلام على يد علماءها( )سافر بعدها إلى بغداد ودرس أصول الفقه على يد بعض العلماء فيها( )، وفي سنة 1798 سافر إلى بلاد فارس واستقرّ في سنندج (سنه) في كوردستان إيران ((وأقام هناك يواصل تعلمه في العلوم الصرفة مثل الفلم، والرياضيات، والأسطرلاب( )إضافة إلى العلوم العقلية والنقلية لدى الشيخ محمد قسيم المردوخي( )))( )، ثمّ عاد إلى السليمانيّة وعمل في التدرس مدة ست سنوات تقريبا( )وفي سنة 1805م قصد بلاد الحجاز لأداء فريضة الحج حيث سلك طريق الموصل ديار بكر حلب الشام فلسطين، هذا وقد التقى في بلاد الحرمين بالعديد من كبار علماءها واستفاد من علمهم وأنشأ العديد من القصائد والأشعار باللغة الفارسيّة مدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلّم وخلفاءه الراشدين( ).
بعد عودته من أداء فريضة الحج توجّه مولانا خالد سنة 1807 إلى بلاد الهند بصحبة (ميرزا رحيم الله بك) أحد خلفاء الشاه عبد الله الدهلوي النقشبندي، وقد سلك طريق طهران خراسان نيسابور كابول قندهار لاهور، والجدير بالذكر أنّ مولانا خالد قد التقى في طريقه إلى دلهي بالعديد من العلماء الكبار في المدن التي مرّ بها واستفاد منهم وأفادهم وناقشهم في الكثير من المسائل العلميّة، وبعد وصوله إلى دلهي التقى بالشاه عبد الله الدهلوي وبقي عنده سنة كاملة وأخذ منه الطريقة النقشبنديّة( )، وبعد ذلك عاد إلى السليمانيّة عن طريق البحر حيث وصل إلى مسقط عاصمة دولة (عُمان) ومنها دخل بلاد فارس إلى أن وصل إلى السليمانيّة في حدود سنة 1811م واستقبل استقبالاً حارّاً من قبل أعيان السليمانيّة وعلماءها وعموم الناس، وبعد استراحة قصيرة توجّه إلى بغداد وسكن في (التكيّة القادريّة) مدّة خمسة أشهر عاد بعدها إلى مدينة السليمانيّة( ).وبعودة مولانا خالد النقشبندي إلى السليمانيّة سنة 1811م تنتهي المرحلة الأولى من حياته.
المطلب الثاني
سيرته من سنة 1811 إلى وفاته سنة 1827م
هذه المرحلة تساوي ـ من الناحية الزمنية ـ نصف المرحلة الأولى إلاّ أنها مقارنة بالمرحلة الأولى كانت عصيبة بالنسبة لمولانا خالد، حيث تعرض خلالها للكثير من المضايقات، ووجهت إليه الكثير من الاتهامات، وحيكت ضده الكثير من المؤامرات أدّت بمجموعها في نهاية المطاف إلى تركه لمدينة السليمانية للمرّة الأخيرة حيث لم يعد إليها إلى أن توفي رحمه الله تعالى.
لقد كانت أوضاع (إمارة بابان) سيئة للغاية في المرحلة الثانية من حياة مولانا خالد، حيث الصراعات المستمرة بين أمراء بابان من جهة، وبينهم وبين كل من والي بغداد العثماني والدولة الفارسية من جهة أخرى( )، بالإضافة إلى سوء الحالة الاقتصادية بسبب الحروب( )، وعدم الاستقرار الذي كانت الإمارة تشهده في تلك الفترة( )، لقد (كان الانقسام والشقاق بين أفراد هذه الأسرة [البابانية]، وحب السيطرة قد أوهن طاقتهم، فقد كانوا دائما في حروب عنيفة فيما بينهم، فسينتصر هذا [هكذا] الحكومة العثمانية ويزحف بجيش جرار على ولاية شهرزور، ويحدث فيها السلب والنهب والقتل والتشريد، ويستنجد آخر بالحكومة الإيرانية ويشن بقوتها غارات على ذاك، فينزل بها الكوارث العظيمة والفواجع الأليمة، ويتولى كل منهم بمناصرة نصيره فترات محددة فلم يزل سيف الدماء مشهورا إلى أن بادوا عن آخرهم( ))( ).
هذا وقد أبدى الشيخ معروف النودهي تذمره من سوء الأوضاع وكثرة القلاقل والاضطرابات في الإمارة البابانية وذلك بقصيدة طويلة وهذه بعض أبياتها:
ومسقط رأسي أرض كرد وربعها وقد كان منها نشأتي ثم نشوتي
ولكنني قد عفت فيهـا إقامــة فإني عفت فيهـا رسوم مسرتي
ولم يبق من روح وصفو وراحـة بأوطان كرد أو سرور أو بهجة
مرابع لا يحلو بهـا عيش قاطـن ولـو أنــــــــه يأوي رأس قلــّــــة
بلاد بها قرن الشياطين طالــع وكـم فتية فيها مساعر فتـنة
وكم بدع فيها فشت ومحــارم قد انتهكت من أهل بغي وشرطة
ففيهـا لأرباب البصائـر عـبرة وقد حقّ أن يبكى عليهـا بعَبرة
فأكنافها ضاقت عليّ برحبهــا يضيق على اللهفان وجه البسيطة( )
يبدو أن مولانا خالد وبعد عودته من بغداد سنة1811 كان قد قرّر البقاء في السليمانية والاستقرار فيها( )حيث كانت الأسفار الكثرة والبعيدة قد أعيته وأثقلت كاهله فبنى تكيته المعروفة وبدعم مباشر من أمراء بابان أنفسهم، وبدأ الناس بالانهمار عليه من كل حدب وصوب والتف حوله طلبة العلم وتزايد عدد أتباعه يوما بعد يوم إلى أن أصبحوا بالآلاف( )، إلاّ أن تلك الحالة لم تدم طويلاً حيث بدأ الصدام بينه وبين الشيخ معروف النودهي يحتدم مما حدا بمولانا خالد إلى ترك السليمانية متوجها إلى بغداد وذلك في سنة 1813 والاستقرار في المدرسة الإحسائية حيث أكرمه والي بغداد كثيرا، وأنزله منزلة لائقة به( )، وفي بغداد ذاع صيته كثيرا فقصده العلماء وطلبة العلم والتفوا حوله ودرسوا على يديه العديد من العلوم والفنون، واجتمع تحت لوائه أناس كثيرون من العرب والكرد والترك على حدّ سواء( )، هذا وقد بقي مولانا خالد في بغداد إلى سنة 1816 حيث كان محمود باشا أمير بابان في زيارة إلى بغداد فطلب منه هذا الأخير العودة إلى السليمانية واعتذر منه على ما جرى بحقه، ووعده بحسن معاملته وإكرامه فأجابه مولانا خالد على طلبه بسبب حبّه لوطنه وتعلقه به وعاد إلى السليمانية من جديد حيث بنى له محمود باشا بابان تكيّة كبيرة، ووفر له الأموال الكافية لإدارة التكيّة وأمور الطلبة وما إلى ذلك( )، و أوقف على التكية عددا من العقارات الزراعية لتمويلها بشكل مستمرّ و منتظم، وبدأ مولانا خالد بإلقاء الدروس على الطلبة، والتف الناس حوله من جديد، وتكاثروا وازدادوا يوما بعد يوم مما أثار حفيظة أرباب الطريقة القادريّة التي كانت هي الأخرى لها أتباع ومريدون كثر فألّبوا محمود باشا بابان عليه( )، ويبدو أنّ الباشا أيضا قد توجس من ذلك الانتشار الواسع والسريع للطريقة النقشبندية، وكذلك توسع نفوذ مولانا خالد في المنطقة، كلّ ذلك أدى إلى تغيير محمود باشا من تعامله معه، وجفاه( )، وفي الوقت نفسه ازداد التوتر بينه وبين الشيخ معروف النودهي وأتباعه في الطريقة القادرية من جهة، وبينه وبين أمراء بابان من جهة أخرى مما حدا به إلى ترك السليمانية للمرّة الأخيرة والتوجه سرّا إلى بغداد وذلك سنة 1820 ونزل في التكية الخالدية( )، وأرسل فور وصوله خليفته الشيخ أحمد الأربيلي إلى الشام ليمهد له الانتقال إليها كما يبدو، فقام الشيخ أحمد بمهمته خير قيام ونشر الطريقة النقشبندية في الشام وأطرافها، وأعجبب أهلها بمولانا خالد كثيرا مما دفعهم إلى مكاتبته طالبين منه القدوم إليهم فانشرح قلبه لذلك الطلب وسرعان ما أجابهم إلى طلبهم وانتقل مع أهله وعدد من أتباعه وحواشيه إلى الشام( )، والجدير بالذكر أنّ محمود باشا قد طلب منه قبل ذلك العودة إلى السليمانية معلنا ندمه على ما صدر منه بحقّه إلاّ أن مولانا خالد لم يلتفت إليه( )بل مضى قدما إلى دمشق الشام وكان ذلك سنة 1822 ( )، وفي الشام التف حوله العلماء وطلبة العلم وبدأ مولانا خالد بإلقاء الدروس عليهم في شتى العلوم والمعارف والفنون( )فأعجبوا به وبأسلوبه أيما إعجاب، وبدأ شعراؤهم بنظم القصائد الرنانة في مدحه والثناء عليه وبيان محامده وأفضاله، وفي تلك الفترة سافر إلى مدينة القدس والتقى بعلماءها، قصد بعد ذلك بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج( )للمرة الثانية وكان ذلك سنة 1825 حيث التقى بالعديد من علماء الحجاز، وبعد عودته من الحج بفترة توفي رحمه الله بمرض الطاعون وذلك سنة 1827م( )ودفن على سفح جبل قاسيون( )المطل على مدينة دمشق.
المطلب الثالث
حول الخروج الأخير لمولانا خالد من السليمانية
ما هي الدوافع الحقيقيّة للخروج الأخير لمولانا خالد من السليمانية؟ هل خرج منها هارباً؟ هل خرج منها بنيّة عدم الرجوع إليها ثانية؟ أم أنه خرج ولكن بنيّة العودة إليها كما حدث معه قبل ذلك؟ هذه الأسئلة وأسئلة أخرى عديدة بحاجة إلى دراسات علميّة مستفيظة للتوصل إلى أجوبة منطقيّة مدعمة بالأدلّة والبراهين العلميّة المقنعة.
لقد قام الكثير من الباحثين والكتاب قديما وحديثا بالخوض في غمار هذه الحادثة بالذات ـ حادثة خروج مولانا خالد من السليمانية ـ وكانت نتائج أبحاث بعضهم متقاربة، والبعض الآخر منها متباينة، وأنا بدوري سأتناول هذه الحادثة من خلال مناقشة أهم تلك الآراء وبالتالي التوصل إلى النتيجة التي أراها أقرب إلى واقع الحال.
لقد مرّ معنا قبل قليل كيف أنّ ظروف إمارة بابان قد تدهورت بشكل ملحوظ لا سيّما في الفترة التي سبقت خروج مولانا خالد من السليمانية، فقد (بثّ أحد الأمراء البابانيين شكواه من هذه الحالة المؤسفة إلى مستر ريج بقوله: "إنّ الحسد القائم بين أمرائنا سبب بوار البلاد البابانيّة ومحقها، ولا شك أنه لولا تنافسهم وتحاسدهم لما تمكنت الحكومتان التركية والإيرانية من الظفر بنا وقهرنا")( )، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كانت المضايقات الموجهة لمولانا خالد مستمرّة وخاصّة تلك التي كانت صادرة من قبل النودهي( )، ورغم المصالحة التي تمّت بينهما إلاّ أنني أعتقد أنّ بعضاً من آثار الصراع والخصام قد لازمهما إلى آخر يوم من حياتهما حيث أنّ الخلاف بينهما كان مصيريا إن لم يكن في نظر كليهما ففي نظر أحدهما على أقل تقدير، فقد كان الشيخ معروف ـالمعروف بأنه المنافس لـ "الشيخ خالد" في السليمانيّة( )ـ يرى أن أي توسع لنفوذ مولانا خالد سيكون على حساب نفوذه، فالطريقة القادريّة التي كان النودهي يتبناها منتشرة في طول الإمارة البابانية وعرضها( )، وكانت سلطة هذا الأخير ونفوذه في القمّة، ولكن بعد ظهور مولانا خالد بدأ نفوذ النودهي ينحسر شيئاً فشيئاً لصالح مولانا خالد، لذلك كان النودهي يعمل بمنتهى جهده للنيل من مولانا خالد وذلك للحـد من نفوذه وازدياد أتباعه الذين كانوا يتكاثرون بشكل مخيف( ).
أمام هذه الحالة المزرية لإمارة بابان، والمضايقات المستمرة له ولأتباعه، وكتعبير عن عدم رضاه عن ذلك قرّر مولانا خالد ترك مدينة السليمانية عاصمة الإمارة البابانيّة، ولكننا هنا نعيد السؤال الذي طرحناه قبل قليل وهو: هل كان خروجه من السليمانية هروبا؟ أم ماذ؟ يعتقد عدد من الكتاب والباحثين ـ والمسر ريج واحد منهم ـ بأنّ خروجه كان هروباً، مستدلين على ذلك بأنّ مولانا خالد كان قد اتهم بالقيام بالوقيعة بين محمود باشا بابان وإخوته، وأنه كان بصدد تأسيس مذهب جديد والقيـام بتزعمه في المنطقة( )، إلى مـا هنالك مـن الاتهامـات التي تفتقر ـ باعتقادي ـ إلى الأدلّة العلميّة المقنعة، لذا فإنني أستبعد كل الاستبعاد أن يكون ترك مولانا خالد للسليمانية هروبا، بل كان خروجه بطوع إرادته من غير إكراه ولا إجبار، ويكفي دليلاً على ذلك أنّ مولانا خالد بعد خروجه من السليمانية وتوجهه نحو بغداد وقبل انتقاله منها إلى الشام عاد إلى مصيف (أورامان) في منطقة شهرزور عدة مرات لقضاء فصل الصيف هناك، ثم إنه انتقل من ذلك المصيف إلى الشام عن طريق الموصل دير الزور حلب، فلو كان خروج مولانا خالد من السليمانية هروبا كما يدعي البعض لما تجرّأ على العودة إلى المنطقة بعد ذلك!!
أما ما اتهم به مولانا خالد من أنه كان يسعى للوقيعة بين أمير بابان محمود باشا وإخوته، وأنه كان يعاديهم في السّر، ويقوم بحبك المؤامرات ضدهم فلم أقف خلال دراستي المتواضعة على ما يثبت ذلك، وأعتقد أن هذا الرأي لا تدعمه أية أدلّة ترقى إلى مستوى التصديق فضلاً عن الجزم واليقين، فالمعروف عن مولانا خالد أنه لم يكن يرغب في الخوض في اللعبة السياسيّة التي كانت قائمة في ذلك الوقت، فقد ورد عنه في رسالته التي كتبها من دمشق لأخيه الشيخ محمود صاحب (...ولا تدخل في أمور الحكم من الأمراء ولو طلبوا ذلك منك)( ) ، وعندما طلب منه والي بغداد العثماني داود باشا أن يتوسط بينه وبين أمير بابان وإخوته للحيلولة دون قيام البابانيين بالاتصال بالإيرانيين قام بما أُمر به وهو كاره له لعدم رغبته بالتدخل في مثل هذه الأمور التي كانت بعيدة نوعاً ما عن توجهاته العلميّة والروحيّة والإرشاديّة، يقول في رسالته التي كتبها إلى داود باشا والي بغداد: (..أما بعد: فقد تواترت الإشارة منكم إلى أفقر الفقراء، وزاد في الإلحاح والإبرام وزير الأمراء ليوسط الفقير لإصلاح ذات البين، وليبذل النصح لدفع الكدورة والشحناء والشين، ليتبدل النفاق بالوفاق، وتتحول المنافرة إلى الاتفاق، مع أن اقتحام هذا المسكين الفقير وخوضه في مثل هذا الأمر الخطير كان بالنسبة إلى بعض العقول سببا للسقوط عن العيون، والانحطاط والنزول، على أن الاعتماد على عهود أهل الدنيا حق الاعتماد عزيز علينا، إذ هو أصعب من خرط القتاد، ولا نأمن من نقضهم الميثاق وإخلافهم الميعاد)( ).
وزيادة على ما سبق أقول: لو كان مولانا خالد يرغب بالقيام بالمصادمة مع أمراء بابان لاستمر في ذلك ولاحتمى بأتباعه الذين كانوا بالآلاف في ذلك الوقت، وإذا قيل بأنه لم يفعل ذلك لأنه كان بين أيدي البابانيين في السليمانية وتحت سيطرتهم، نقول: فلماذا لم يقم مولانا خالد بمعاداتهم من الشام حيث كان بعيدا عن المنطقة وكان في مأمن منهم!!
وبناء على ما تقدم أقول إنّ كل الدلائل تشير وبلا أدنى شك أن مولانا خالد قد ترك مدينة السليمانية في المرّة الأخيرة بمحض إرادته واختياره ولم يجبره أحد على ذلك، أما عن سبب خروجه فأعتقد أنه كان لتذمّره واستيائه من الأوضاع المتردية والمتدهورة التي كانت المنطقة تشهدها آنذاك، ثمّ إن شخصية بمستوى شخصية مولانا خالد الذي ملأ ذكره الآفاق، وله من الأتباع بالآلاف ليس ألعوبة بأيدي الأمراء والحساد يستفزّونه فيترك البلد ثم يترجونه لكي يعود وبعد عودته سرعان ما يعودون إلى استفزازه من جديد! لذلك لم يجبهم مولانا خالد عملاً بقاعدة: (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)( ) كما يقول عبد الكريم المدرس.
بقي لدينا الإشارة إلى حقيقة أخرى وهي أن مولانا خالد عندما سافر إلى دمشق لم يكن يقصد بذلك اتخاذها مستقرّه النهائي، بل كان ينوي الرجوع إلى كردستان مرّة أخرى إلاّ أنه قد وافته المنيّة قبل أن تتحقق تلك الأمنية، ودليلي على ذلك الرسالة التي كتبها من الشام إلى جلى زاده مولانا الشيخ عبد الله الجلى ابن كاكى جلى( ) خليفته في كوى سنجق حيث ورد فيها بعد تأكيده على تذمره من حياة الغربة والابتعاد عن الأهل والخلاّن: (...ولا أرضى أن تتحرك لملاقاة هذا المذنب الذي هو في لجة التقصير مغترق، وإن كان القلب بنار فراقكم يحترق، فإن بقائي في الشام بفرض الحياة غير معلوم)( ).
المبحث الثاني
منهجه في التعامل مع خصومه
المطلب الأول
تعريــــــــــف الخصومــــــــــة
قبل التطرق للحديث عن أساب الخصومات بين المتخاصمين ومنهجية التعامل مع الخصوم، ينبغي علينا تعريف مصطلح الخصومة، وبيان معناه في اللغة العربية، فقد وردت مفردة: (خَصَمَ، و خُصُومَة، و خِصام) في أغلب معاجم، وصحاح اللغة العربية، وفيما يأتي ذكر لبعض منها:
لقد عرفه الخليل بن أحمد الفراهيدي( )(المتوفى سنة 170 ه) بقوله: (خصم: الخَصْم: واحد وجميعٌ، قال الله عز وجل: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ( ) فجعله جمعاً لأنه سمي بالمصدر. وخَصيمُك: الذي يُخاصِمكَ، وجمعه: خُصَماء. والخُصومةُ: الاسم من التَّخاصُم والاختصام. يقال: أختصم القوم وتخاصموا، وخاصم فلان فلاناً، مُخَاصَمَةً وخِصاماً)( ).
وعرفه ابن منظور( ) (المتوفى سنة 711ه) بقوله: (خصم: الخُصومَةُ: الجَدَلُ. خاصَمَه خِصاماً ومُخاصَمَةً فَخَصَمَهُ يَخْصِمهُ خَصْماً: غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ، والخُصومَةُ الِاسْمُ مِنَ التَّخاصُمِ والاخْتِصامِ. والخَصْمُ: مَعْرُوفٌ، واخْتَصَمَ القومُ وتَخاصَموا، وخَصْمُكَ: الَّذِي يُخاصِمُكَ، وَجَمْعُهُ خُصُومٌ، وَقَدْ يَكُونُ الخَصْمُ لِلِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ( ) جَعَلَهُ جَمْعًا لأَنه سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الخَصْمِ:
وخَصْم يَعُدُّونَ الدُّخولَ، كأَنَّهُمْ قرومٌ غَيارى، كلَّ أَزهَرَ مُصْعَبِ
وَقَالَ ثَعْلَبُ بْنُ صُعَيْرٍ المازِنيّ:
ولَرُبَّ خَصْمٍ قَدْ شَهِدت أَلِدَّةٍ، تَغْلي صُدُورُهُمْ بِهِتْرٍ هاتِرِ
قَالَ: وَشَاهَدُ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ والإِفراد قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَبَرُّ عَلَى الخُصُومِ، فَلَيْسَ خَصْمٌ وَلَا خَصْمانِ يَغْلِبُه جِدالا
فأَفرد وثَنّى وجَمع)( ).
كما وعرّفه أبو الحسين بن زكريا الرازي( ) (المتوفى 395ه) بقوله: (خصم) الخاء والصاد والميم أصلان: أحدهما المنازعة، والثاني جانبُ وِعاءٍ.
فالأوّل الخَصْمُ الذي يُخاصِم. والذّكرُ والأنثى فيه سواءٌ. والخِصام: مصدرُ خاصمتُه مُخاصَمةً وخِصاماً. وقد يجمع الجمعُ على خُصومٍ. قال:
* وقد جَنَفَتْ عَلَيَّ خُصُومِي
والأصل الثاني: الخُصْم جانب العِدْل الذي فيه العُرْوة. ويقال إنّ جانب كلِّ شيءٍ خُصْمٌ. وأخْصامُ العين: ما ضُمَّتْ عليه الأشفار. ويمكن أنْ يُجمَع بين الأصلين فيردَّ إلى معنىً واحد. وذلك أنّ جانِبَ العِدل مائلٌ إلى أحد الشقيْنِ، والخَصْم المنازِعُ في جانبٍ؛ فالأصل واحدٌ)( ).
وعرّفه الفيروزآبادى( ) (المتوفى: 817هـ) بقوله: (الخُصومَةُ: الجَدَلُ.خاصَمَهُ مُخاصَمَةً وخُصومَةً، فَخَصَمَهُ يَخصِمُهُ: غَلَبَهُ، وهو شاذٌّ، لأنَّ فاعَلتُهُ ففعَلتُهُ يُرَدُّ يَفعَلُ منه إلى الضم، إن لم تكن عَينُهُ حَرفُ حَلقٍ، فإنَّهُ بالفَتحِ، كفاخَرَهُ ففخَرَهُ يَفخَرُهُ، وأما المُعتَلُّ، كوَجَدتُ وبِعتُ، فيُرَدُّ إلى الكسرِ، إلا ذَواتُ الواوِ فإنَّها تَرَدُّ إلى الضَّمِ، كراضَيتُهُ فَرَضوتُهُ أرْضوهُ، وخاوَفَني فَخِفْتُهُ أخوفُهُ. وليسَ في كلِّ شيءٍ يُقالُ: نازَعتُهُ، لأنَّهم استَغنَوا عنهُ بِغَلَبتُهُ.
واخْتَصَموا: تَخاصَموا. والخَصمُ: المُخاصِمُ ج: خُصومٌ، وقد يكون للإثْنَينِ والجَمعِ والمؤنَّثِ.والخَصيمُ: المُخاصِمُ ج: خُصَماء وخُصمانٌ.
ورَجُلٌ خَصِمٌ، كفَرِحَ: مُجادِلٌ ج: خَصِمونَ. ومن قَرَأ وهُم يَخَصِّمون ( ) أرادَ يَخْتَصِمونَ، فَقَلَبَ التاء صاداً، فأدغَمَ ونَقَلَ حَرَكَتَهُ إلى الخاءِ. ومنهم من لا ينقُلُ، ويَكسِرُ الخاءَ لاجتِماعِ السَّاكنينِ. وأبو عمروٍ يَخْتَلِسُ حَرَكَةَ الخاءَ اختلاساً، وأما الجَمْعُ بين السَّاكِنين فيه، فَلَحْنٌ)( ).
إذاً تكاد جميع التعريفات تجمع على أنّ (الخصام) هي حدوث جدال، ونقاش، أو منازعة بين شخصين، أو فريقين يختلفان في الرأي حول مسألة، أو مجموعة من المسائل، وأنّ (الخَصم)، يستخدم للواحد، والاثنين، والجمع المذكّر، والجمع المؤنث على حدٍّ سواء.
المطلب الثاني
أسباب الخصومة بين العلماء
إنّ مسألة حدوث الخصام، والجدال بين العلماء مسألة قديمة، حيث إنّ العلماء قديماً وحديثاً كانوا ولا يزالون يتخاصمون فيما بينهم، وألفّ الكثير منهم مؤلفات عديدة للردّ على خصومهم، وبيان أخطائهم ومثالبهم، ولا سيّما العلماء الأقران الّذين عاصروا بعضهم بعضاً، وإذا كانوا في بلد واحد فإنّ الخصومة غالباً ما تكون أشدّ ضراوة، وأطول مدّة، وفيما يأتي ذكر لبعض من أسباب الخصومة بين العلماء:
1- اختلاف وجهات النظر حول المسائل العلمية التي فيها اختلاف:
هناك الكثير من المسائل العلميّة والفقهيّة التي اختلفت آراء العلماء والفقهاء حولها، ولكل منهم أدلّته التي يستشهد بها لدعم رأيه ومذهبه، والعلماء حيال هذا الأمر فريقان؛ فريق لا يرى بأساً من أن تتعدد الآراء حول المسألة الواحدة، ويتقبل الرأي المخالف، وفريق لا يتحمّل الرأي المخالف ويحاول فرض رأيه على الآخرين، ومن هنا تبدأ الخصومات بينه وبين غيره من العلماء.
2- الحسد والمنافسة بين العلماء الأقران:
إنّ العلماء الأقران كثيرا ما تحدث بينهم الخصومات، والمجادلات لا سيّما إذا كانا في البلد عينه، فالعلماء هم أيضا بشر، والبشر يغارون من بعضهم البعض، لذا فكثيرا ما ترى عالما يغار من كثرة إقبال طلبة العلم على عالم قرين له، أو ازدياد عدد أتباعه ومحبيّه، والمصلين خلفه، فيتذرع بشتى الذرائع والأسباب ليتخاصم معه، وبالتالي النيل منه.
3- الاستماع إلى كلام الوشاة:
الاستماع إلى كلام الوشاة والمفسدين من الناس وتصديقهم واحد من أسباب الخصومة بين العلماء، لذلك يجب على العلماء أن يكونوا أبعد الناس من ذلك، وعليهم أن يتذكّروا دوماً قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين( ).
4- الجري وراء الشهرة وإتباع الهوى:
الجري وراء الشهرة وإتباع هوى النفس واحد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الخصومة بين العلماء، حيث إنّ بعضاً من العلماء قد يقعون في حبائل الشيطان، ويبحثون عن الشهرة، والرفعة بين الناس فلا يعترفون بعلم وفضل أحد من العلماء، بل يخاصمونهم أنّى وجدوهم، ويحاولون التقليل من شأنهم لكي يستأثروا بالعلو والرفعة بين الناس.
5- التعصب للرأي:
إنّ شدّة التمسك بالرأي مدعاة للخروج عن جادّة الصواب لا سيّما إذا كان المتعصّب لرأيه من العلماء، فالكثير من العلماء لا يستطيعون التغلّب على آفة التعصّب للرأي، ولا يمكنهم التنازل عن آراءهم المرجوحة أو الخاطئة، لذا تراهم يخاصمون مخالفيهم من العلماء، ويتشبثون بشتى الأدلة _وإن كانت ضعيفة_ لنصرة آراءهم، وهذه آفّة خطيرة يبتلى بها بعض العلماء.
المطلب الثالث
منهج مولانا خالد في التعامل مع خصومه
لقد واجه مولانا خالد النقشبندي خصوما عديدين في حياته العلميّة والإرشادية، وقد تسببوا له في الكثير من المتاعب، كما أعاقوا طريقه في الكثير من الأحيان، إلاّ أنه تمكّن من التعامل معهم بحكمة بالغة، وتحمل منقطع النظير، ويمكننا أن نحدد بعضا من أهم الأسس التي ارتكز عليها مولانا خالد وهو يتصدى لخصومه، وتختلف تلك الأسس بين الشدّة واللين وذلك حسب حالة الخصم ونوعيّة الخصومة، وفيما يأتي بعض من تلك الأسس:
1- عدم الاهتمام بالخصومة وإهمالها:
إنّ أغلب الخصومات التي تحدث بين الناس تتفاقم وتتوسع عندما يستمرّ الطرفان في تغذيتها والعمل على توسيعها وتعقيدها، أما إذا قام أحد الطرفين باللجوء إلى العقلانية والحكمة، وقطع دابر الخصومة ولو من طرف واحد فإنها حتما ستتلاشى وتنتهي كالنار التي تأكل نفسها وتطفئ إذا لم يُلق فيها المزيد من الحطب، هذا وقد ورد في حديث للرسول صلى الله عليه وسلّم: ((إنّ أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصم))( ).
لقد أبدع مولانا خالد في تجاهله للخصومات، وكان يحثّ أتباعه أيضا لانتهاج النهج نفسه حيث كان يوصيهم بترك الخصومة والاشتغال بما فيه النفع والفائدة، فقد ورد عنه في إجازته العلميّة التي منحها للشيخ حسن الخطاط: (...و أوصيه بالتمسك بالكتاب والسنة والأمر بتصحيح العقائد بمقتضى آراء أهل السنة والجماعة الذين هم الفرقة الناجية...وأوصيه بتوقير حملة القرآن والفقهاء والفقراء، وبسلامة الصدر، وبسماحة النفس,,,وترك الخصومات...وكل من يتطاول عليه بالنميمة والحسد يفوض أمره إلى الله)( ).
لقد كان مولانا خالد ينصح طلابه ومريديه بضرورة الابتعاد عن الخصومة مع المخالفين لأنّ الخصومة غالبا ما يؤدي إلى انشغال طالب العلم عن مهمته الأساسيّة ألا وهي طلب العلم ونشره بين الناس، وإذا ما تطاول الخصم عليه كثيراً، وضيّق عليه، وآذاه فإنه يفوض أمره إلى الله تعالى حسب توجيه مولانا خالد رحمه الله.
لقد عدّ الإمام أبو حامد الغزالي الخصومة واحدة من آفات اللسان التي تودي بصاحبها إلى تحمل الكثير من الذنوب والمعاصي جرّاء تلك الآفات، وقد أورد حاثة لطيفة حول ترك الخصومة وإن كان المرء على حقّ فقال: ((وقال ابن قتيبة: مرّ بي بشر بن عبد الله بن أبي بكرة فقال: ما يجلسك هاهنا؟ قلت: خصومة بيني وبين ابن عم لي، فقال: إنّ لأبيك عندي يداً وإني أريد أن أجزيك بها، وإني والله ما رأيت شيئاً أذهب للدين، ولا أنقص للمروءة، ولا أضيع للذّة، ولا أشغل للقلب من الخصومة، قال: إنك عرفت أنّ الحقّ لي، قلت: لا ولكن أكرم نفسي عن هذا، قال: فإني لا أطلب منك شيئاً هو لك))( ).
2- الابتعاد عن التجريح واستخدام الألفاظ النابية:
لقد كان مولانا خالد يتحلى بالأدب الجمّ، واحترام الآخرين حتّى وإن كانوا خصوما له، فقد اشتهر في مراسلاته باستخدام عبارات راقية جداً في مدح المرسَل إليه، وإتحافه بأروع عبارات المدح والثناء، ويتجلّى ذلك في الرسالة التي أرسلها إلى الشيخ معروف النودهي الذي كان قد اتهمه سابقا بالكذب والخداع وما إلى ذلك من عبارات التهكم والتنقيص، رغم ذلك استهلّ مولانا خالد رسالته إليه بقوله: (..من العبد المسكين والفقير المستكين إلى جناب سيدي الجامع لشرفي الفضل والأدب، الحائز لكرامتي الحسب والنسب، سيدنا ومولانا السيد معروف سامحه بفضله الكريم الرءوف)( ).
لقد كان مولانا خالد النقشبندي يمتثل لأمر الرسول صلى الله عليه وسلّم حيث ورد في حديث له يقول فيه: ((إنّ الله لا يحبّ الفحش والتفحّش))( ). وقال في حديث آخر: ((ليس المؤمن بالطعّان ولا اللّعان والفاحش ولا البذيء))( )، لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتخيّر أفضل و أجمل الكلمات في أحاديثنا مع الآخرين، ونهانا أشدّ النهي عن استخدام الألفاظ الجارحة حتّى مع الخصوم والمخالفين، ونهانا عن الإساءة إليهم من خلال استخدام الكلمات التي تسيء إليهم وتثير حفيظتهم، وصدق الله تعالى حينما قال: ((ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم))( ).
إنّ مولانا خالد النقشبندي فضلاً عن ابتعاده عن استخدام الكلمات الجارحة في حقّ خصومه كان يستخدم أجمل وأرق الألفاظ والألقاب في حقهم مثل: سيدنا، ومولانا وغيرها من الألقاب، إنّ هذا النهج غالباً ما يؤثّر في الخصم ويقلل من شدّة الخصومة إن لم يزلها نهائيّاً.
3- عدم ذكر الأسماء:
إنّ عدم ذكر الأسماء عند توجيه النقد هو من هدي الرسول صلى الله عليه وسلّم، حيث كان يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، أو ما بال أقوام يقولون كذا وكذا كما ورد في حديث له صلى الله عليه وسلّم يقول فيه: ((ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم....))( )، فكان يمتنع عن ذكر الأسماء إلاّ عند الضرورة، لذا فقد سلك مولانا خالد مع خصومه مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقد ورد في رسالته التي كتبها للشيخ عبد الله جلى زاده في كوى سنجق: (...والباقي لا جعلنا الله تعالى وإياكم ممن فتح الله أبصارهم وأعمى بصائرهم حتى توغّلوا في تنقيص الناس، وغفلوا عن عيوبهم، واستقصوا عيوب إخوانهم عدّاً، وما تنبّهوا لذنب من ذنوبهم أخذا وردّاً)( ).
إن ذكر اسم الشخص المقصود بالنقد قد يزيده تعنتاً وإصراراً على خطأه، فربّما يتصوّر أنّ كرامته دنّست، وأهينت شخصيته لذا يمتنع عن ترك الخطأ بل و سيدافع عنه ويتكلّف في إيجاد المبررّات على أفعاله وأخطائه، أما إذا لم يذكر اسم الشخص المخطئ والمقصّر المذنب فإنّ ذلك سيكون أدعى إلى تقبّله للنصيحة وامتثاله لها، وبالتالي الإقلاع عن ذلك الخطأ أو الإثم.
إنّ الابتعاد عن ذكر اسم الخصم يبقي المجال واسعا لإصلاح ذات البين بين الخصمين، حيث يمكن حمل الكلام محملاً حسناً، و ربّما يتصور الخصم أنّ المقصود بذلك الكلام هو شخص آخر غيره، إلى ما هنالك من المخارج التي من شأنها إنهاء الخصومة، وقطع دابرها بين المتخاصمين.
4- تفادي الصِدام ولو بالهجرة من بلده:
من خلال دراسة شخصيّة مولانا خالد يتبيّن لنا بوضوح لا لبس فيه ولا غموض كم كان حريصاً على تفادي الصِدام مع العلماء والأمراء وبشتّى الوسائل والسبل المتاحة، وإنّ حرصه هذا لم يكن وليد خوف منه على نفسه، أو على مصالحه الشخصيّة، فقد كان له من القوّة والمنعة ما يكفي لدحر أي اعتداء أو تطاول عليه حيث كان له الآلاف من الأتباع والمناصرين الذين كانوا رهن إشارته إلاّ أنه لم يحرّكهم، بل لجأ إلى أساليب أخرى للتعامل مع خصومه والتي منها الهجرة من أحبّ البلدان إلى قلبه ـ السليمانية ـ وقد لجأ إلى هذه الوسيلة مرّتين خلال صراعه مع خصومه، الأولى منها سنة 1813، والثانية سنة 1820 حيث كان الصراع بينه وبين خصومه قد احتدم بشكل أكثر ضراوة من المرّة الأولى، ففضل العيش في الغربة على سفك الدماء وانتهاك الحرمات.
لقد كان مولانا خالد يرى أنّ بقاءه في السليمانيّة سيكون مثار فتنة له ولأتباعه من جهة، ولخصومه ومناوئيه من جهة أخرى، فخصومه لم يكونوا ينفكّون عن مضايقته، وكيل التهم له ولأتباعه، وإثارة حفيظة أمراء بابان تجاهه، لذا فقد وجد مولانا خالد نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ؛ فإما أن يبقى في موطنه (السليمانية) وليحدث ما يحدث، وإمّا أن يرحل من موطنه ويضع حدّاً لتلك الصراعات والقلاقل، وبعد دراسة الخيارين اختار مولانا خالد النقشبندي الخيار الثاني، وفضّل حياة الغربة على الفتنة وإراقة الدماء وخراب الدّيار.
5- التحلّي بروح التسامح وعدم المؤاخذة:
لقد كان الحلم والتسامح من سمات شخصيّة مولانا خالد، حيث لم يتردّد يوما عن مسامحة من آذوه وارتكبوا أخطاء في حقّه وبذلك تمّكن من تبؤ مكانة كبيرة في قلوب الناس، ومن الأمثلة على ذلك ما كتبه جواباً على طلب من الشيخ إسماعيل الأناراني( ) الذي التمس منه العفو عن محمد الكركوكي حيث جاء في رسالته: (.. وبعد: فقد ورد كتابكم الشريف، وخطابكم المنيف، متضمنا للترجّي والشفاعة والعفو عما صدر من محمد الكركوكي من الإساءة والشناعة، ولا يخفى عليكم أن هذا المسكين على حسب المقدور يحب المعاملة مع أحبابه وأصحابه بما هو ديدنه الدفع بالتي هي أحسن، إلاّ أن مساوئ أخلاق بعض الناس تلجئ الحليم إلى التهوّر، وتحمله على ما ليس في التصّور بحيث يجب عليه شرعا هجره وفراقه، إذ حسن المعاملة معه يخرج عن حيّز القدرة والطاقة، وبالجملة فتكدّر خاطري على المومى إليه بلغ مبلغاً لو لم يتوسّل بكم لكان العفو عنه أصعب من خرط القتاد لما ظهر منه من المساوئ والفساد، لكن أجر كظم الغيظ عند الله عظيم، وأنتم تصدّيتم لعفو جرائمه، ولأجل عين تكرم ألف عينٍ)( ).
لقد وردت الكثير من الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة في فضيلة كظم الغيظ، والعفو عن الناس فمنا قوله تعالى: ((الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين))( )، وورد في حديث للرسول صلى الله عليه وسلّم قوله: ((من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحور شاء))( )، يقول الإمام الغزالي: ((اعلم أنّ الحلم أفضل من كظم الغيظ؛ لأنّ كظم الغيظ عبارة عن التحلّم أي تكلّف الحلم، ولا يحتاج إلى كظم الغيظ إلاّ من هاج غيظه، ويحتاج فيه إلى مجاهدة شديدة، ولكن إذا تعوّد ذلك مدّة صار ذلك اعتياداً فلا يهيج الغيظ، وإن هاج فلا يكون في كظمه تعب، وهو الحلم الطبيعي، وهو دلالة كمال العقل واستيلائه وانكسار قوّة الغضب وخضوعها للعقل))( ).
6- إستيعاب المخالفين:
إنّ أغلب الخصومات التي وقعت بين مولانا خالد ومخالفيه كانت بسبب عدم اطلاعهم ومعرفتهم بحقيقة مولانا خالد وعلمه وتقواه وخلقه، وقد أدرك مولانا خالد هذه الحقيقة لذا كثيرا ما كان يلجأ إلى إحاطة الطرف المقابل بحقائق كان يجهلها تجاهه، ومن ذلك على سبيل المثال ما جرى بينه وبين (ملا يحيى المزوري)( ) وذلك عندما ذهب إليه هذا الأخير وبناء على طلب علماء السليمانية لكي يفحم مولانا خالد بعلمه فكتبوا إليه: ("من كافّة علماء السليمانية إلى علاّمة الدنيا على الإطلاق والدين ـ حجة المسلمين ـ مولانا يحيى المزوري العمادي متّع الله تعالى المسلمين بطول حياته، أما بعد: فقد ظهر عندنا خالد وادعى الولاية الكبرى والإرشاد وبعد عودته من الهند إلى هذه البلاد وهو رجل قد ترك العلوم بعد تحصيلها على وجه الكمال، واختار سبيل الضلال، ونحن قد عجزنا عن إلزامه وإفحامه، فيجب عليك أن تتوجه إلى طرفنا لإفحامه، ودفع ضلاله ومرامه وإلاّ فقد عمّ الضلال بين العباد وانتشر في البلاد وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.."
فلما وصلت الرسالة إلى الشيخ يحيى، قرأها فتوجه حالاً مع جملة من طلبته إلى السليمانية، وهو مصمم في خاطره أن يسأله بعض مشكلات العلوم النقليّة والعقليّة، فلما قرب من البلدة خرج العلماء وأكابر البلد لاستقباله فدخل البلدة، وكلٌّ دعاه إلى منزله إلا أنه أبى، وقال: لا بدّ لي أن ألاقي هذا الرجل في هذه الساعة، فتوجه إلى زاوية الشيخ خالد، فلما دخل عليه، قام واستقبله، وتصافحا، فجلس الشيخ يحيى في جنب الشيخ خالد وتهيأ للسؤال عنه، وقبل الشروع فيه قال له الشيخ خالد: إن في العلوم مشكلات كثيرة منها كذا وجوابه كذا، ومنها كذا وجوابه كذا، فعدّ جميع الأسئلة التي كانت تدور في خلد الشيح يحيى، وكان مصمما السؤال عنها مع الأجوبة الوافية، فانكبّّ على قدمي الشيخ خالد مطالبا منه العفو والإنابة فخصّص الشيخ خالد في زاويته غرفة له وصار من أخصّ رجالات الطريقة العليّة الخالديّة)( ).
ومن ذلك أيضا ما ورد من أنّه (كتب بعض مشايخ حلب إلى ساكن الجنان السلطان الغازي محمود خان يحذره على مملكته من قوّة شوكته بما حشد من العدد والعدّة، فكاد أن يسبق السيف العذل ويبلغ الكتاب الأجل لو لا أن ألهمه الله عزّ وجلّ فاستشار في ذلك الإمام الهمّام مكّي زاده مصطفى عاصم أفندي شيخ الإسلام، فقال له يا أمير المؤمنين: قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)( )، فأرى أن ترسل لاستكشاف حاله معتمدا وليتلطف ولا يشعرنّ به أحدا، فأنفذ إليه رجلين قد تحليا بحلية درويشين جليلين، فلما وصلا إليه وقد أخفيا الأمر وأظهره الله عليه أحسن لهما الوفادة وأكرمهما فوق العادة ودعاهما إلى طعامه قدس الله سره، وأطلعهما بوسيلة تأخر الطعام وتسليتهما برؤية كيفية بيوت الشام على مساكن داره حجرة حجرة، فلما لم يجدا فيهنّ سوى أثاث الإقامة علما أن ذلك منه أكبر كرامة، فقبّلا قدميه وأوضحا الأمر إليه وأخذا عنه الطريقة العليّة وأبيا أن يرجعا إلى القسطنطينيّة( )، فقال بل الأولى أن تعودا فتفيدا حضرة السلطان ما أرسلتما إليه، ومن شاء فليرجع بعد فلا جناح عليه، فلما رفع الرجلان صحة الأمر إلى السلطان حمد الله عزّ وجلّ وشكر شيخ الإسلام على ما فعل، ثم عاد أحدهما إلى خدمته وتوفي ودفن بدمشق في تربته)( ).
7- إيجاد الأعذار للمخالفين:
كثيرا ما كان مولانا خالد يقوم بإيجاد الأعذار لمخالفيه وخصومه، فكان ذلك يشكّل دافعاً إضافيّا لهم لترك الخصومة والخلاف، أو التخفيف منها على أقلّ تقدير، وهو ما حدث فعلاً في خصومته مع الشيخ معروف النودهي حيث برّر مولانا خالد لتلك الخصومة بعدّة مبررات أشار إلى بعضها في رسالة براءة الذمة التي كتبها للشيخ معروف النودهي وجاء فيها: (وبعد: ...وإظهار الأسف على ما صدر منكم في حقّ الفقير على سبيل الاتفاق، بسعاية أرباب الأغراض وأهل الشقاق، ...ولا يخفى عليكم أن السبب الأصلي لهذه الوحشة إنما هو ترك التردد وتقليد أقاويل الناس)( ).
لقد ذكر مولانا خالد في هذه الرسالة مجموعة من الأعذار والمبررات التي أدّت إلى حدوث الجفاء، والخلاف بينه وبين الشيخ معروف النودهي منها: سعي أرباب الأغراض السيئة، والمفسدين من الناس ومن أهل الوشاية للوقيعة بينهما، كما بين مولانا خالد أنّ سبب تمكن الوشاة من تحقيق أهدافهم هو عدم تواصلهما ـ أي هو والشيخ معروف النودهي ـ وبعدهما عن بعضهما، وبين أنهما لو التقيا واجتمعا وسمعا من بعضهما البعض لما حدث بينها ما حدث، يقول الإمام الغزالي في حقّ إيجاد العذر للآخرين: ((أما زلّته في حقّه بما يوجب إيحاشه فلا خلاف في أنّ الأولى العفو والاحتمال، بل كل ما يحتمل تنزيله على وجه حسن ويتصور تمهيد عذر فيه قريب أو بعيد فهو واجب بحقّ الأخوّة، فقد قيل: ينبغي أن تستنبط لزلّة أخيك سبعين عذرا؛ فإن لم يقبله قلبك فردّ اللوم على نفسك، فتقول لقلبك: ما أقساك! يعتذر إليك أخوك سبعين عذرا فلا تقبله فأنت المعيب لا أخوك))( ).
8- الدعوة إلى المناظرة والحوار المباشر:
من خلال المناظرة والحوار المباشر تتجلى الكثير من الأمور والمسائل التي ربّما كانت خافية على طرف من أطراف الخلاف أو كليهما، ومن خلال المناظرة يتسنّى لطرفي النزاع عرض حججهما ومناقشة بعضهم البعض، وبالتالي الخروج بنتيجة معيّنة، بخلاف أسلوب التهجّم وكيل التهم للطرف المقابل عن بعد وفي المجالس العامة والخاصة، لذلك كان مولانا خالد يلجأ إلى هذه الوسيلة في بعض الأحيان، ومنها على سبيل المثال: ما جاء في الرسالة التي بعث بها إلى عثمان بك شقيق محمود باشا بابان حيث جاء فيها: (...وزيادة على ذلك فإنّه يتم في مجلسك التفوّه بكلمات غير لائقة في حقّنا، بالإضافة إلى نقل آلاف الأكاذيب إلى وكلاءكم، باختصار: إذا كان هناك داعٍ للطريقة النقشبندية فهو أنا، وإذا كان هناك من يستجيب للحوار والمناظرة فهو أنا، لذا فإن كان أولئك العلماء الذين ينكرون عليّ صادقين بأنهم يقومون بذلك في سبيل الله فإنّ شأن العلماء ليس السب والغيبة، أرجو منك أن تقوم بإخماد نار هذه الفتنة، وقم باصطحاب الشيخ معروف، وملا صالح، والشيخ عبد الرحيم وهم من العلماء الكبار، فإن أبوا المجيء إلى قرية (سركت) فليأتوا إلى مدينة (طولعةنبةر) [خورمال] وأنا أيضا سأحضر إلى هناك وسأتحدث إليهم بحضوركم فإن تبيّن بأنهم كانوا يفعلون ما يفعلون حسداً وبغضاً فبها وإلاّ فإنّ دعوتي للمشيخة دعوة باطلة ولا أساس لها)( ).
لقد كان مولانا خالد النقشبندي رحمه الله يفضّل الحوار المباشر، واللقاء وجهاً لوجه على توجيه الكلام إلى الآخرين عن طريق طرف ثالث، لأنّ الذي ينقل الكلام قد لا يكون دقيقاً في نقله، وكثيرا ما يتغير المعنى رأساً على عقب بمجرد تبديل تعبيرات قليلة، أو إسقاطها، لذا كان مولانا خالد يدعو خصومه دوما إلى الحوار واللقاء المباشر وبحضور كبار العلماء وطلبة العلم ليكونوا هم أيضاً على بيّنة من أمرهم، ومعرفة الحقائق من أفواه الخصمين بشكل مباشر.
9- اتخاذ الموقف الحاسم مع بعض الخصوم:
بالرغم من أن مولانا خالد كان يتحلّى بنفس طويل مع خصومه، ويستعين بشتى الوسائل للتوصل معهم إلى ثوابت مشتركة، والعمل من أجل التقارب وترك الخصومة، والبدء بفتح صفحة جديدة كما مرّ معنا قبل قليل، بالرغم من ذلك فإنه قد لجأ مع بعضهم إلى حسم الموقف لإدراكه بأنه الحل الأنسب للتعامل مع مثل هؤلاء، ومن ذلك ما حدث مع (عبد الوهاب الشوشي)( ) فقد ورد في رسالة له بعث بها إلى (ملا يحيى المزوري) جاء فيها: (...وأسلّم على أولادكم الأمجاد وأخص محمد أمين، وعبد الرحمن بينهم( )...وأخبر الكلّ بأني كنت أتفرس بعض الدسائس في عبد الوهاب السوسي [كذا والصواب الشوشي] قبل هذا بسنتين، وقد أدرك بعضهم هذا من شواهد حالي وعرض مقالي مرارا، إلاّ أن الإدراكات الباطنية عند أهل الاستقامة لا تصير حجة على شيء، فأبقيناه على حاله، وكنت أتعرّض له في بعض الخلوات، وهو يرضيني بالحلف، والمواعيد، والتوبة، وأنا أتركه رجاء في صلاح حاله، إلى أن وفقني الله تعالى للمهاجرة إلى دمشق الشام، فخاف من هذا وبالغ في الجهد أن لا يتوجه إلي ولا يجالسني ولا أحدا من المعتبرين عندي بلا واسطة أحد من مريدي الأتراك لئلا يحصل الاطلاع على ما كان يلتبس عليّ مما كنت أتفرس فيه من الحيل والدسائس ...فطردته وأتت مكاتيب جميع المخلصين في الدولة العليّة وغيرها بالتبرّي منه وقطع العلاقة عنه ومحو اسمه من السلسلة والختم، وظهرت من حركاته ما يتعجب منه غفر الله تعالى لنا وله)( ).
يبدو من الرسالة السابقة التي بعث بها مولانا خالد النقشبندي إلى الملا يحيى المزوري أنّ مولانا خالد قد استنفذ كل السبل في إصلاح عبد الوهاب الشوشي لذلك لجأ إلى هجره وقطع العلاقة معه، ويبدو لي أيضا أنّ قطع العلاقة معه لم يكن بسبب عدم امتثاله لأوامر مولانا خالد، بل كان السبب أنّه كان يجمع حوله الأتباع والمريدين باسم مولانا خالد، وباسم الطريقة النقشبنديّة، وكان يعمل على تأسيس طريقة خاصّة به بعيداً عن مولانا خالد وطريقته، لهذا السبب رأى مولانا خالد أنّ أفضل طريقة لقطع دابر دسائسه و حيله هو قطع العلاقة معه، وإبلاغ جميع خلفائه ومريديه في جميع الأقاليم بذلك القرار.
أهم الاستنتاجات
لقد توصّلت من خلال هذه الدراسة إلى الاستنتاجات الآتية:
أولاً: إنّ مولانا خالد النقشبندي هو واحد من أبرز العلماء والمفكرين الكرد الّذين تمكنوا من تخطّي الحاجز الكوردستاني، فقد أثبت وجوده بجدارة خارج حدود كردستان واشتهر هناك كشهرته بين الكرد بل وأكثر في بعض الأحيان حيث ذاع صيته في شتّى البلدان، وملأت أخباره الآفاق.
ثانياً: لقد فقد ما لا يحصى من الآثار العلميّة، والنتاجات الفكريّة لعلماء الكرد بسبب الظروف الاستثنائية التي مرت بها كوردستان من حروب، وهجرات جماعية، واحتلال للبلدان، أما علماء الكرد الذين خرجوا من كردستان وتوجّهوا إلى بلدان أخرى فقد حظيت نتاجاتهم العلمية والأدبية والفكرية بالحفظ والأمان والرعاية، ولم ينلها ما نالت نتاجات أقرانهم الذين لم تتهيأ لهم الظروف أو لم يرغبوا في الابتعاد عن موطنهم كردستان لسبب أو لآخر.
ثالثاً: لقد كان مولانا خالد يتمتع بهمّة عالية، وإرادة متينة جدّاً بغية طلب العلم حيث أنه ما أن يتبادر إلى ذهنه أو يصل إلى سمعه وجود عالم معتبر في منطقة ما حتى يشدّ الرحال ويتوجه إليه لكي يدرس على يديه ويتعلم منه( )، فانتقاله من قريته إلى السليمانية، ثمّ توجهه إلى كل من كويه وحرير، وذهابه بعد ذلك إلى بغداد، وعودته منها وسفره إلى سنندج في إيران، وعودته ثانية وسفره إلى كل من الموصل وديار بكر والشام وفلسطين ومنها إلى الحجاز حيث مكة المكرمة والمدينة المنورة، وبعد رجوعه من أداء فريضة الحج سفره إلى الهند وما مرّ بها من مدن ومدارس علميّة كلّ ذلك إن دلّ على شئ فإنما يدل على قوّة الإرادة، والهمّة العالية اللتين كان مولانا خالد يتمتع بهما.
رابعاً: لقد اتخذ مولانا خالد من السليمانية نقطة ارتكاز لا ينفك من العودة إليها بعد كلّ رحلة، وعندما يكون في رحلة بعيدا عن وطنه نراه يتحسس أخبار موطنه من خلال المراسلات التي كانت تجرى بينه وبين زملائه وشيوخه وأقاربه، وعندما أحسّ بقرب أجله في دمشق الشام أوصى أن تكتب على قبره عبارة (هذا قبر الغريب خالد)، وكتب من الشام رسالة إلى مريده محمد نجيب أفندي خاطبه بعد البسملة: (من المسكين الكئيب خالد الغريب إلى مخلصه محمد نجيب)( ).
فمولانا خالد النقشبندي رحمه الله رغم كون أهل الشام قد أحبوه وتفانوا في حبه وصاهروه ولم يقصّروا في حقّه وغمروه بالرعاية والاهتمام البالغين، رغم ذلك كله فإنه كان يحنّ إلى وطنه كردستان، ويعتبر نفسه غريبا لأنه كان بعيدا عن موطنه ومسقط رأسه ومرتع طفولته وفتوته.
خامساً: لقد كانت المرحلة الأولى من حياة مولانا خالد وهي فترة طفولته إلى سنة 1811م فترة هدوء واستقرار مقارنة بالفترة التي تلت سنة 1811، ففي المرحلة الأولى كان مولانا خالد رحمه الله مشغولا بطلب العلم والسعي الجاد للتفوق على سائر أقرانه، والعمل ليل نهار لطلب العلم والارتقاء في درجاته بحيث أنه لم يجد فسحة للاشتغال بالأمور الأخرى، بينما تتسم المرحلة الثانية بالصراع والمواجهة مع أطراف عدّة.
سادساً: إنّ الخروج الأخير لمولانا خالد النقشبندي من السليمانيّة وتوجهه نحو بلاد الشام لم يكن هروبا كما يراه الكثير من الباحثين، بل كان خروجه ـ حسب ما تبيّن لي ـ بمحض اختياره وإرادته، ويكفي دليلاً على ذلك أنّ مولانا خالد بعد خروجه من السليمانية وتوجهه نحو بغداد وقبل انتقاله منها إلى الشام عاد إلى مصيف (أورامان) في منطقة شهرزور عدة مرات لقضاء فصل الصيف هناك، ثم إنه انتقل من ذلك المصيف إلى الشام عن طريق الموصل دير الزور حلب، فلو كان خروج مولانا خالد من السليمانية هروبا كما يدعي البعض لما تجرّأ على العودة إلى المنطقة بعد ذلك!!
سابعاً: لقد كان مولانا خالد النقشبندي ينوي العودة إلى السليمانيّة مرّة أخرى إلاّ أنّ وفاته في بلاد الشام قد حال دون تحقيق أمنيته تلك.
الهوامش
( ) محمد علي القرداغي، ورود الكرد في حديقة الورود، ط1، دار آراس، إقليم كردستان ـ العراق، 2002، ص5.
( ) رحلة أوليا جلبي في كوردستان عام 1065هـ ـ 1655م، ترجمة: رشيد فندي، ط1، مطبعة خاني، إقليم كردستان العراق، ص317.
( ) أنظر: محمد زكي حسين أحمد، إسهام علماء كوردستان في الثقافة الإسلاميّة، ط1، دار ئاراس للطباعة والنشر، إقليم كوردستان العراق، ص15.
( ) أنظر: حسين حسن كريم، إجازات مولانا خالد النقشبندي العلمية والتصوفية، ط1، مطبعة آراس، أربيل، العراق، ص46 وما بعدها.
( ) شهرزور بلدة قريبة من السليمانية، وقد أنجبت هذه البلدة العشرات من خيرة علماء الكرد وفي شتى المجالات ومنهم على سبيل المثال: ابن الصلاح الشهرزوري، وعبد القهار بن الحسن الشهرزوري، وعبد الكريم بن علي الشهرزوري، والقاسم بن مظفر الشهرزوري، وكمال الدين أبو الفضل الشهرزوري وغيرهم كثير. أنظر: عبد المجيد الخاني، الحدائق الورديّة في حقائق أجلاء النقشبنديّة، ص 304.
( ) أحمد محمد أحمد، أكراد الدولة العثمانية، ط1، دار سبيريز للطباعة والنشر، كوردستان العراق ـ دهوك، ص143.
( ) هناك من يرجح أنّ سنة ولادة مولانا خالد النقشبندي كانت سنة 1776م ومنهم (أسعد صاحبي) ابن أخ مولانا خالد.
( ) محمد زكي حسين أحمد، إسهام علماء كوردستان في الثقافة الإسلاميّة،81.
( ) عبد المجيد الخاني، الحدائق الورديّة في حقائق أجلاء النقشبنديّة، ط2، دار آراس، إقليم كردستان العراق ـ أربيل، 2002، ص303.
( ) هو الشيخ عبد الكريم بن الشيخ قاسم بن الشيخ حسين البرزنجي، تربى وترقى واستوى وتضلع في العلوم العقلية والنقلية بتمامها، وبعد تخرجه سكن في مسجد عبد الرحمن باشا المشهور الآن بمسجد بابا علي في السليمانيّة، وكان له دور مشرف وخدمات علميّة مشرّفة، وتخرج على يده جماعة من الفضلاء، ودرس حضرة مولانا خالد النقشبندي مدة عنده في بيارة أيام تحصيله للعلوم، توفي سنة 1213هـ. نقلاً عن: عبد الكريم المدرس، علماؤنا في خدمة العلم والدين، ص321.
( ) هو عبد الرحمن باشا ابن محمد باشا بن خالد باشا، أصبح حاكم الإمارة البابانية الكردية بعد انفصال إبراهيم باشا في (1204هـ) وبقي فيها ثماني سنوات ثم عزل وسكن بغداد ولكنه رجع إلى الإمارة بعد وفاة إبراهيم باشا سنة (1217هـ)، توفي سنة (1228هـ). نقلاً عن: الدكتور محمد علي الصويركي، معجم أعلام الكرد، ص410.
( ) هو الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ قاسم بن الشيخ حسين البرزنجي، كان من فضلاء العلماء المدرسين، وأقام ببلدة السليمانية، ودرّس الطالبين، وخرجهم، ونفع المسلمين بالإرشاد والوعظ ونشر أحكام الدين، وهو أخو الشيخ عبد الكريم البرزنجي المشهور، وبقي بعد وفاة أخيه سنين ثمّ وافاه الأجل في السليمانية، ولم أعثر على تاريخ وفاته رحمه الله. نقلاً عن: عبد الكريم المدرس، علماؤنا في خدمة العلم والدين، ص286.
( ) حسين حسن كريم، إجازات مولانا خالد النقشبندي العلمية والتصوفية، ص48.
( ) هو عبد الرحيم الملقب بصبغة الله الزياري نسبة إلى قرية زيارة على وزن تجارة وهي قرية قريبة من مركز قضاء (شقلاوة) وهو ابن الملا مصطفى الزياري المعدود من كبار العلماء، ولادته ووفاته ليست مضبوطة عندي، ويظهر من بعض القرائن أنه ولد في حدود ألف ومائة وثمانين هجرية. نقلاً عن: عبد الكريم المدرس، علماؤنا في خدمة العلم والدين، ص284.
( ) عبد المجيد الخاني، الحدائق الورديّة في حقائق أجلاء النقشبنديّة، ص 304.
( ) أنظر: عبد المجيد الخاني، الحدائق الورديّة في حقائق أجلاء النقشبنديّة، ص 304.
( ) أنظر: حسين حسن كريم، إجازات مولانا خالد النقشبندي العلمية والتصوفية، ص49.
( ) الأسطرلاب هو آلة يقيس بها الفلكيون ارتفاع الكواكب، أنظر: معلوف، الأب، منجد الطلاب، ط2، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1952، ص9.
( ) هو الشيخ محمد قسيم بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمود المردوخي، ولد سنة (1143هـ) في سنندج، نشأ في بيت علم معروف، وتدرج في مراتب العلم، وأخذ الإجازة من العالم الكبير الملا عبد القادر كوراني، توفي سنة (1234هـ) في سنندج في كردستان إيران.
( ) حسين حسن كريم، إجازات مولانا خالد النقشبندي العلمية والتصوفية، ص49.
( ) أنظر: محمد علي الصويركي، معجم أعلام الكرد، مطبعة مؤسسة حمدي للطبع والنشر، السليمانية – العراق، ص246.
( ) أنظر: ئيبراهيم فةتاح، نامة عةرةبييةكانى مةولانا خاليدى نةقشبةندى، ضاثى يةكةم، ضاثخانةى ئاراس، هةوليَر، لاثةرِة19.
( ) أنظر: محمد علي الصويركي، معجم أعلام الكرد، ص246.
( ) ينظر: عبد الكريم المدرّس، يادى مه ردان (تذكار الرجال)، من منشورات المجمع العلمي الكردي، بغداد، 1979، ص23 وما بعدها. و عقيدة الإيمان ـ العقيدة الكردية، جمع وتلخيص خالد الشهرزوري النقشبندي، تعريف وبحث كمال رؤوف محمد، ط1، دار آراس، إقليم كردستان العراق ـ أربيل، 2004، ص75 وما بعدها.ونزار أباظة، الشيخ خالد النقشبندي العالم المجدد حياته وأهم مؤلفاته، ط1، دار الفكر، دمشق، 1998، ص9. ومحمد الخال، الشيخ معروف النودهي البرزنجي، دار مطبعة التمدن، بغداد، ص38 وما بعدها. وكذلك عبد المجيد الخاني، الحدائق الورديّة في حقائق أجلاء النقشبنديّة، ط2، دار آراس، إقليم كردستان العراق ـ أربيل، 2002، ص303.
( ) أنظر: محمود الدرّة، القضية الكرديّة، ط2، دار الطليعة، بيروت، 1966، ص81 وما بعدها.
( ) أنظر: حسين ناظم بيك، تاريخ الإمارة البابانيّة، ترجمة: شكور مصطفى ومحمد الملا عبد الكريم المدرس، ط1، مؤسسة موكرياني للطباعة والنشر، سنة 2001م، ص297 وما بعدها.
( ) أنظر: محمد أمين زكي، خلاصة تاريخ الكرد وكردستان، ترجمة محمد علي عوني، ط2، 1961م، ص219 وما بعدها.
( ) يبدو أنّ داء الكرد منذ القدم وإلى يومنا هذا ـ للأسف الشديد ـ هو الانقسام والشقاق والاستعانة بالغرباء بل وحتى أعداء الأمس على حرب الإخوة ومحاولة القضاء عليهم، وقد أعاد التاريخ نفسه عشرات المرات مع الكرد بخصوص هذا الداء الخبيث، هذا وقد أشار الأستاذ سعيد النورسي (1876ـ1960) إلى ذلك في مقالة له بعنوان (أيها الكرد) نشرت في صحيفة (كرد تعاون وترقي) حدد فيها داء الكرد بثلاثة أشياء: الفقر، والجهل، والشقاق والنزاع بين الإخوة الأعداء، وهذا الأمر هو الذي دفع بالشاعر الكردي المعروف (أحمدى خانى) إلى القول:
طةر دى هةبوا مة ئتتفاقةك
ظيكرا بكرا مة ئنقيادةك
تةكميل دكر مة دين و دةولةت
تةحصيل دكر مة عيلم و حيكمةت
روم و عةرةب و عةجةم ب تةمامى
هةميا ذ مة را دكر غولامى
( ) محمد الخال، الشيخ معروف النودهي البرزنجي، ص33.
( ) نقلا عن: محمد الخال، الشيخ معروف النودهي البرزنجي، ص57.
( ) بطرس أبو منه، دراسات حول مولانا خالد والخالدية، ط1، مطبعة آراس، سنة2009م، ص10.
( ) حسين حسن كريم، إجازات مولانا خالد النقشبندي العلمية والتصوفية، ص63.
( ) أنظر: ئيبراهيم فةتاح، نامة عةرةبييةكانى مةولانا خاليدى نةقشبةندى، لاثةرَة29.
( ) ينظر: عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص37.
( ) أنظر: عبد المجيد الخاني، الحدائق الورديّة في حقائق أجلاّء النقشبنديّة، ص315 وما بعدها.
( ) محمد علي الصويركي، معجم أعلام الكرد، ص247.
( ) أنظر: هةلكةوت حةكيم، رِيَبازى سوَفيطةرى نةقبةندى _ خاليدى، ضاثى يةكةم، ضاثخانةى ئاراس، سالى 2009، لاثةرِة 54.
( ) أنظر: حسين حسن كريم، إجازات مولانا خالد النقشبندي العلمية والتصوفية، ص64.
( ) أنظر: عبد المجيد الخاني، الحدائق الورديّة في حقائق أجلاّء النقشبنديّة، ص325.
( ) أنظر: : ئيبراهيم فةتاح، نامة عةرةبييةكانى مةولانا خاليدى نةقشبةندى، لاثةرِة 31.
( ) الجدير بالذكر هو أن مولانا خالد قد عاد إلى كردستان لقضاء فصل الصيف عدة مرات وذلك في الفترة ما بين سنة 1820 و1822 أي في فترة ما بين خروجه من السليمانية وانتقاله إلى الشام كما ورد في الرسالة التي أرسلها إلى العلامة صدر الدين محمد أسعد الحيدري الماوراني والتي جاء فيها: (...وبعد ما سمعنا أن محمود باشا حاكم بابان يريد أن يرسل إلينا قاضي السليمانية مع أشخاص أخر معتبرين يدعونا إلى البلد لاستمالة قلوبنا والاعتذار عما سلف منهم في حق الفقير انتقلنا من قريتنا إلى (أورامان) من مضافات (سنة) ثم بلغنا أنه فسخ عزيمته حيث منعه بعض من لا يخفى عليكم من علماء السليمانية فاسترحنا بحمد الله عن تكليف مدافعة مأمولهم وتجشم محاورة رسولهم). نقلا عن: عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص383.
( ) أنظر: مةولانا خالد، مةكتوبات، دكتور سةباح بةرزنجى وةريطيَرِاوة و ثةراويَزى بوَ داناوة، ضاثى يةكةم، ضاثخانةى ئاراس، سالَى 2009، لاثةرِة13.
( ) أنظر: حسين حسن كريم، إجازات مولانا خالد النقشبندي العلمية والتصوفية، ص67.
( ) بطرس أبو منه، دراسات حول مولانا خالد والخالدية، ص13.
( ) محمد علي الصويركي، معجم أعلام الكرد، ص247.
( )محمد الخال، الشيخ معروف النودهي البرزنجي، ص33.
( ) أنظر: عبد المجيد الخاني، الحدائق الورديّة في حقائق أجلاّء النقشبنديّة، ص313.
( ) بطرس أبو منه، دراسات حول مولانا خالد والخالدية، ص20.
( ) أنظر: هةلكةوت حةكيم، رِيَبازى سوَفيطةرى نةقبةندى _ خاليدى، لاثةرِة 47.
( ) المصدر نفسه، ص48 وما بعدها.
( ) كلوديوس جيمس ريج، رحلة ريج في العراق عام 1820، ج1، نقلها إلى العربية بهاء الدين نوري، مطبعة السكك الحديدية، بغداد، 1951، ص227.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص372.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص353.
( ) رواه الإمام البخاري بصيغة: ((لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين)) في صحيحه، كتاب الأدب، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، تحت رقم 6133.
( ) هو الملا عبد الله الثاني الجلي بن الملا عبد الرحمن الجلي بن الملا عبد الله الأول بن الملا محمد المشهور بملا زاده، ولد في قرية (جلي) التي انتقل إليها والده الملا عبد الرحمن الجلي من قرية (شيو آشان) في قضاء رانية، وبعد وفاة والده الملا عبد الرحمن في تاريخ ألف ومائتين وسبع عشرة، قام مقامه في التدريس وخدمة الدين، توقي سنة ألف ومائتين وسبع وأربعين في قصبة (كوى سنجق) رحمه الله تعالى. نقلاً عن: عبد الكريم المدرس، علماؤنا في خدمة العلم والدين، ص350.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص386.
( )الخَلِيل بن أحمد (100 - 170 هـ = 718 - 786 م) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي، أبو عبد الرحمن: من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، أخذه من الموسيقى وكان عارفا بها. وهو أستاذ سيبويه النحويّ.ولد ومات في البصرة، وعاش فقيرا صابرا. كان شعث الرأس، شاحب اللون، قشف الهيئة، متمزق الثياب، متقطع القدمين، مغمورا في الناس لايعرف. قال النَّضْر بن شُمَيْل: ما رأى الرأوون مثل الخليل ولا رأى الخليل مثل نفسه. له كتاب (العين - خ) في اللغة (2) و (معاني الحروف - خ) و (جملة آلات العرب - خ) و (تفسير حروف اللغة - خ) وكتاب (العروض) و (النقط والشكل) و (النغم). نقلاً عن: خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي (المتوفى: 1396هـ)، الأعلام، ط15، دار العلم للملايين، أيار مايو 2002م، ج2، ص314.
( ) سورة ص، الآية 21.
( ) الفراهيدي، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم البصري، (ت170ه)، كتاب العين، تحقيق: د مهدي إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، ج4، ص191.
( ) ابن مَنْظُور (630 - 711 هـ = 1232 - 1311م) محمد بن مكرم بن علي، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعي الإفريقي، صاحب (لسان العرب) : الإمام اللغوي الحجة. من نسل رويفع بن ثابت الأنصاري. ولد بمصر (وقيل: في طرابلس الغرب) وخدم في ديوان الإنشاء بالقاهرة. ثم ولي القضاء في طرابلس.وعاد إلى مصر فتوفي فيها، وقد ترك بخطه نحو خمسمائة مجلد، وعمي في آخر عمره.قال ابن حجر: كان مغرى باختصار كتب الأدب المطوّلة. وقال الصفدي: لا أعرف في كتب الأدب شيئا إلا وقد اختصره. أشهر كتبه (لسان العرب - ط) عشرون مجلدا، جمع فئه أمهات كتب اللغة، فكاد يغني عنها جميعا. ومن كتبه (مختار الأغاني - ط) 12 جزءا، و (مختصر مفردات ابن البيطار - خ) و (نثار الأزهار في الليل والنهار - ط) أدب، وهو الجزء الأول من كتابه (سرور النفس بمدارك الحواس الخمس - خ) في مجلدين، هذب فيهما كتاب (فصل الخطاب في مدارك الحواس الخمس. نقلاً عن: خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي (المتوفى: 1396هـ)، الأعلام، ط15، دار العلم للملايين، أيار مايو 2002م، ج7، ص108.
( ) سورة ص، الآية 21.
( ) ابن منظور، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل جمال الدين الأنصاري الرويفعى الإفريقى، (ت711هـ)، لسان العرب، ط3، دار صادر، بيروت _ لبنان، 1414ه، ج12، ص180.
( ) ابن فارِس (329 - 395 هـ = 941 - 1004 م)أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازيّ، أبو الحسين: من أئمة اللغة والأدب. قرأ عليه البديع الهمذاني والصاحب ابن عباد وغيرهما من أعيان البيان. أصله من قزوين، وأقام مدة في همذان، ثم انتقل إلى الريّ فتوفي فيها، وإليها نسبته. من تصانيفه (مقاييس اللغة - ط) ستة أجزاء، و (المجمل - خ) طبع منه جزء صغير، و (الصاحبيّ - ط) في علم العربية، ألفه لخزانة الصاحب ابن عباد، و (جامع التأويل) في تفسير القرآن، أربع مجلدات، و (النيروز - ط) في نوادر المخطوطات، و (الإتباع والمزاوجة - ط) و (الحماسة المحدثة) و (الفصيح) و (تمام الفصيح) و (متخير الألفاظ - ط) و (ذمّ الخطأ في الشعر - ط) و (اللامات - ط) و (أوجز السير لخير البشر - ط) في 8 صفحات، و (كتاب الثلاثة - خ) في الكلمات المكونة من ثلاثة حروف متماثلة، وله شعر حسن. نقلاً عن: خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي (المتوفى: 1396هـ)، الأعلام، ط15، دار العلم للملايين، أيار مايو 2002م، ج1، ص193.
( ) الرازي، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني أبو الحسين، (ت 395هـ)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت _ لبنان، 1399هـ - 1979م، ج2، ص187
( ) الفِيرُوزَابادي (729 - 817 هـ = 1329 - 1415 م) محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر، أبو طاهر، مجد الدين الشيرازي الفيروزآبادي: من أئمة اللغة والأدب. ولد بكارزين (بكسر الراء وتفتح) من أعمال شيراز. وانتقل إلى العراق، وجال في مصر والشام، ودخل بلاد الروم والهند. ورحل إلى زبيد (سنة 796 هـ فأكرمه ملكها الأشرف إسماعيل وقرأ عليه، فسكنها وولي قضاءها. وانتشر اسمه في الآفاق، حتى كان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير، وتوفي في زبيد. أشهر كتبه (القاموس المحيط - ط) أربعة أجزاء. و (المغانم المطابة في معالم طابة - ط) القسم الجغرافي منه، حققه ونشره حمد الجاسر، وبقية الكتاب مخطوطة عنده. وينسب للفيروزابادي (تنوير المقباس في تفسير ابن عباس - ط) وله (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ط) و (نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان) و (الدرر الغوالي في الأحاديث العوالي) و (الجليس الأنيس في أسماء الخندريس - خ) و (سفر السعادة - ط) في الحديث والسيرة النبويّة و (المرقاة الوفية في طبقات الحنفية - خ) وكان شافعيا، و (البلغة في تاريخ أئمة اللغة - خ) و (تحبير الموشين في ما يقال بالسين والشين - ط) و (المثلث المتفق المعنى - خ) و (الإشارات إلى ما في كتب الفقه من الأسماء والأماكن واللغات - خ) و (نغبة الرشاف من خطبة الكشاف - خ) رسالة. وكان قوي الحافظة، يحفظ مئة سطر كل يوم قبل أن ينام. وللشيخ رمضان بن موسى العطيفي (ريّ الصادي في ترجمة الفيروزآبادي - خ) ذكره تيمور). نقلاً عن: خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي (المتوفى: 1396هـ)، الأعلام، ط15، دار العلم للملايين، أيار مايو 2002م، ج7، ص146.
( ) سورة يس، الآية 49.
( ) الفيروزآبادي، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى، (ت 817هـ)، القاموس المحيط، ط8، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، 1426 هـ - 2005 م، ج1،ص1102.
( ) سورة الحجرات، الآية 6.
( ) رواه البخاري في كتاب المظالم، ج3، 101، باب 15.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص431.
( ) الإمام حجة الإسلام أبي حامد محمد الغزالي الطّوسي، (ت 505هـ)، إحياء علوم الدين، اعتنى بتنقيحه وضبط كلماته وتخريج أحاديثه د. عبد الله الخالدي، ط1، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1419هـ ـ 1998م، ج3، ص147.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص396.
( ) روا الإمام مسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب السلام، تحت رقم 5710.
( ) رواه الترمذي في كتاب البر، ج4/350.
( ) سورة فصّلت، الآية 34.
( ) رواه الإمام البخاري في صحيحه، في كتاب الأذان والإقامة، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، تحت رقم 750.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص373.
( ) الشيخ اسماعيل الأناراني كان واحدا من أحب مريدي مولانا خالد النقشبندي، خدم مولانا خالد بعد عودة هذا الأخير من بلاد الهند إلى آخر يوم من حياته، توفي سنة 1827م بعد (24) يوماً من وفاة مولانا خالد النقشبندي.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص413.
( ) سورة آل عمران، الآية 134.
( ) رواه الإمام ابن ماجه في سننه، في كتاب الزهد، باب الحلم، تحت رقم 4186.
( ) الإمام حجة الإسلام أبي حامد محمد الغزالي الطّوسي، (ت 505هـ)، إحياء علوم الدين، ج3، ص225.
( ) هو يحيى بن حسين المزوري، نشأ ببلاده، وأخذ العلم على عدة مشايخ منهم العلامة الشريف عاصم بن إبراهيم الحيدري، ودرس العلوم النقلية والعقلية وكتب الحديث سبعين مرة، وأخذ الطريقة النقشبندية عن شيخنا قطب العارفين حضرة مولانا خالد، وكان حضرة مولانا خالد كثير المحبة وكثير الاحترام له، وكانت وفاته في بغداد سنة ألف ومائتين وخمسين. نقلاً عن: عبد الكريم المدرس، علماؤنا في خدمة العلم والدين، ص621.
( ) د.جواد فقي علي الجوم حيدري، الشيخ خالد النقشبندي ومنهجه في التصوف، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى جامعة بغداد ـ كلية العلوم الإسلامية، سنة 1997م، 370.
( ) سورة الحجرات، الآية6.
( ) القسطنطينية هو الاسم القديم لمدينة استانبول.
( ) عبد المجيد بن محمد الخاني، الحدائق الورديّة، ص314.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص396.
( ) الإمام حجة الإسلام أبي حامد محمد الغزالي الطّوسي، (ت 505هـ)، إحياء علوم الدين، ج2، 243.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص210.
( ) عبد الوهاب السوسي أو الشوشي، كان واحداً من خلفاء مولانا خالد النقشبندي إلاّ أنه قام بجمع الأتباع والمريدين حوله وكان يعمل على تأسيس طريقة خاصة به بعيدا عن سلطة وهيمنة مولانا خالد النقشبندي فقرّر هذا الأخير طرده من الطريقة النقشبندية وإبلاغ كافة خلفائه بذلك.
( ) كان لملا يحيى خمسة أولاد وهم: ملا أحمد، وملا محمد سليم، وملا عبد الله، وملا مصطفى، وملا عبد الرحمن الذي استشهد بأيدي بعض اليزيدية.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص362.
( ) لقد كان من دأب العلماء القدامى القيام بالترحال إلى الأماكن النائية جدّا لطلب العلم، وكانوا يعدون ذلك ميزانا من موازين التفاضل بين العلماء، فعندما كانوا يذكرون مناقب أحد العلماء كانوا يذكرون من ضمن ما يذكرون أسفاره، و ترحاله طلبا للعلم.
( ) عبد الكريم المدرس، يادى مه ردان، ص373.
المصادر و المراجع
1- - أباظه، نزار، الشيخ خالد النقشبندي العالم المجدد حياته وأهم مؤلفاته، ط1، دار الفكر، دمشق، 1998.
2- ابن ماجه، أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، بيت الأفكار الدوليّة، بيروت – لبنان، 2004.
3- ابن منظور، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل جمال الدين الأنصاري الرويفعى الإفريقى، (ت711هـ)، لسان العرب، ط3، دار صادر، بيروت _ لبنان، 1414ه، ج12.
4- أبو منّة، بطرس، دراسات حول مولانا خالد والخالدية، ط1، مطبعة آراس، سنة2009م.
5- أحمد، محمد أحمد، أكراد الدولة العثمانية، ط1، دار سبيريز للطباعة والنشر، كوردستان العراق ـ دهوك.
6- أحمد، محمد زكي حسين، إسهام علماء كوردستان في الثقافة الإسلاميّة، ط1، دار ئاراس للطباعة والنشر، إقليم كوردستان العراق.
7- البخاري، الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، د.ت.
8- بك، محمد أمين زكي، خلاصة تاريخ الكرد وكردستان، ترجمة محمد علي عوني، ط2، 1961م.
9- بيك، حسين ناظم، تاريخ الإمارة البابانيّة، ترجمة: شكور مصطفى ومحمد الملا عبد الكريم المدرس، ط1، مؤسسة موكرياني للطباعة والنشر، سنة 2001م.
10- الترمذي، الإمام محمد بن عيسى، سنن الترمذي، مكة المكرمة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، د.ت.
11- الجوم حيدري، د.جواد فقي علي، الشيخ خالد النقشبندي ومنهجه في التصوف، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى جامعة بغداد ـ كلية العلوم الإسلامية، سنة 1997م.
12- حةكيم، هةلكةوت، رِيَبازى سوَفيطةرى نةقبةندى _ خليدى، ضاثى يةكةم، ضاثخانةى ئاراس، سالى 2009.
13- الخال، محمد، الشيخ معروف النودهي البرزنجي، دار مطبعة التمدن، بغداد.
14- خالد، مةولانا، مةكتوبات، دكتور سةباح بةرزنجى وةريطيَرِاوة و ثةراويَزى بوَ داناوة، ضاثى يةكةم، ضاثخانةى ئاراس، سالَى 2009.
15- الخاني، عبد المجيد، الحدائق الورديّة في حقائق أجلاء النقشبنديّة، ط2، دار آراس، إقليم كردستان العراق ـ أربيل، 2002.
16- الدرّة، محمود، القضية الكرديّة، ط2، دار الطليعة، بيروت، 1966.
17- الرازي، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني أبو الحسين، (ت 395هـ)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت _ لبنان، 1399هـ - 1979م، ج2.
18- رحلة أوليا جلبي في كوردستان عام 1065هـ ـ 1655م، ترجمة: رشيد فندي، ط1، مطبعة خاني، إقليم كردستان العراق.
19- الزركلي، خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الدمشقي (المتوفى: 1396هـ)، الأعلام، ط15، دار العلم للملايين، أيار مايو 2002م، ج2.
20- الشهرزوري، خالد النقشبندي، عقيدة الإيمان ـ العقيدة الكردية، تعريف وبحث كمال رؤوف محمد، ط1، دار آراس، إقليم كردستان العراق ـ أربيل، 2004.
21- الصويركي، محمد علي، معجم أعلام الكرد، مطبعة مؤسسة حمدي للطبع والنشر، السليمانية – العراق.
22- الغزالي، الإمام حجة الإسلام أبي حامد محمد الغزالي الطّوسي، (ت 505هـ)، إحياء علوم الدين، اعتنى بتنقيحه وضبط كلماته وتخريج أحاديثه د. عبد الله الخالدي، ط1، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1419هـ ـ 1998م، ج3.
23- فةتاح، ئيبراهيم، نامة عةرةبييةكانى مةولانا خاليدى نةقشبةندى، ضاثى يةكةم، ضاثخانةى ئاراس، هةوليَر.
24- الفراهيدي، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم البصري، (ت170ه)، كتاب العين، تحقيق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، ج4.
25- الفيروزآبادي، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى، (ت 817هـ)، القاموس المحيط، ط8، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، 1426 هـ - 2005 م، ج1،.
26- القرداغي، محمد علي، ورود الكرد في حديقة الورود، ط1، دار آراس، إقليم كردستان ـ العراق، 2002.
27- كريم، حسين حسن، إجازات مولانا خالد النقشبندي العلمية والتصوفية، ط1، مطبعة آراس، أربيل، العراق.
28- كلوديوس جيمس ريج، رحلة ريج في العراق عام 1820، ج1، نقلها إلى العربية بهاء الدين نوري، مطبعة السكك الحديدية، بغداد، 1951.
29- المدرس، عبد الكريم، علماؤنا في خدمة العلم والدين، ط1، دار الحريّة للطباعة، بغداد، 1403هـ 1983م.
30- المدرس، عبد الكريم، يادى مه ردان (تذكار الرجال)، من منشورات المجمع العلمي الكردي، بغداد، 1979.
31- معلوف، الأب، منجد الطلاب، ط2، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1952.
32- النيسابوري، الإمام الحافظ أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، صحيح مسلم، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، د.ت.
ثوختة
ئةف ظةكولينة ل دوَر بابةتةكىَ طةلةك طرنط دزظرِيت ئةوذى سةرةدةريكرن و ثيَكظة ذيانا دطةل يىَ بةرامبةرة نةخاسمة يىَ هةظرِك و هةظدذ د بير و بوضونادا، دوبةرةكى د بيرو بوضونادا و هةبونا ثتر ذ بوضونةكىَ بةرامبةر دوزةكىَ يان بابةتةكى تشتةكىَ طةلةك سروشتى ية، بةلكى دياردةكا ساخلةم و ئةريَنى ية دطَةلةك بواران دا، لةو ثيَتظية ل سةر مة ئةم ب ضاظىَ ترسىَ و طومانىَ نة نيَرِينة كةسانيَن بيرو بوضونيَت وان د جودا دطةل مة، و ئةم وان ب دوذمن ل قةلةم نةدةين ذ بةر كو ئةف ضةندة دوبةرةكيىَ زيدةتر و بةرفرةه تر ليَدكةت د ناف بةرا مةدا، لةو يا باشتر ئةوة ئةم بةريَخو بدةينة بيرو بوضونيَت بةروظاذى بوضونيَت مة وةك ميكانزمةك بوَ دةولةمةند كرنا بابةتى، و ليَنيَرِينا بابةتى ب ثتر ذ نيَرِينةكىَ، طرنطيا ظى بابةتى يا د وىَ ضةندى دا كو ئةم د شيَين ئةزمونا مةولانا خالدىَ نةقشبةندى د سةرةدةريا وى دا دطةل هةفدذيَت وى ثةيرِوة بكةين و مفاى ذىَ وةربطرين بوَ ضارةسةركرنا طةلةك ذ ئاريشة و دوبةرةكييَت مة ييَت هةفضةرخ.
Abstract
This study concentrates in a sublime method or style in dealing and living with whom we are in disagreement, disputation and contradiction to certain cases and issues, Such contradictions or disagreements are considered to be positive and natural matters and a healthy phenomenon in many situations therefore we should not treat those people as enemies and not to suspect them, by doing such actions, the process will widen the gap of conflict among the partners in community, this approach encourages us to accept their views and ideas as a sort of enrichment for cases and issues, so we have to look at their opinions in different angles, This research shows the importance of the method of our master khalid al_naqeshabandi in dealing and treating with his opponents and disputants, thus we can use his method as an approach to solve plenty of our recent problems and disputations.